نشرت مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية، تقريرًا تحليليًا عن كيفية تركيع الجيش التركي، في الانقلاب الأخير الذي حدث منذ أسبوع، ضد النظام التركي، ورئيسه رجب طيب أردوغان. وعادت "فورين بوليسي" بالزمن إلى يونيو 2009، عندما نشرت جريدة "طرف" التركية، وثيقة عسكرية مسربة، تضمنت عمليات سرية لتقويض حكومة حزب "العدالة والتنمية"، وتهميش قاعدتها من الدعم، ومن بين التكتيكات التي كان يريد تنفيذها الجيش التركي، زرع أسلحة في مهاجع الطلاب المتعاطفين مع الداعية الإسلامي والمعارض التركي عبد الله جولن، من أجل القيام بعمليات ضد الحزب. كانت تلك الوثيقة هي بداية تركيع الجيش التركي، حيث هرع حينها رئيس هيئة الأركان العامة الجنرال ايلكر باشبوغ أمام الكاميرات، وقال إن الوثيقة مجرد ورقة لا أهمية لها، وهذا يمكن أن يكون تلفيق من "الإسلاميين" الذين يرغبون في تشويه سمعة الجيش. وعادت "طرف" في يناير 2010 لتعرض مرة أخرى قصة محيرة للعقل، وهي عبارة عن أجزاء من وثيقة تحتوي على خطة انقلاب عسكري مزعومة من عام 2003، تدعى "المطرقة الثقيلة"، وبها خطط للتباحث حول كيفية زعزعة الاستقرار في تركيا لتمهيد الطريق لاستيلاء الجيش على السلطة، وتضمنت أفكارهم إسقاط متعمد لطائرة مقاتلة يونانية، لتصعيد التوتر مع أثينا، وقصف مسجدين في أسطنبول، لإثارة الاضطرابات الاجتماعية، ونتيجة لذلك، تم اعتقال عدد من العسكريين. وفتحت النيابة العامة تحقيق فيما يفعله الجيش، حول تعاونه مع منظمة تدعى "ايرجينيكون"، حيث حققوا في محاولة استيلاء الجيش بالتعاون مع تلك المنظمة على السلطة، من خلال توظيف التكتيكات الوحشية، بما في ذلك الاغتيالات السياسية والتفجيرات الإرهابية، والدعاية الموجهة من قبل وسائل الإعلام في الرأي العام التركي. وتعتبر "أرجينيكون"، منظمة سرية يُرجح أنها تأسست عام 1999، وتزعم أن أهدافها المحافظة على علمانية الدولة التركية، وتتهم باغتيالات وتفجيرات في عدد من المدن التركية، ومحاولة الانقلاب على حكومة حزب العدالة والتنمية في عامي 2003-2004. وفي نفس السياق، كشفت وثائق لدى " أرجينيكون" أن عددًا من رجال الشرطة التركية استولوا أيضًا على مواقع مخزونات سرية من الأسلحة العسكرية المدفونة تحت الأرض، كما كشفت الوثائق أن الغرض من هذه الأسلحة هو تنفيذ عمليه تسمى "خطة القفص"، والمدعمة من قبل العديد من الضباط العسكريين، والتي تهدف إلى مقتل شخصيات غير مسلمة في تركيا من أجل وضع اللوم على حزب العدالة والتنمية الحاكم. وكشفت الوثائق التي تم ضبطها عن كمية كبيرة من المتفجرات والأسلحة، وخطط اغتيال مفصلة، وسجلات عسكرية. وتعاطف الرأي العام مع تلك القضية، وأظهر دعما كبيرا وصل الى ما يقرب من 60% من المشاركين في الاستطلاع الذي أجرته MetroPOLL، في مارس عام 2010، والذي أعربوا فيه عن تأييدهم لاحتجاز المشتبه فيهم، واعتقال الضباط العسكريين الذين كانوا يخططون للانقلاب. وأوضحت "فورين بوليسي"، بعد سرد كافة الحوادث التي ساهمت بشكل كبير في تركيع الجيش التركي، أن ما يحدث اليوم في تركيا، هو عملية للسيطرة المدنية على الجيش، وتحجيم دوره، موضحةً أن الجيش التركي صاحب انقلابات كثيرة في أخر خمس عقود. وأكدت أن الحل في تركيا الآن هو إصلاح دستوري شامل يتضمن القضاء، ومن شأن هذه الخطوة أن تعزز حالة تركيا للانضمام للاتحاد الأوروبي.