بناء مدن، واستصلاح أراض زراعية، وتحديث قرى، وتقديم الدعم المادى بلا حدود للمشروعات الكبرى.. هكذا كان الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، وهكذا كان دأبه مع مصر، التى أحبها الرجل الكبير من كل قلبه، فأحبه شعبها من صميم قلوبهم. إنجازاته فى مصر شاهد عيان على تاريخ من المحبة بين البلدين، وهو ما نتج عنه تزايد حجم الاستثمارات الإماراتية بمصر يوما بعد الآخر، وتسهم بشكل كبير فى دعم خطط الإصلاح الاقتصادى، وتلقى تلك الاستثمارات التى تجاوزت 6.2 مليار دولار اهتماما كبيرا من الحكومة لدورها فى دعم النمو. قال المهندس طارق قابيل وزير التجارة والصناعة: إن الإمارات تحتل المرتبة الأولى فى قائمة الدول المستثمرة بالسوق المصرية على مستوى العالم فى 868 مشروعا موضحًا أن الصادرات المصرية للسوق الإماراتية حققت زيادة كبيرة خلال النصف الأول من عام 2017 وبلغت مليارا و204 ملايين دولار مقارنة بمليار و126 مليونا خلال الفترة نفسها من عام 2016 بزيادة قدرها 7٪. وأشار إلى أن النصف الأول من العام الجارى شهد فائضا تجاريا لصالح مصر بلغ 735 مليون دولار مقارنة ب685 مليون دولار خلال النصف الأول من عام 2016 وتجاوزت الصادرات المصرية العام الماضى وللمرة الأولى حاجز المليارى دولار لتسجل 2 مليار و386 مليون دولار مقابل مليار و61 مليون دولار خلال عام 2015 بنسبة زيادة بلغت 125٪. وأضاف أن هناك تطورا كبيرا فى حركة الاستثمارات الإماراتية بالسوق المصرية، مشيرا إلى إعلان شركات إماراتية استثمارات جديدة فى مصر لزراعة 20 مليون نخلة ضمن مشروع الريف المصرى الجديد والإعلان عن مشروع طبى مصرى- إماراتى، بخلاف بدء الترويج لأحد المشروعات العقارية لإنشاء 30 ألف وحدة سكنية. وقالت إن شركة مواصلات مصر التى تستحوذ مجموعة الإمارات الوطنية على 70٪ من رأسمالها، تستثمر مليار جنيه فى مشروع للنقل الجماعى الذكى داخل محافظاتالقاهرة الكبرى. وتشمل أهم الصادرات المصرية للإمارات «الأجهزة الكهربائية والأثاث والخضروات والفاكهة والمستحضرات الطبية والمواد الغذائية»، كما تتضمن الواردات المصرية من الإمارات المواد البترولية والمنتجات الدوائية والحديد والصلب. ولفت قابيل إلى أن الإمارات تستثمر فى قطاعات عدة؛ منها الاتصالات والبنوك والتطوير العقارى والسياحى والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات. وفور أن أعلنت مصر إقامة مشروع توشكى الذى يحول نصف مليون فدان من أراض صحراوية إلى أراض زراعية أسهم «الراحل» في إنشاء قناة مائية تمتد عدة كيلو مترات لتحمل مياه نهر النيل إلى هذه الأراضى الجديدة، لتحمل تلك القناة اسمه. وتجلت العلاقات بين مصر ودولة الإمارات فى مواقف مشرفة عديدة، تجسدت فى أحسن صورها منذ عهد الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، والذى ساند مصر فى العديد من المناسبات والمواقف الهامة، ومد يد العون والدعم الاقتصادى عقب هزيمة يونيو 1967، واستمرت المساندة إلى أن نجحت مصر فى الانتصار بحرب السادس من أكتوبر عام 1973، عندما قال «حكيم العرب» جملته الشهيرة «البترول العربى ليس أغلى من الدم العربى». وكان الشيخ زايد من أول زعماء العرب الذين أكدوا على ضرورة الوقوف إلى جانب مصر فى معركتها المصيرية ضد إسرائيل، مشددًا على أن المعركة هى معركة الوجود العربى كله ومعركة أجيال كثيرة قادمة علينا أن نورثها العزة والكرامة، حيث أمدت الإمارات مصر بمنح ومساعدات طبية وتموينية، وكانت تقوم باستيراد كل احتياجات مصر من دول أوروبية، وأرسالها إلى مصر دون مقابل. ولم يكتف الشيخ زايد