ترجل الفارس.. ثلُم حد السيف.. رحل عمرو عبدالراضي.. انطفأت شعلة الحياة والحيوية بداخله.. لينتقل إلى دار خير من داره.. ارتقى فقيد قلوبنا.. إلى الرفيق الأعلى. على مدار سنوات ثلاث.. شرفت بزمالته.. وإخوته.. عملنا معًا.. اشتكينا همومنا.. تحدثنا عن أحلامنا.. لم يكف يومًا عن الحلم.. لنفسه ولأولاده ولبني جلدته.. كان مشغولًا دائمًا بهمومهم.. ومشاكلهم وصعابهم.. كان في أعماله وتكليفاته يتخذ وجهة نظرهم وما النافع لهم. ما أسوأ أن أتحدث عن عمرو عبدالراضي وأقول ذلك الفعل البغيض كان بصيغة الماضي.. ما أبشع كان حينما نستخدمه للحديث عن عزيز.. كأنه لم يعد كائنًا.. أحقًا ترجل "عمرو".. أحقًا لم نعد نسمع صوته.. أحقًا أصبح مكانه شاغرًا.. أهٍ يا "عمرو". كلنا بواكٍ.. باكين ومبكيين.. وهل يرد البكاء عزيزًا أو يعيد قريبًا.. ما أصعب أن نبكيك.. ضنت علينا الحياة بك.. فرحت وأخذت جزءا منا معك.. إلى أن نلحق بك.. يقول الراحل المتبني، منذ ألف وخمس وخمسين سنة: "لولا مفارقة الأحباب ما وجدت.. لها المنايا إلى أرواحنا سبلًا".. فالأعزاء الراحلون الطيبون أمثالك يأخذون بعضنا معهم إلى أن يلتقي كلنا معكم عسى أن تجمعنا رحمة الله أرحم الراحمين. أستعير رثاء الراحل منذ ثمانية وثمانين عاما أمير الشعراء في صديقه.. ليعبر عن بعض ما يجيش في صدري.. راحل رثا راحلًا.. وراحل سيرحل يرثي راحلًا.. كلنا راحلون.. ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام.. له الملك اليوم وكل يوم. يقولون "عمرو" مات قلت صدقتم .. ومات صوابي يوم ذام وآمالي وركني الذي للنائبات أعدّه .. وذخرَي في الماضي وعوني على الحال وسعدي الذي خان الزمان وطالعي .. وفخري إذا ألقى الرجال وإجلالي أ"عمرو" لقد عشت الذي عشت سيدا .. ولم تك عبد الجاه والأمر والمال ولم تأل كتب العلم درسا ومطلبا .. ولم تك عنها في "الأربعين" بالسالي وكنت تحل الفضل أسمى محلة .. وتنزل أهل الفضل في المنزل العالي ولم تتخير ألف خل وصاحب .. ولكن من تختاره الواحد الغالي حبيتك والدنيا تحبك كلها .. وزدتك حبا عندما كثر القالي وقست بك الأعيان حيا وميتا .. فوالله ما جاء القياس بأمثال ولو أن إنسانا من الموت يفتدى .. فديتك بالنفس النفيسة والآل رحم الله "عمرو عبدالراضي" وأسكنه فسيح جناته.. بعفوه ورحمته التي وسعت كل شيء.. إنا لله وإنا إليه راجعون.