قال أنطونيو غوتيريش الأمين العام للأمم المتحدة إن المنظمة تواجه أضعف وضع نقدي لها منذ سنوات، وأشار إلى أن قيمة المستحقات غير المسددة يقارب 1.6 مليار دولار، ويُعيق التأخير المزمن من الدول الأعضاء في سداد المدفوعات المستحقة لميزانية الأممالمتحدة قدرة المنظمة على العمل. وأضاف خلال كلمته أمام اللجنة الخامسة للجمعية العامة للأمم المتحدة، المعنية بالشؤون الإدارية والميزانية، "لا تزال السيولة هشة، وسيستمر هذا التحدي بغض النظر عن الميزانية النهائية المعتمدة". وأشار إلى تقليص ميزانية العام المقبل و"الحجم غير المقبول للمتأخرات" المستحقة على الدول الأعضاء. وأعلن إنه بنهاية عام 2024 بلغ عدد المستحقات غير المسددة 760 مليون دولار معظمها لم يُدفع حتى الآن، ولم تتلقَ الأممالمتحدة بعد 877 مليون دولار من المساهمات المستحقة لعام 2025، ليصل إجمالي المتأخرات إلى حوالي 1.586 مليار دولار، مع بقاء أقل من خمسة أسابيع على نهاية العام، لم تسدد سوى 145 دولة من أصل 193 دولة عضوا في الأممالمتحدة مساهماتها لعام 2025 بالكامل. ولم يسدد مساهمون رئيسيون، مثل الولاياتالمتحدة وروسيا، ما عليهم بعد. وقال الأمين العام: " ناشدتُ الدول الأعضاء مرارا وتكرارا سداد اشتراكاتها المقررة بالكامل وفي الوقت المحدد". وحذر من أن العجز المالي يُجبر المنظمة على العمل بأقل بكثير من مستويات الميزانية المعتمدة. تخفيضات كبيرة في الإنفاق يأتي هذا التحذير في الوقت الذي تدرس فيه الدول الأعضاء التقديرات المُنقحة للميزانية العادية للأمم المتحدة لعام 2026، والتي تعكس بالفعل تخفيضات هيكلية كبيرة في إطار مبادرة الأممالمتحدة 80 للإصلاح - التي تهدف إلى تعزيز الكفاءة على مستوى المنظومة وتحديث العمليات وخفض التكاليف.
بموجب المقترح المُعدّل، ستبلغ الميزانية العادية للأمم المتحدة لعام 2026 ما يعادل 3.238 مليار دولار، بانخفاض قدره 577 مليون دولار - أي بنسبة 15.1% - مقارنة بعام 2025. وسيتم إلغاء حوالي 2681 وظيفة، أي بنسبة 18.8% عن العام الحالي. كما ستواجه البعثات السياسية الخاصة تخفيضات تزيد عن 21% مقارنة بمستويات عام 2025، ويعزى ذلك بشكل رئيسي إلى إغلاق البعثات وتبسيط هيكل التوظيف.
دمج ونقل الوظائف والمهام في إطار جهود التوفير، تخطط الأممالمتحدة لتوحيد عملية معالجة الرواتب في فريق عالمي واحد موزع على ثلاثة مراكز عمل، وإنشاء مراكز إدارية مشتركة بدءا بنيويورك وبانكوك. وتُجري الأمانة العامة أيضا مراجعة للوظائف التي يمكن نقلها إلى مواقع أقل تكلفة، منذ عام 2017، وفر إنهاء عقود الإيجار التي كانت المنظمة تدفعها في نيويورك 126 مليون دولار، مع توقع تحقيق توفير إضافي قدره 24.5 مليون دولار سنويا من عمليات الإغلاق الإضافية بحلول عام 2028. تشمل الخطة تكاليف إنهاء عقود ونقل لمرة واحدة بقيمة 5.4 مليون دولار، حيث تُستخدم برامج المغادرة الطوعية للحد من فقدان الوظائف غير الطوعي.
الوفود تدلي بآرائها راجعت اللجنة الاستشارية للمسائل الإدارية والميزانية التقديرات المُعدّلة المعروضة على اللجنة الخامسة للتفاوض قبل الموافقة على الميزانية في نهاية العام. وأشادت الدول الأعضاء بجهود الأمين العام في تقديم التقديرات المنقحة، وأقرت بالتحديات المستمرة التي تواجهها المنظمة في مجال السيولة، وأعربت عن دعمها لأمم المتحدة أكثر قوة ومرونة. مع ذلك، أعربت عدة وفود عن مخاوفها بشأن الجدول الزمني المختصر، محذرة من أن تأخر وصول الوثائق الرئيسية يعيق التدقيق الشامل. وحذر بعض الدبلوماسيين من أن التخفيضات المقترحة تقع على عاتق موظفي الخدمات العامة وصغار الموظفين أكثر من الوظائف العليا، مما يهدد التوازن الجغرافي وتجديد القوى العاملة. وحذر آخرون من أن تخفيضات الموظفين المقترحة تبدو غير متساوية عبر ركائز الأممالمتحدة الثلاث، مع تخفيضات أكبر تناسبيا في البرامج المتعلقة بالتنمية. إلا أن الأمين العام أكد أن ركيزة التنمية، بشكل عام، تواجه أقل تخفيض نسبي، مع حماية البرامج المتعلقة بأفريقيا إلى حد كبير، وأن أكبر التخفيضات تقع بدلا من ذلك على وظائف الدعم والإدارة الداخلية بدلا من التنفيذ المباشر.
وستتطلب الموافقة النهائية مصادقة الجمعية العامة بكامل هيئتها في وقت لاحق من هذا الشهر.