أعاد مؤتمر «نصرة القدس»، الذى نظمه الأزهر الشريف على مدار يومين بالقاهرة، قضية زيارة القدس الشريف، والذى اعتبرتها الكنيسة تطبيعا مع الكيان الصهيوني، طرح القضية من جديد، وخاصة بعدما جدد الرئيس الفلسطينى محمود عباس دعوته للعرب بزيارة القدس. وأكدت الكنيسة القبطية الأرثوذكسية على ثبات موقفها بعدم الزيارة، وأكد أمين مفتاح كنيسة القيامة أن الزيارة تصب فى صالح الفلسطينيين، والذين فرض عليهم المحتل الحصار، بينما أكد المتحدث باسم الكنيسة الكاثوليكية أن القدس عربية وعاصمة الدولة الفلسطينية، والحل ليس فى الزيارة أو عدمها، إنما فى إحلال السلام. وشدد القس بولس حليم، المتحدث الرسمى باسم الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، رغم تجديد الرئيس الفلسطينى محمود عباس دعوة العرب لزيارة القدس، والتى قدمها للكنيسة خلال زيارته للبابا تواضروس فى المقر البابوى بالكاتدرائية المرقسية بالعباسية العام الماضي، إلا أن الكنيسة لن تغير موقفها. وأضاف أن البابا تواضروس أكد وما زال يؤكد دعم الكنيسة للقضية الفلسطينية، وفق ما قاله مؤكدا أن موقف الكنيسة ثابت ومستمر فى دعم القضية إلى اليوم، واقتبس «حليم» من كلمات البابا فى المؤتمر، والذى أكد فيه على ما فعله البابا الراحل شنودة الثالث، بعقد مؤتمر عالمي داخل الكاتدرائية المرقسية بالقاهرة فى عام 2005 حضره فضيلة الإمام الأكبر شيخ الزهر الشريف وقتئذ الدكتور سيد طنطاوى ولفيف من الشيوخ، لمناصرة الرئيس الفلسطينى الراحل ياسرعرفات حين تم تحديد إقامته فى رام الله حيث كان موقفا لن تنساه ذاكرة الأمة العربية. وأشار إلى أنه حتى يومنا هذا يبذل آباء الكنيسة القبطية الأرثوذكسية جهودهم فى المحافل الدولية، وشدد على أن موقف الكنيسة الثابت الراسخ فى هذه القضية نابع من التزامها بمتطلبات العيش المشترك، والمصير الواحد الذى يجمع المسلمين والمسيحيين، وقد قابلنا قرار الرئيس الأمريكى بالرفض التام، فهو قرار يؤسس لتهويد القدس وطمس الطبيعة التعددية للمدينة المقدسة، فالكنيسة لم ولن تعادى أى كيان أو دين، بل سترفض التعصب الذى يؤدى إلى الحروب. وأكد أن الكنيسة ترفض العدوان على الفلسطينيين، ليؤكد كلمة البابا تواضروس: «الكنيسة الأرثوذكسية ترفض العدوان والقهر وندين كل من يحاول تديين الصراع العربى الإسرائيلي، كما تدين توظيف الدين لأهداف بعيدة عن مقاصده، وترفض الاضطرابات التى يشهدها الشرق الأوسط عبر سبعة عقود». وعن استخدام البعض الصهيونية المسيحية واستخدام الدين فى تسييس القضية، أشار «حليم» إلى أن البابا يدين التفسيرات التوراتية المتشددة التى تنفى الآخرين وجوديا ومعنويا وتجور على حقوقهم، فالقضية لها أبعاد سياسية واقتصادية وثقافية واختصارها فى البعد الدينى فقط أكذوبة». ومن القاهرة إلى القدس، أشاد أديب جودة الحسيني، أمين مفتاح كنيسة القيامة وحامل ختم القبر المقدس فى القدس، بدور الأزهر فى تنظيم المؤتمر العالمى لنصرة القدس، وفى نهاية المؤتمر أكد أهمية تكاتف الجميع حول الشعب الفلسطينى فى مقاومتهم للمحتل. وقال إنه يؤكد أهمية دعم العرب للقضية ليس فقط