فى أحد أركان ورشة نجارة بمدينة «أبوكبير» فى محافظة الشرقية، يقف طفل تعلو وجهه ابتسامة عريضة، تفصح عن براءة ملامحه، يعمل على إحدى معدات الورشة، لقص الأخشاب وتقطيعها، سعيد وكأنه يمرح ويلهو بأحد شوارع المدينة، مستمتعا بعمله الذى ينمى لديه شعور بالسعادة والكمال، فى شعور ممزوج بالطفولة والرجولة فى آن واحد. هو الطفل محمد أحمد، الابن الأكبر لأسرته بين 4 أطفال، التحق بورشة النجارة فى أول عام التحق فيه بالدراسة فى الأزهر الشريف، كانت البداية بسبب رغبة أسرته كعادة أهل مدينتهم، فى تعلم الأطفال حرفة إلى جانب التعليم، ثم ما لبثت أن تحولت رغبته القوية، لكسب مال حلال يشعره بالاستقلالية وعشق لعمله. يقول محمد: «أهل أبو كبير بيحبوا أولادهم يتعلموا صنعة مع إكمال دراستهم، وبابا نجار محترف، نزلنى الورشة أنا وأخويا من واحنا فى سنة أولى ابتدائي، واتعلمنا مبادئ الصنعة، وطموحى أكون صنايعى محترف إلى جانب المدرسة، وأنا متفوق فى دراستى وبطلع الأول فى الامتحانات، وحافظ القرآن الكريم، وأخدت جوائز فى مسابقات كثيرة، وبجتهد أنى أتفوق فى أى شغل أو صنعة أحترفها، بالإضافة إلى اعتيادى على العمل منذ 6 سنوات، فقد عملت فى ورشة ألوميتال وحرف أخرى، لكن استقر الحال بى فى النجارة». وأشار إلى الصعوبات التى تواجهه فى عمله وكيفية التغلب عليها، بقوله: «الشغل مش سهل خصوصا أنى جسمى صغير وما بقدرش أشيل الأخشاب الثقيلة، بالإضافة إلى إصابتى بحساسية فى عينى من نشارة الخشب، لكنى أتابع الطبيب وأتغلب عليها، ورغبتى فى التعلم تهون صعاب العمل». خاتمًا قوله بابتسامة تزين وجهه: «بحس بإحساس جميل وأنا خارج فى يوم الأجازة مع أصحابى وبحاسب لنفسى من فلوسى اللى كسبتها بمجهودي، بالإضافة إلى سعادتى وأنا أسهم فى مصاريف المنزل، رغم عمل والدى بالسعودية وعدم حاجته لأموالي، لكنه يحفزنى لأكون مسئولا، كما يساعدنى لأكون متميزا فى الدراسة، لتحقيق حلمى وأكون طبيبا».