بذلك، وإنما قام بعقد مؤتمرات للحصول على تأييد الشعوب فى الوقت الذى فرض فيه على جميع موظفى الدولة بالتبرع بأجر شهر كامل لصالح دعم مصر فى حربها. وساعد الشيخ زايد مصر فى تأسيس مدينة تحمل اسمه بمحافظة الجيزة، عام 1995 بمنحة من صندوق أبوظبى للتنمية، لتتحول قطعة أرض صحراء إلى منطقة خضراء تنافس المدن العالمية، تلك القطعة التى تعرف الآن فى مصر بمدينة الشيخ زايد، وتعد أجمل مدن محافظة الجيزة، وأكثرها عصرية. كما قام أيضًا ببناء مؤسسة زايد للأعمال الخيرية والإنسانية، فى عام 1992، فشيد معهدًا لتعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها فى مصر، ويتكون من مكتبة تحتوى على آلاف الكتب، وقاعة للمحاضرات، إضافة إلى مبنى الإدارة، كما أنجز مشروع ترميم المعاهد الأزهرية فى مختلف محافظات ومدن مصر. وقد أنشأ المغفور له بإذن الله تعالى، تلك المؤسسة، بمرسوم أميرى لتساهم فى دعم المراكز والأعمال الثقافية والتعليمية والإنسانية والعلمية والدينية فى داخل دولة الإمارات وخارجها فى الدول العربية والإفريقية والأوروبية، وهو ما استفادت منه مصر فى مختلف القضايا التربوية والإنسانية والدينية. وفى المنصورة وضع «زايد» حجر أساس لمدينة جديدة تحمل اسمه أيضًا، وتقع المدينة غرب مدينة جمصة، التى تبعد 30 كيلومترًا عن مدينة المنصورة وهى على مساحة 90 فدانًا، وتضم 4274 وحدة سكنية بتمويل كامل من دولة الإمارات، بتكلفة تصل إلى مليار جنيه مصرى. كما تم إنشاء مستشفى الشيخ زايد بمنطقة منشأة ناصر بالقاهرة، بتكلفة مالية تصل إلى 250 مليون جنيه، ضمن مشروع تطوير المنطقة بمنحة تقدر بنحو 661 مليون درهم، وسيمتد ليشمل إنشاء 8000 وحدة سكنية، مع جميع ما يلزمها من مرافق ومبانٍ خدمية، مثل الأسواق والمساجد من بينها مركز طبى وثلاثة مساجد بسعة 300 مصلٍ، ومسجد رابع بسعة 800 مصل، وكذلك دار مناسبات ووحدتان صحيتان وثلاث دور حضانة، ومكتب بريد، ومبنى سجل مدنى ومجمع محلات «مول تجارى». مواقف الشيخ زايد متعددة فى مقدمتها قراره عام 1991 بتحويل القرض المقدم من صندوق الائتمان الاقتصادي لأبوظبى إلى منحة لا ترد لمصر، ويتم استخدامها فى تنفيذ مشروعين من أكبر مشروعات التنمية الدائمة فى مصر، وهما مشروع امتداد ترعة الحمام بالساحل الشمالى ومشروع استصلاح وزراعة 40 ألف فدان شرق قناة السويس، حيث قام الشيخ زايد بعد ذلك بتخصيص 200 مليون دولار لتنفيذ مشروعات تنموية رائدة، منها استصلاح وزراعة 300 ألف فدان فى منطقة النوبارية بالإسكندرية والساحل الشمالى، وقام بشراء معدات زراعية وإنشاء محطات لتوليد الكهرباء بهذه المناطق. كما تواصل عطاء الشيخ زايد عبر إسهامه فى تنفيذ مشروع ترعة الشيخ زايد بمنطقة توشكى بلغت تكلفتها أكثر من 725 مليون جنيه، لتصل الاستثمارات الموجهة لمشروع توشكى إلى أكثر من 4 مليارات و104 ملايين جنيه، وأوضح أن مصر حصلت على قروض صندوق أبو ظبى للتنمية وبلغت 3.5 مليار درهم عام،2008، وتم استخدام هذه الأموال فى تنفيذ بعض المشروعات، منها: مستشفى الشيخ زايد بجانب مشروع ضخ وتنقية المياه وتوصيلها إلى سيناء والساحل الشمالى. وقال الدكتور رائد سلامة الخبير الاقتصادى: إن دعم الشيخ زايد لمصر لم يتوقف عند إسهاماته بشكل لافت فى مجالات التنمية بداخل مصر، بل قام بفتح أبواب الإمارات أمام الشركات والعمالة المصرية، حيث حصلت الشركات المصرية على عقود تنفيذ العديد من المشروعات فى الإمارات، فى مقدمتها حصول إحدى الشركات المصرية على عقد تنفيذ مشروع مد أنابيب المياه من محطة «الطويلة» بمدينة العين، التى بلغت تكلفتها مليار جنيه مصرى.