حمل من الكلمات ما يدور فى الصدور، وعبر عن قريته ودورة حياته فى سهولة الألفاظ وبساطة الكلم، وهذا ما يميز كاتبا عن آخر، يتميز ببشرة سمراء تلونت بلون النيل، اختلطت بتراب بلدته، فخرج منه الكلام صادقًا. هناك أشياء تظل بيننا يمر الزمن ولا يهلكها، حية إلى يوم يبعثون، كالصدق والحق، هذا ما عبر عنه فى قصته الحاصلة على المركز الرابع بالجمهورية فى التأليف والتى تحمل اسم «أشياء لا تموت». مصطفى حمدى، الذى يحمل 23 ربيعًا من العمر، من هناك فى الجنوب بمحافظة قنا؛ حيث أمل دنقل الذى يراه سراجًا منيرًا لمسيرته، حصل الشاب القنائى على ليسانس الدراسات الإسلامية والعربية من جامعة الأزهر. ويبدأ «مصطفى» حكايته بأنه أحب الكتابة فى عمر مبكر، وكان وقتها يبلغ الحادية عشرة من عمره، وكغيره من أبناء الجنوب كبرت موهبته بين خضرة الحقول، وصفاء القلوب، الثأر وأخذ الحق لا يغيب عن كتاباته كما ذكرها فى أشياء لا تموت: «فأخذ يفكر فى ذلك فقرر أن يأخذ حقه من عمه الظالم أو يقتله فذهب إلى قصر عمه الذى يسكنه وتربص حتى أظلم الليل ونام كل من فى القصر، فقام بالدخول من شباك المطبخ وأخذ يتسحب ويتربص حتى وصل إلى الخزينة التى بها الأوراق التى تثبت حقه والمال المنهوب، وفتح الخزينة وأخذ المال، وإذ فجأة يستيقظ عمه على جرس الهاتف فدخل تحت المكتب، فشك عمه فى الأمر، فأحضر السلاح الخاص به وأخذ يقترب شيئًا فشيئا من المكتب إلى أن قام أحد الحراس بالظهور فجأة فأطلق النار عليه صاحب القصر فمات، فقام عمه بالبحث وهو فى حالة من الهلع والفزع، فقام أحمد مسرعا بأخذ السلاح منه وأطلق الرصاص عليه فوقع العم الظالم طريح الأرض وتنكر فى ثياب الموت». جمع فى كتابته بين عادات الصعيد وتعاليم الأزهر وروح القرية، وقليل من الكتاب يستطيع أن يجمع بين كل ذلك، ويسرد حياته بأن كتابات نجيب محفوظ وطه حسين شكلت جزءا من شخصيته، كما أن حياة الأهل فى قرية «الجبلاو» كان لها النصيب الأكبر. ويحلم «مصطفى» بأن يجد مؤسسة للطباعة تتكفل بطباعة قصصه ورواياته، وبخاصة أنه فى بداية حياته ومن الصعب عليه تحمل أعباء مالية، وما زال الحلم يراود الأديب الشاب فى الجنوب الذى يقيم فيه، بتسليط النور على أصحاب المواهب والكتابات الجيدة التى نفتقدها هناك بين جدران «المحروسة».