شيماماندا: مدينتا كاملة الأحلام ولكنها تمتلئ بالعطف والدفء أحب "مباهج الأمومة" لأنها دراسة رائعة لطبقة "لاجوس" خلال الاستعمار
نشر الموقع الإلكتروني "ديلي بيست" الأمريكي اليوم الثلاثاء، حوار مع الأديبة البارزة "شيماماندا نجوزي أديشي" النيجيرية التي فازت مؤخرا بجائزة النقاد لدائرة الكتاب الوطني في مجال الروايات الخيالية عن روايتها الأخيرة "أمريكانا"، حول ما يلهمها لتكتب تلك الروايات الناجحة. ونوه الموقع إلى أن "أديشي" هي إحدى الكاتبات البارزات في الأدب النيجيري والأمريكي خلال السنوات الأخيرة الماضية، وعقب روايتها الأولى "نصف شمس صفراء"، فازت بجائزة "زمالة ماك آرثر" في عام 2008، وأحدث رواية لها، هي "أمريكانا" التي تدور حول زوجين شابين يحاولان أن يندمجا مرة أخرى في الحياة النيجيرية بعد أن تعلما في أمريكيا، كما فازت مؤخرا بجائزة النقاد لدائرة الكتاب الوطني في مجال الروايات الخيالية. وأشار الموقع إلى أن "أديشي" نشأت في بيئة هادئة بمنطقة "انوجو" رفقة أسرتها الإيبوية، وهي لغة العرق التي يشاركها العديد من شخصياتها في رواياتها، وقد غادرت "أديتشي" نيجيريا في التاسعة عشرة من عمرها، للدراسة في الولاياتالمتحدةالأمريكية، وتقضي الآن نصف العام في كل البلدان، وتعلم الكتابة الإبداعية في جامعة "لاجوس" بنيجيريا، وقد كتبت أيضا مجموعة من القصص القصيرة، وكذلك مقالات عن مجموعة متنوعة من القضايا السياسية والاجتماعية، وقد نشرت أعمالها بأكثر من 30 لغة. وأفاد الموقع أن "أديشي" روت قصة حياتها التي وصفتها ب "المملة والسعيدة"، إضافة إلى الهامها الناتج عن الزحام المروري في نيجيريا. وعندما سئلت حول منطقة "لاجوس" التي عاشت بها، قالت، إنها تشعر دائما أن الفرد بإمكانه العثور على أي شيء في "لاجوس"، فقط على الفرد أن يعرف أين يبحث عن ما يريد. "لاجوس" منطقة بلا تخطيط، فالمنازل في كل مكان مثل الحشائش، والطرق والشوارع لا تختلف في شيء. انها ليست مدينة جميلة، بالنسبة للمفهوم التقليدي الغربي حول المدينة الجميلة، وأنها لا تريد أو تطمح إلى أن تكون كذلك. أما المرور، فهو موضوع متكرر: في أيام الأسبوع الطرقات مليئة بالسيارات، والسكان يبنون خططهم وفقا لحركة المرور، فإنها تؤخر الرحلات، مما يدفع السكان إلى التحرك مبكرا لتجنب أسوأ ما في حركة المرور. إنها مدينة كاملة من الأحلام وفي نفس الوقت من عدم الثقة، فالسكان لديهم أحلام كبيرة وطموحات كبيرة، لكن الغريزة التلقائية لدى السكان هي عدم الثقة في الشخص ودوافعه. وبالرغم من هذا، إلا إن المدينة تمتلئ بالعطف والدفء، فهناك من يساعد الغرباء من كبار السن في حمل حقائبهم الثقيلة، وهناك من يعرض خدماته لمساعدة شخص لا يعرفه في الوصول بالسيارة إلى المكان الذي يريده، إضافة إلى أن هناك البعض من السائقين الذين يهملون طريقهم من أجل ارشاد وتوجيه أحد السائقين الذي لا يعرف كيف يصل لوجهته. والهواء في "لاجوس" يجذب المرء إلى المكان، لكنها مدينة باستطاعتها أن تترك المرء خلفها إذا لم يواكب سرعة الاحداث في المدينة. وحول ما يجذبها في المدينة، قالت أنها تحب "تجازهول"، وهي مكتبة على طريق "أوولوو" بمنطقة "إيكويي"، وتمتاز بجمال الموسيقي الذكية والرائعة، وهي تحتوي على مقهى صغير في الجزء الخلفي. وتحب "أديشي" الذهاب إلى هناك للتصفح ولشراء الكتب والمجلات. أنها تحب أيضا "تيرا كلتشير"، وهو مركز ثقافي في جزيرة "فيكتوريا"، وهناك مطعم يصنع عصير يهدئ الاعصاب ويدعي "الذهاب ببطء". وعن أنشطتها التي تقوم بها عندما لا تمارس الكتابة، قالت "أديشي" أنها تقضي الوقت مع عائلتها واصدقائها. وأنها تقضي معظم وقتها في المنزل أو في منزل شقيقتها أو أصدقائها. وأنها تري حياتها "مملة وسعيدة". وأنها لا تخرج كثيرا. ووفقا لما قيل لها، فإن "لاجوس" تحتوي على مشاهد ليلة رائعة. ولكنها لا تعرف الكثير عن النوادي والحانات، فإنها لم تفهم ابدا الغرض من النوادي الليلة: ضوضاء خانقة، دخان في كل مكان، والكثير من الناس يتقاسمون مساحة صغيرة جدا. وإنها تخرج لتناول الطعام فقط، ولكن ليس بالقدر الذي اعتادت عليه. وبالنسبة للطعام النيجيري، فإنها تحب