حلت بالأمس الذكرى ال61 لوضع الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، لحجر أساس السد العالى فى 9 يناير عام 1960، الذى تم بناؤه بمساعدة الاتحاد السوفيتى، بعد رفض البنك الدولى تمويله.. فكان أعظم مشروع هندسى شيد فى القرن العشرين. لم يكن الحلم صغيرا، ولم تكن التحديات هينة، ولم تكن العزيمة ضعيفة، فكان الإنجاز بحجم السد العالى، أعظم إنجازات القرن العشرين وأضخمها. ليس من رأى كمن سمع، وحتى تدرك أهمية الحلم القومى الذى غير وجه الحياة فى مصر، تخيل مأساة أن يضرب الجفاف أصقاع البلاد نصف العام، وأن يضربها الفيضان النصف الآخر، وهى مأساة يمكن للمرء أن يتكيف معها وأن يجاريها إذا توقف الأمر عند حياته الشخصية، أما أن تتوقف عليها حياة وتنمية دولة محورية بحجم مصر فالأمر يقترب من المستحيل، وعندما يتكاتف النظام العالمى لإجهاض المشروع الطموح فالوضع يحتاج معجزة للخروج من المأزق. أهمية السد العالى لا تقف عند حد أنه حمى مصر من العطش ومن الغرق ومنحها الطاقة الكهربائية لتنير مدنها وقراها، فى وقت كانت المنطقة تعج فى ظلام دامس، وإنما لأنه كان ملحمة خالدة من تاريخ هذا الشعب الأبى الذى حمل حلمه على عاتقه وناضل لينال ما يطلب، ولو أقيم هذا السد عصر الفراعنة لقدسوه وخلدوه على جدران معابدهم ونصوص بردياتهم، وهو ما قام به عدد كبير من مثقفى وكتاب العصر الحديث الذين شاهدوا المعجزة تتحقق طوبة طوبة، فتركوا كلماتهم شاهدة على ما حدث، ويكفى أن نروى ما أحدثه فيضان عام 1887، من تدمير بعدما حمل نحو 150 مليار متر مكعب من المياه، وحمل معها جثث الضحايا من السودان وجنوب مصر حتى المصب فى البحر الأبيض المتوسط. وتؤكد المراجع التاريخية، أن إنشاء سد فى أسوان لم يكن وليد اللحظة، فتاريخيًا كان «الحسن ابن الهيثم» فى العصر الفاطمى، هو أول من قد اقترح لبناء سد فى أسوان؛ ولأن مشروعه باء بالفشل، فقد تظاهر بالجنون، أما السد العالى فى العصر الحديث، فهو أول مشروع للتخزين المستمر على مستوى دول حوض نهر النيل. وكان المهندس المصرى اليونانى الأصل، «أدريان دانينوس»، تقدم إلى مجلس قيادة ثورة 1952، بمشروع لبناء سد ضخم عند أسوان؛ لحجز فيضان النيل، وتخزين مياهه، وتوليد طاقة كهربائية منه، وبدأت الدراسات فى 18 أكتوبر 1952، بناء على قرار مجلس قيادة ثورة 1952، من قبل وزارة الأشغال العمومية. والسد العالى هو سد ركامى على نهر النيل فى مدينة أسوان جنوبى مصر، يبلغ طوله عند القمة 3830 مترا، منها 520 مترا بين ضفتى النيل ويمتد الباقى على هيئة جناحين على جانبى النهر، بدأ بناء السد فى عام 1960 وقد قدرت التكلفة الإجمالية بمليار دولار شطب ثلثها من قبل الاتحاد السوفيتى. عمل فى بناء السد 400 خبير سوفييتى وأكمل بناؤه فى 1968. ثبّت آخر 12 مولد كهربائى فى 1970 وافتتح السد رسميًا فى عام 1971. وفى تقرير صدر عن الهيئة الدولية للسدود والشركات الكبرى، قُيم السد العالى فى صدارة كافة المشروعات، واختارته الهيئة الدولية كأعظم مشروع هندسى شيد فى القرن العشرين.