الهجرة تطلق فيلم «حلقة وصل» في إطار المبادرة الرئاسية «اتكلم عربي»    أكثر من 170 ألف فدان.. توريد 634 طن قمح لشون و صوامع سوهاج    محافظة الجيزة: قطع المياه عن منطقة منشية البكاري 6 ساعات    ماكرون يؤكد سعيه لتجنب تصاعد العنف بين لبنان وإسرائيل    متحدثة الأمم المتحدة للشئون الإنسانية: الموقف بغزة ما زال كارثيًا ومرعبا    بوكيتينو: لا يحتاج بالمر إثبات أي شيء أمام مانشستر سيتي    آينتراخت يتأخر بهدف أمام أوجسبورج في الشوط الأول    الأهلي يفوز على وفاق عين التوتة ببطولة كأس الكؤوس الإفريقية لليد    ماهو الذباب الصحراوي؟.. وبماذا حذرت خبراء الأرصاد الجوية للمواطنين    أخبار سوهاج اليوم.. سائق ميكروباص يمزق جسد طالب    الصور الأولى من حفل زفاف عبد الرحمن محمد فؤاد    مهرجان كان السينمائي الدولي يكشف عن ال«بوستر» الرسمي لدورته ال77    أحمد صيام ناعيا صلاح السعدني: شخصية عظيمة رفضت التغييرات التي طرأت على الفن وتنحى جانبا    عمارة : مدارس التعليم الفني مسؤولة عن تأهيل الخريج بجدارة لسوق العمل    لا يقتصر على السيدات.. عرض أزياء مميز ل «التلي» برعاية القومي للمرأة| صور    مطار مرسى علم الدولي يستقبل 149 رحلة تقل 13 ألف سائح من دول أوروبا    أخبار الأهلي : حقيقة مفاوضات الأهلي للتعاقد مع لاعب البنك فى الصيف    11 جامعة مصرية تشارك في المؤتمر العاشر للبحوث الطلابية بكلية تمريض القناة    وزير الاتصالات يشهد ختام فعاليات البطولة الدولية للبرمجيات بمحافظة الأقصر    الهنود يبدءون التصويت خلال أكبر انتخابات في العالم    إخماد حريق بمخزن خردة بالبدرشين دون إصابات    ضبط لص الدراجات النارية في الفيوم    ولاية ألمانية تلغي دعوة القنصل الإيراني إلى حفل بسبب الهجوم على إسرائيل    تسجيل أول سيارة بالشهر العقاري المتنقل في سوق بني سويف    وزيرا خارجية مصر وجنوب أفريقيا يترأسان أعمال الدورة العاشرة للجنة المشتركة للتعاون بين البلدين    التنسيق الحضاري ينهي أعمال المرحلة الخامسة من مشروع حكاية شارع بمناطق مصر الجديدة ومدينة نصر    50 دعاء في يوم الجمعة.. متى تكون الساعة المستجابة    دعاء يوم الجمعة قبل الغروب.. أفضل أيام الأسبوع وأكثرها خير وبركة    وزير الصحة يتفقد المركز الإفريقي لصحة المرأة ويوجه بتنفيذ تغييرات حفاظًا على التصميم الأثري للمبنى    محافظ الإسكندرية يدعو ضيوف مؤتمر الصحة لزيارة المعالم السياحية    عمل الحواوشي باللحمة في البيت بنفس نكهة وطعم حواوشي المحلات.. وصفة بسيطة وسهلة    مؤتمر أرتيتا: لم يتحدث أحد عن تدوير اللاعبين بعد برايتون.. وسيكون لديك مشكلة إذا تريد حافز    إسلام الكتاتني: الإخوان واجهت الدولة في ثورة يونيو بتفكير مؤسسي وليس فرديًا    حماة الوطن يهنئ أهالي أسيوط ب العيد القومي للمحافظة    محاكمة عامل يتاجر في النقد الأجنبي بعابدين.. الأحد    متحف مفتوح بقلب القاهرة التاريخية| شارع الأشراف «بقيع مصر» مسار جديد لجذب محبى «آل البيت»    إعادة مشروع السياحة التدريبية بالمركز الأفريقي لصحة المرأة    بالإنفوجراف.. 