الفلفل الأصفر بجزيرة "فيكتوريا". وأنها تحب أيضا الأرز والدجاج من مطعم "جمهورية الدجاج"، وهي سلسلة مطاعم للوجبات السريعة شهيرة ومنتشرة في جميع أنحاء المدينة. كما أنها تحب التسوق، فمعظم مشترياتها هي الأقمشة التي تأخذها بعد ذلك للخياط بالبلدة. ووصفت سوق "بالوجون" بكونه نابض بالحياة، مليء بالتجار الأذكياء، المضحكين، والسريعين، وأفضل المزاح يظهر وقت المساومة على السعر. وحول تأثير الكتابة عن "لاجوس" في علاقتها مع المدينة، قالت "أديشي"، أنها في بعض الاحيان تعتقد أن الشخصية التي تكتب عن "لاجوس" تختلف عن الشخصية التي تعيش فيها. وأنها تجلس أثناء حركة المرور وتشكو من عدم تمكنها من الوصول لوجهتها في الوقت المحدد، ولكن جزء منها يرى ويقدر الإمكانات الكبيرة للوراية الناتجة عن ذلك: تخيل حياة الناس العالقة في حركة المرور، وحياة الباعة المتجولين الذين يضغطون على نوافذ السيارات من أجل بيع بضائعهم. وتساءل الموقع عن شعور "أديشي" بالعزلة، وهو الأمر الذي انكرته، قائله أن أحد الأشياء التي تحبها بشأن "لاجوس"، هي أن المرء يمكن أن يكون وحيدا في كثير من الأحيان، ولكن دون أن يشعر بالوحدة. فالفجوة بين الشخص الذي يعيش في "لاجوس" والشخص الذي يكتب عن "لاجوس" لا تولد شعور بالعزلة، بل تبرز كون المرء كاتبا. والجزء منها الذي يكتب ويتصور، هو دائما في حالة بعد، يشاهد باستمرار، ويلاحظ الاشياء التي تدور من حوله داخل المجتمع. وعن تأثير أصول الكاتب في أفكاره، قالت "أديشي" أنه من الجيد تصور أن الكاتب لا يتأثر بأصوله، ولكنه يتأثر. إذا كنت كاتبا من بلد مثل نيجيريا أو باكستان أو السودان أو بنجلاديش، فإنه من المرجح أن يكون الكاتب متأثرا بأصوله، لأن الكاتب سيواجه مشاكل في السفر، فأن عملية التقدم للحصول على تأشيرة توحي بقصة قصيرة في حد ذاتها. وذلك يناقض فكرة الكاتب "كعضو لا مكان له بجمعية الخيال". وبخصوص حد البيروقراطية من الخيال، قالت "أديشي" أن البيروقراطية لا تحد من ذلك، ولكن يؤثر في ويشكل الخيال. وبشأن قصة روايتها الأخيرة "أمريكانا" وعن اوجه التشابه بينها وبين حياتها الخاصة، قالت "أديشي"، أنها لم تكبر في "لاجوس"، بل نشأت بمنطقة "نسوكا"، وهي بلدة تسير فيها الحياة بشكل أبطيء بكثير من "لاجوس". أما الآن فلديها منزل في "لاجوس"، وأنها ما زلت تعتقد في بعض الأحيان أنها "شخص صغير يدرس بقلب الحرم الجامعي". ولكنها تحب "لاجوس"، وفي نفس الوقت تشكو كثيرا من "لاجوس"، وهناك الكثير الذي تحب أن تغيره في "لاجوس"، لكنها هي المدينة الأولى التي تريد أن تعيش فيها و"لندن" هي الثانية. وبخصوص ما تشكو منه "أديشي"، قالت أنها تشكو إلى كل من هو على استعداد للاستماع وحتى من هم ليسوا كذلك. تشكو، لأنها تحب الأفضل للمكان الذي تحبه، فهي تشكو من أن يمكن أن تسير الأمور بشكل أفضل، مثل الطرق وحركة المرور. ولكن، في الآونة الأخيرة أكثر شكواها حول انفاقها الكثير من الأموال على الديزل لتشغيل مولدات الكهرباء، لأن إمدادات الكهرباء وصلت إلى الأسوأ من المعتاد. وبشأن الكتب التي تشتريها "أديشي" لتقرأها، قالت "كينديل"، وهو قارئ الكتاب الإلكتروني، لأنه أسهل بكثير في قراءة أكثر من كتاب واحد في نفس الوقت. ولكن أيضا، تشتري بعض الكتب من مكاتب "تجازهول" و"باتاباه" في منطقة "سوروليري". وعن أفضل الأعمال الأدبية المنصوص عليها في "لاجوس"، قالت "أديشي"، أنها تحب رواية "مباهج الأمومة" للكاتبة "بوتشي ايميتشيتا". فالرواية، من بين عدة أمور أخرى، دراسة رائعة لطبقة "لاجوس" العاملة، خلال الاستعمار البريطاني. وحول امكانية توصيتها بكتاب معاصرين باستطاعتهم الخروج من نيجيريا، قالت "أديشي"، "ايجهوسا ايماسوين"، وهو مؤلف "الأولاد الجيدين"، وهي رواية تعجبها كثيرا. وتري أنه لديه القدرة على أن يحكي قصة تمتاز بالحنين والفورية في نفس الوقت. أنه يصور شريحة معينة من حياة الطبقة الوسطى النيجيرية في ظل حكم دكتاتوريات الجنرالان "بابانجيدا" و"اباشا"، وعلى وجه الخصوص يكتب عن ظاهرة محزنة ومثيرة للقلق حول الطوائف والعصابات العنيفة في الجامعات النيجيرية، الذين يقاتلون بعضهم البعض وأحيانا يقتلون.