وُجِد الآشوريين قبل المسيح بسبعة آلاف سنة، وهم من أقدم الشعوب التى اعتنقت المسيحية منذ القرن الأول الميلادي. ساهموا فى نموّ هذه الديانة لاهوتيًا ونشرها فى مناطق آسيا الوسطى والهند والصين، سكنوا بلاد ما بين النهرين، العراقوسوريا وتركيا وبأعداد أقل فى إيران، إنهم الأشوريون محطّ أنظار العالم اليوم، بعد تعرّضهم لهجوم "داعش"، وأصبح الأشوريون بعد استقلال سورياوالعراق ينتمون إلى الأقليات الدينية الهامة فيهما. وشهد عام 2021 فى دارالبطريركية الآشوريّة فى أربيل (عاصمة إقليم كوردستان العراق) انتخاب الأسقف، مار آوا روئيل، أسقف غرب أمريكا،ليكون البطريرك ال 122 للكنيسة الآشوريّة، وتم ذلك خلال دورة خاصّة للمجمع المقدّس لكنيسة المشرق الآشوريّة وهذا بعد أن أعلن سلفه مار كيوركيس الثالث صليوا عن قراره بالتنحّى عن السدّة البطريركيّة لأسباب صحيّة. التقت «البوابة» الأسقف، مار آوا روئيل، فى هذا الحوار الذى تحدث فيه عن الأشوريين والكنيسة الأشورية والعديد من القضايا الأخرى... وإلى نص الحوار: ■ فى البداية نود معرفة سبب قلة عدد الأشوريين؟ المجازر التى حلّت بالأشوريين ابتداء من تيمورلنك فى القرن الرابع عشر مرورًا إلى بدر خان بداية القرن التاسع عشروصولًا إلى الحربين العالميتين والاضهاد الكبير من الدولة العثمانية، أدّى ذلك إلى تناقص أعدادهم، و"يبلغ عددهم اليوم حوالى 35 ألفا فى العراق و30 ألفا فى سوريا و1500 فى لبنان". واستطرد زومايا: خلال الحربين العالميتين هرب الأشوريون من العراقسورياوإيران وجورجيا من الهجمية العثمانية، حيث تم ذبح واضطهاد الأشوريين لاسيما السريانى الأرمنى منهم. ■ ومن هم الأشوريين فى العراق ونشأتهم؟ تعتبر الأشورية هى الأمة الأصيلة فى العراق، عام 612، وعندما سقطت المملكة الأشورية اندثر الأشوريون فى العالم وكان مركزهم فى الموصل والآن موجودين فى كل مكان بينما الموصل كانت العاصمة للأشوريين وإلى الآن مشهورة بهذا الاسم. ■ من المفترض أنك عراقى لماذا تتحدث الإنجليزية أو الأشورية؟ أنا ولدت بأمريكا وأبناء الأمة الأشورية فى أى مكان بالعالم يحافظون على اللغة الأشورية، فقط الجيلين الثانى والثالث يتحدثون اللغة الأشورية بالإضافة إلى اللغة الأم للبلد التى ينتمون لها. ■ كم تكون إحصائية الأشوريين على مستوى العالم ؟ نحن ليس لدينا إحصاء دقيق لمؤمنى كنيسة المشرق الأشورية فى العالم، ولكن يصل عدد الأشوريين فى العالم ما لا يقل عن نصف مليون شخص. ونؤمن أيضا أن أمّتنا أوسع، كذلك بأن أخوتنا الكلدان والسريان معنا كأشوريين نحن أبناء أمّة واحدة وشعب واحد، مع الأسف اسم هذه الأمّة مختلف اليوم لأسباب كثيرة على مر التاريخ ولكن نؤمن بأننا لدينا أصل واحد وجذورنا من أشور التى كانت عاصمتها مدينة نينوى التى هى الآن إحدى محافظاتالعراق وحتى اليوم. ■ بمناسبة الكلدان أو السريان المفروض أنهم تابعون لكنيسة واحدة لكن مختلفين؟ بماذا يختلفوا؟ بالنسبة للطائفة الكلدانية صار انشقاق عام 1552 بسبب انتمائهم لكنيسة الكاثوليكية والبطريرك ساكو هو رئيسها الحالى فهم فى الأصل من أبناء كنيسة المشرق وبعد الانشقاق صاروا الطائفة الكلدانية وكذلك السريان صار انشقاق قبل انشقاق الكلدان وكان فى 1431 أى قبل حوالى 1600 سنة. ■ لماذا تشهد الكنيسة الأشورية انشقاقا حتى الآن؟ صار الانشقاق بسبب الاختلاف على التقويم ( الكجنر،الليورين) عام 1968 وبعد وفاة البطريرك مار شمعون السابع الذى كان يقيم فى دير ربان هرمزد وبالتحديد فى عام 1551 م حدث انشقاق فى الكنيسة واتحدت مجموعة منهم مع روما بشكل خاص كاحتجاج ضد مبدأ الوراثة المحصور فى عائلة واحدة الذى أدخل إلى منصب البطريركية منذ نهاية القرن الخامس عشر وهكذا نشأت الكنيسة الكلدانية. ■ لماذا لم يتم توحيد الكنيسة لديك؟ كنيسة المشرق صار الانشقاق الأول للكلدان عام 1552 والثانى مع كنيسة الشرقية القديمة ومن عام 1984 حاولت كنيسة المشرق الأشورية باتحاد كنيسة الشرقية القديمة مع المشرق الأشورية والخلاف لا هو إيمانى أو لاهوتى أو فى الطقس ولكن الاختلاف فى التقويم القديم والجديد. ■ ما ترتيبك كبطريرك وكم مطران يوجد؟ لكنيسة المشرق الأشورية أنا البطريرك رقم 122 ويوجد 15 مطرانة ويتواجدوا فى أوروبا وأستراليا والهند والشرق الأوسط كله وأمريكا وكندا. ■ حياتك سابقا كانت بأمريكا فلماذا تم نقل كرسى البطريرك من أمريكا إلى العراق؟ إن البطريرك الثالث والعشرين تم نفيه لخارج العراق فى 1993 لدفاعه عن حقوق الأشوريين من قبل الحكومة العراقية وبسبب سهولة التدابير القومية والكنيسة كان الأحسن أن يكون فى أمريكا لا هناك رعية أقوى. ومن عام 1976 إلى 1982 كان البطريرك ( مار دنخا) يسكن فى إيران فى إبارشية إيران وكان أسقف إيران وقتها، ومن هناك تحول إلى أمريكا وبعده صار مار كيوركيس الثالث البطاريك مطران العراق وهو الذى غير الكرسى من أمريكا إلى بغداد ومن بعده استكملت المسيرة وأنا استملت هنا فى بغداد منذ عامين. ■ ما علاقاتك مع الكاثوليك والطوائف الأخرى؟ علاقة كنيسة المشرق الأشورية مع الكنائس الأخرى علاقة سلام ومحبة وأنا من وقت كنت أسقفا كنت مسئولا عن العلاقات بين الكنائس فلدى علاقات بكل الكنائس وليس العراق فقط. ■ ما موقف الطائفة الأشورية بعد ما حدث من داعش لتهجيرهم من العراق ؟ موقف الكنيسة من الهجرة هو كان أول خطوة عودة كرسى البطريركى إلى العراق عام 2015 وبسبب الأوضاع المعيشة منذ 1990 أو 1991 إلى الآن صارت صعبة لذلك الكنيسة لا تجبرهم أن يعيشوا هذا الوضع، ككنيسة أو كقومية أشورية سنحاول بقدر المستطاع الحفاظ على وجودنا الأصيل فى العراق. ■ ما علاقاتك بالحكومة العراقية وإقليم كردستان؟ علاقتنا مع حكومة إقليم كردستان قوية ونشكر كل جهودهم لمساعدتنا حيث بنوا القلاية البطريركية الجديدة، أما علاقتنا بالحكومة المركزية ليست قوية بسبب الظروف السياسية فى بغداد العاصمة، فيوجد صعوبة فى التعامل معها. ولدينا رعية فى بغداد والموصل والبصرة وكركوك ولكن بسبب الهجرة المستمرة أكثر أبناء كنيستنا هاجروا إلى شمال العراق وبعضهم خارج البلد. ■ هل تحصلوا على كامل حقوقكم فى بغداد من وظائف أو تعليم؟ نحن أيضا كالأكراد أو العرب نعانى مثلهم ونمر بظرفهم ونحن ننتظر من الحكومة المركزية إصدار فى الدستور العراقىأن الأشورية هى أصل البلد وذلك لأن القوانين فى أى بلد موجود فى الدستور هذه القومية هى الأصيلة حتى لو قليلة كأستراليا يقفون مثلا دقيقة احتراما للقومية الأصيلة كل سنة فى البلد برغم عدم وجودهم أو قلتهم ولكن يقفون دقيقة احتراما لهم لأنهم الأصلاء بالبلد. نحن ككنيسة وكقومية منذ التبشير بالمسيح كنا موجودين بهذا البلد وبعد سقوط النظام السياسى السابق 2003 ففى عام 2004 تم وضع قانون أخذ من حقوق الأقباط وهو استسلام القاصرين وهو الإجبار حتى لو كان مسيحيا لابد أن يكون مسلما إذا كان الأب مسلما والأبناء تحت سن 18 لابد أن يسلموا إجبارى مثل دين الأب وهذا ضد الدين المسيحى، برغم وجود الإسلام والمسلمين بالعراق وعددهم الأكثر ولكن يجب أن يحافظوا على حقوق الأقليات بالبلد لذلك يجب إعطاء الحكومة كافة المساواة بين الأديان فى العراق. ■ هل من الممكن توحيد بين الكنيستين الأشوريين؟ العام الماضى بعد وفاة البطريرك لكنيسة الشرقية القديمة قمنا بخطوة بالاتحاد مع الكنيسة القديمة وتم التحاور من أجل الوحدة وعدم نجاح هذا الاتحاد كان بسبب تقويم عيد القيامة وعدم الاتفاق على يوم واحد من الطرفين. وأيضًا كان لدى لقاء مع قداسة البابا فرنسيس وتحدثنا عن القضايا الكنسية من ضمنها توحيد عيد القيامة. ولا يزال لنا محاولة على نجاح هذا التوحيد وأيضًا قداسة البابا تضاوريس بطريرك الكنيسة الأرثوذكية القبطية لديه نفس الفكرةويساند هذة الفكرة على توحيد عيد القيامة فى يوم واحد وهذه أول خطوة لاتحاد المسيحيين. ■ هل ستزور مصر قريبا؟ سوف أكون سعيدا إذا زرت الشعب المصرى لقد سمعت أنهم شعب دائم الابتسام وحيث تاريخ مصر القديم والحديث موجود فى الكتاب المقدس فالمصريون لديهم أقدم الحضارات موجودة فى المنطقة ونحن نحترم هذا الشيء وقبل فترة سيدنا البطريرك قابل ممثل شيخ الأزهر وسوف أكون سعيد إذا قابلت شيخ الأزهر وهكذا سوف تبين العلاقات بين المسيحيين والمسلمين.
■ لقد أصدر الأزهر وثيقة الأخوة الإنسانية مع بابا الفاتيكان هل ترى أن هذه الوثيقة تحد من الطائفية بين المسلمين والمسيحين؟ على تطبيق تويتر قام شيخ الأزهر بتهنئة الإخوة المسيحيين بعيد القيامة وهذه خطوة جيدة ففى الوقت الحاضر مصر لديها مكان مهم فى إظهار جانب العلاقات بين المسلمين والمسيحين وأى خطوة يقوم بها البابا رغم أنه بابا كنيسة كاثوليكية فقط، ولكن أى خطوة يقوم بها هى خطوة لصالح الجميع. نحن نشعر بأسف عندما نرى الهجمات على المسيحيين فهولاء لا يمثلون المصريين لأنهم فاهمين الدين خطأ لذلك هذه الخطوة مهمة بين رؤساء الأديان والكنائس حتى تعطى فهما صحيحا عن الشعب المصرى، فالأزهر لديه القدرة على إدارة هذا الحوار بانفتاح ورؤساء الخليج خاصة الإمارات لديهم دور مهم أساسى وانفتاحى مع الأديان الأخرى بعد مصر لتوثيق العلاقة بين المسيحيين والمسلمين.
مسيرة ومسار مار آوا الثالث روئيل كان أسقف كنيسة المشرق الأشورية أبرشية (كاليفورنيا)، ولد فى عام 1975 بمدينة (شيكاغو – إلينوى فى الولاياتالمتحدةالأمريكية)؛ والده هو المرحوم (كورش إيزاريا روئيل) ووالدته المرحومة هى (فلورنس أويقامشموئيل خان)، وهو أول أسقف (أمريكى المولد) لكنيسة (المشرق الأشورية)؛ أكمل دراسته الإعدادية فى الفترة 1989 – 1993.
حصل على درجة البكالوريوس من جامعة (لويولا فى شيكاغو ) عام 1997 ويقول: استمريت فى الحصول على درجة البكالوريوس الثانية فى اللاهوت المقدس من جامعة (سانت مارى أوف ذا ليك) فى عام 1999؛ وحصلت لاحقا على الرخصة والدكتوراه فى اللاهوت المقدس من الجامعة البابوية الشرقية فى (روما) وانخرط شغفى بتعاليم (كنيسة المشرق الأشورية) منذ السن المبكر ورسمت شماسا على يد البطريرك (مار دنخا الرابع) وأنا فى سن ستة عشر عام فى كاتدرائية (مار كيوركيس) فى (شيكاغو)، وفى مدينة (موندلين – الينوي) رسمت كاهنا فى 1999 على يد البطريرك (مار دنخا الرابع) أيضا، وفى عام 2008 رُقيت إلى رتبة أسقف وتم رسامتى أيضا من قبل البطريرك (مار دنخا الرابع)؛ حيث أقيمت مراسم الرسامة آنذاك فى كنيسة القديسة (زيا) فى (موديستو – كاليفورنيا).