مبنى اكتسى باللون البني، يختلف عن كثير من المبانى المجاورة، يحمل بين طياته سرًا، ولكنه يجذب الناظرين، «دكان» صغير أشبه بالحانة، معالمه مخفية، لا تحتمل جدرانه استقبال أعداد هائلة من الزبائن، عليك أن تتقدم قليلا؛ لتتعرف على كل هذه التناقضات التى تحملها البناية التى اتخذت شكلًا مميزًا بمنطقة الجمالية، فى منتصف المحل يقف رجل سبعينى وبجواره صبى لا يتعدى العشرين، أمامهما يجلس أربعينى العمر يشرف على ما يدور داخل ذلك الأمر المجهول بالنسبة للمارة، وضع من حوله أوراقًا من «الكرتون» تحمل عبارات بعضها يلعن الزمن، وأخرى «يندب» حاله. 300 عام، هى عمر المبنى، ونصف قرن إلا عشر سنوات عمر «الدكانة» المنسية حاليًا. ذم على شفتيه، استرجع الذاكرة قرونًا، وضع رأسه بين كفيه، يسرد أحوالًا مضت وحاضرًا فى كساد، ومستقبلًا يأمل أن يكون مختلفًا، محمد العربي، صاحب «الدكان» يقول إنه ورث صنعة «الصائغ» أبًا عن جد، ولكن الأحوال جعلته يترك الذهب ويعمل فى النحاس، تحول الأربعينى من صائغ للذهب إلى صائغ للنحاس، كانت الحياة منذ 40 عامًا أكثر رواجًا للبيع، أما الآن أصبحت مثل «الدهب الصيني» تلمع من بره مع أول نقطة مياه «تصدي» على حسب تعبيره. يكمل حديثه بأنه بعد ثورة يناير السياحة أصبحت فى ركود ومع غلاء الأسعار كان عليه أن يفكر خارج الصندوق، ويجد بديلا للذهب، فترك صياغته وبدأ فى صياغة النحاس وتشكيله مثلما يفعل فى الذهب بدأت حركة البيع تنشط خاصة أن النحاس أفضل من الذهب الصينى الذى اتجهت إليه الناس فترة كبيرة، ومع إضافة بعض المواد تظهر لمعة عليه تشبه الذهب. يختتم حديثه بأنه أصبحت لديه فكرة أن يكون النحاس بديلا لشبكة العروسة الذهب التى أرهقت الشباب فى شرائها، ربما يراه البعض شيئا من الجنون كما قال، ولكنه بديلا بدأ فى بيعه ولقى رواجًا عند الكثير خاصة الذين يقدمون إليه لشراء «الذهب الصيني».
