سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
الهجرة بين عزلة الصوفية وقتال الجماعات التكفيرية.. وزير الأوقاف: هي الانتقال من دار الكفر إلى دار الإسلام وانتهت بفتح مكة.. أستاذ مصطلح حديث: أمر مدروس ومفهوم ومحكم الغايات
شكلت هجرة النبي وأصحابه النقطة الفاصلة بين المرحلتين المكية والمدنية في التاريخ الإسلامي، وحملت كثيرًا من العبر للأمة الإسلامية، كما عبّر عنها بيان الشيخ محمد زكي، خطيب الجامع الأزهر، موضحًا أن ذكراها "تدعونا جميعًا إلى تقوية الصلة بالله، والتضحية والإيثار من أجل تحقيق الهدف، وتقوية روابط الأخوة بين الأوطان"، لتقديم نموذج حضاري متميز، من خلال العلوم الدينية والدنيوية واستخدام التكنولوجيا الحديثة والتماشي مع روح العصر. وقد ورد في الفقه الإسلامي أكثر من معنى للهجرة الواجبة على المسلم، أحدها ظهر في حديث شريف مذكور بصحيحي البخاري ومسلم "المسلم من هجر ما نهى الله عنه"، أي ابتعد عن المعاصي والمنكرات وهجرها إلى الإحسان والتقوى. أما المعنى الأبرز والمتمثل في الهجرة النبوية فهو "الهجرة من دار الكفر إلى دار الإسلام"، أي ترك البلاد التي تحكمها قواعد منافية لمراد الله في الأرض، من تحقيق العدالة وتمكين العباد من التعبد لله. وتنوع تفسير الفرق الإسلامية لمفهوم الهجرة بعد وفاة النبي محمد، ما بين الفرق الأكثر ميلًا إلى الروحانية الصوفية التي تركّز تعبّدها لله على ما يُعرف ب "الهجرة إلى الله"، بالابتعاد عن المعاصي والسعي إلى تقوى القلوب، ويصل الأمر ببعض الفرق إلى الميل إلى العزلة بشكل أشبه بالرهبنة في الديانة المسيحية، للابتعاد عن كل الأمور أو الأشخاص الذين قد يمنعون المتصوف من هجرة قلبه إلى ربه. فيما يظهر على الجانب الآخر مفهوم حركي مناقض للمفهوم السابق، يعتمد الهجرة بالنفس والمال بغرض القتال المسلح ضد من يعتبرهم البعض "أعداء الله"، ويفسر تعبير "سبيل الله" على أنه يعني الجهاد المسلح فقط، وهو الأسلوب الذي نشأت على أساسه حركات الجهاد العالمي مثل حركة طالبان أو تنظيمي القاعدة وداعش. وتعتبر هذه التنظيمات أن جميع الدول القائمة حاليًا تحكمها "أنظمة كفرية"، بسبب اعتمادها القوانين الوضعية البشرية وعدم اعتماد القوانين الإسلامية في شكلها الأول، حتى مع تضمن دساتير تلك الدول لمبادئ وأحكام الشريعة الإسلامية في الحكم.