بالمؤتمر، ولكن بالسماح للشعوب بزيارة القدس، مشيرًا إلى أن تلك الزيارات ووفق ما قاله الرئيس الفلسطينى سوف تدعم الشعب وتقويه على المعيشة ومن ثم المقاومة. وزاد أن كلمات الرئيس الفلسطينى محمود عباس، والتى أكد فيها أن هناك مؤامرة ضد القدس لاستعماره لصالح الغرب، والذى يسعى لأن يحتل القدس وهو ما اتضح مؤخرًا فى قرار الرئيس الأمريكى دونالد ترامب بإعلان القدس عاصمة للمحتل الصهيوني، يعد جزءا من المؤامرة، فلم يراع الرئيس الأمريكى مشاعر مسلمين ولا مسيحيين وانحاز للمحتل، تلك المؤامرة لن تضحض إلا بتكاتف العرب مع الفلسطينيين والشد من أذرهم. وطالب وفق ما أعلنه فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر أحمد الطيب باعتبار عام 2018 لدعم القدس ماديًا ومعنويًا، بتشكيل لجنة من المواطنين الفلسطينيين لمتابعة تلك المعونات، وعمل خطة عمل لإنفاقها حتى تصل إلى كل المواطنين البسطاء فى أنحاء الدولة لتمكينهم والشد من أذرهم. ومن جانبه قال الأب رفيق جريش، المتحدث الرسمى باسم الكنيسة الكاثوليكية فى مصر، إن موقف الكنيسة ثابت تجاه القضية، وأن الحل ليس فى الزيارة أو عدمها، واستشهد برسالة البابا فرانسيس بابا الفاتيكان والتى قرأها الأب يؤانس لحظى سكرتير البابا، أكد خلاها أن الكرسى الرسولى من جهته لن يتوقف أبدًا عن التذكير وبشكل ملح بضرورة استئناف الحوار بين الفلسطينيين والإسرائيليين، من أجل التوصل إلى إيجاد حل تفاوضى يهدف إلى بلوغ التعاون السلمى بين دولتين فى حدود متفق عليها فيما بينهم ومعترف به دوليا، مع احترام كامل لطبيعة الخصوصية لمدينة القدس، والتى تتجاوز قيمتها مجرد التباحث فى القضايا المتعلقة بالأراضي. ولا يمكن إلا لوضع خاص يتمتع بضمانة دولية، يحافظ على هوية مدينة القدس وعلى دعوتها الفريدة كمكان سلام، كما تذكر بهذا الأماكن المقدسة، وعلى قيمتها العالمية مما يفسح المجال لبزوع مستقبل من المصالحة والأمل للمنطقة بكاملها. إن هذا هو التطلع الوحيد لكل من يعلن بطريقة أصيلة أنه مؤمن ولا يكل عن التوسل بالصلاة لبلوغ مستقبل من الإخوة للجميع، بهذه المشاعر يسرنى أن أجدد لفضيلتكم تحياتى القلبية ملتمسا كل البركات لشخصكم وللمسئولية الكبرى التى تحملوها على عاتقكم». وأشار «جريش» إلى أن القدس عربية، وإنها عاصمة فلسطينالمحتلة، وأن المؤتمر الذى عقد الأزهر يعد الرد القوى فى التوقيت المناسب على قرار الرئيس الأمريكى بإعلان القدس عاصمة إسرائيل، مشيرًا إلى أن الأزهر هو الرائد من الناحية الدينية ومصر هى قلب العالم ولها تأثير قوى فى المنطقة بل وفى العالم أجمع، وهذا اتضح فى تصويتها بمجلس الأمن وما أعقبه من تصويت بالجمعية العامة للأمم المتحدة الرافضة للقرار الأمريكى. وأكد «جريش» أن السلام اختيار لا بديل لنا عنه السلام وهو رسالة المسيح والمسيحية، وهذا ما قاله بابا الفاتيكان فى كلمته أن السلام الدائم لا يأتى إلا باحترام الحقوق المشروعة للشعب الفلسطينى وكل شعوب المنطقة، والسلام الحقيقى لن يصبح واقعا ما لم يتوقف العنف ولغة التهديد وتلك الوعود، وإن الجميع يتطلع لمستقبل أفضل وأكثر عدلا للتعايش المشترك.