قال الباحث الأثري أحمد عامر، إن المصريين القدماء أول من وضعوا العدالة بين الناس على الأرض، وحكم الملوك وفقًا وتطبيقًا للعدالة، وكان القانون جزءًا أساسًا في حياة المصرى القديم، فكانت مصر الفرعونية هي التي أنشأت القانون، واعتبر المصري القديم أن لقرارات المحكمة أكبر الأثر على حياة المجتمع، وكان يتم معاقبة الخارجين على القانون، وتقديم المساعدات للأطراف المتضررة، وكان يتم تعيين أفضل الرجال من مختلف أنحاء مصر كقضاة لتطبيق القانون وتحقيق العدالة، وكان الملوك الفراعنة مسئولون عن جميع الأمور القانونية في مصر، وكانوا يصدرون المراسيم ذات الطابع القضائي، وكان الوزير يعمل تحت إمرة حاكم البلاد، ووضع الملك الوزير على رأس الإدارة في مصر الفرعونية، وكان مسئولًا عن النظام القضائي للدولة، وفوض الملك والوزير مسئولياتهم القضائية والإدارية إلى المسئولين المحليين، وتطور القانون المصري ببطء شديد، وكانت القوانين تظل سارية المفعول لفترات طويلة للغاية. وأشار "عامر" إلى أن معرفتنا بالقانون كانت من خلال العقود والوصايا وسجلات المحاكمة والمراسيم الملكية، وهذه للأسف لم تصل إلينا بأعداد كبيرة، ولحسن الحظ يوجد استثناءً واحدًا لهذا الأمر جاء إلينا من منطقة دير المدينة الخاصة بمجتمع العمال في عصر الدولة الحديثة، وتقدم تلك النصوص معلومات مهمة عن الحياة اليومية عن أولئك العمال، حيث ساهمت بشكل كبير في معرفتنا بالنظام القضائي المصري القديم، وكانت هناك طريقة أخرى لتحديد القضايا الجنائية بوضوح في النصوص القانونية من مجتمع العمال بدير المدينة من خلال تقييم العقوبات التي تم تنفيذها في الحالات المختلفة، ويبدو أن السرقة كانت موجودة إلى حد ما في دير المدينة، فلدينا في السجلات العديد من الاتهامات والتحقيقات والعقوبات المفروضة، أما عن الزنا والاغتصاب فنجد أن المصري القديم كان يميز بين فعل الزنا وفعل هتك العرض أو الإغتصاب، إذ يقرر أن الزنا لو تم بالغصب أو بالعنف كان الجزاء يتمثل في قطع الأجهزة التناسلية "العضو التناسلي"، أما لو تم بدون عنف فإن الرجل كان يجلد ألف جلدة والمرأة كانت تقطع أنفها، وكانت جرائم الإغتصاب والزنا عقوبتها تصل إلى الإعدام وهذا استنادًا إلى نقوش آني، وبردية بولاق، وبردية لييد، حيث إن الزناة كانوا يكفرون عن خطاياهم بالإعدام. وتابع "عامر" أن الإلهه "ماعت" كانت إلهة العدالة والنظام الكوني مبدأً إرشاديًا داخل المجتمع المصري القديم، وكان القضاة المصريون القدماء مسئولين حكوميين يمثلون الحاكم في المسائل القانونية والإدارية، وقرب نهاية عهد الملك "رمسيس الثالث" حدثت مؤامرة لاغتيال الملك على أيدي واحدة من الملكات، وعدد من رجال بلاط القصر الملكي، وقبل تنفيذ الخطة تم اكتشاف المؤامرة، وأمر الحاكم تنفيذ العديد من الأحكام القضائية الرادعة ضدهم، هذا وقد وصلت عقوبة السطو على المقابر الملكية إلى الإعدام، وكانت المحكمة الكبرى التي يترأسها الوزير هي التي تحكم بنفسها في حوادث السطو على المقابر الملكية.