29 معلومة عن امتحانات الثانوية العامة 2024    «التحالف الوطني»: 74 قاطرة محملة بغذاء ومشروبات وملابس لأشقائنا في غزة    جامعة القاهرة تحتل المرتبة 38 عالميًا لأول مرة فى تخصص إدارة المكتبات والمعلومات    "مصريين بلا حدود" تنظم حوارا مجتمعيا لمكافحة التمييز وتعزيز المساواة    وفاة رئيس أرسنال السابق    الكنيسة الأرثوذكسية تحيي ذكرى نياحة الأنبا إيساك    نصبت الموازين ونشرت الدواوين.. خطيب المسجد الحرام: عبادة الله حق واجب    انطلاق 10 قوافل دعوية.. وعلماء الأوقاف يؤكدون: الصدق طريق الفائزين    القاهرة الإخبارية: تخبط في حكومة نتنياهو بعد الرد الإسرائيلي على إيران    العمدة أهلاوي قديم.. الخطيب يحضر جنازة الفنان صلاح السعدني (صورة)    خالد جلال ناعيا صلاح السعدني: حفر اسمه في تاريخ الفن المصري    "التعليم": مشروع رأس المال الدائم يؤهل الطلاب كرواد أعمال في المستقبل    استشهاد شاب فلسطينى وإصابة 2 بالرصاص خلال عدوان الاحتلال المستمر على مخيم نور شمس شمال الضفة    4 أبراج ما بتعرفش الفشل في الشغل.. الحمل جريء وطموح والقوس مغامر    طريقة تحضير بخاخ الجيوب الأنفية في المنزل    استشهاد شاب فلسطيني وإصابة اثنين بالرصاص خلال عدوان الاحتلال المستمر على مخيم "نور شمس" شمال الضفة    ضبط 14799 مخالفة مرورية متنوعة خلال 24 ساعة    اقتصادية قناة السويس تشارك ب "مؤتمر التعاون والتبادل بين مصر والصين (تشيجيانج)"    تعرف على موعد إجازة شم النسيم 2024 وعدد الإجازات المتبقية للمدارس في إبريل ومايو    ألونسو: مواجهة ريال مدريد وبايرن ميونخ ستكون مثيرة    دعاء السفر كتابة: اللّهُمّ إِنّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ وَعْثَاءِ السّفَرِ    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الباحث الجيوسياسي عمرو عمار يحلل مؤامرة طهران وأنقرة على العرب في حوار ل"البوابة": تركيا تقيم سدًا للتحكم في مياه المنطقة.. وفراغ السلطة المركزية جعل ليبيا بيئة حاضنة لكل الجماعات الإسلامية المتشددة
نشر في البوابة يوم 09 - 07 - 2016

«أردوغان» يسعى لحكم سوريا والعراق
مساعٍ أمريكية وغربية لتحويل الأراضى السورية إلي نقطة انطلاق ل«جيوش القاعدة» من أجل ضرب روسيا
كشف الباحث عمرو عمار المعنىّ بالشئون السياسية ل«البوابة» عن نتائج أبحاثه عما سماه بالمؤامرات الشرقية والغربية على المنطقة العربية، مختصا الإمبراطورية الفارسية بالجزء الوفير من هذا، كما أكد على تآمر هذه الإمبراطورية على الخلافة الإسلامية عندما تحالفت مع اليهود السبئيين ضد الصديق والفاروق وعثمان، وكيف أثرت الطائفية فارسية المنشأ على الدولة الإسلامية، مرورا بكل مؤسسى الطائفية فى العالم الغربى الذين أنتجوا الكيان الصهيونى الجاسم على صدر الأمة العربية منذ العام 1948.. سألناه عن رأية فيما سبق وأكثر مما ستشى به السطور التالية.
■ لماذا تعتبر الفرس فى عداء مع العرب؟
- الإمبراطورية الفارسية القديمة ظلت عنوانًا رئيسيًا للطائفية تسعى إلى شق وحدة العرب وتقسيم الأمة الإسلامية، فكانت دولة الساسانيين والبويهيين والفاطميين والقرامطة ثم دولة الصفويين فإيران وأخيرًا الجمهورية الإسلامية الإيرانية، هؤلاء أحفاد الفرس المجوس عبدة النار يضمرون العداء والحقد للعرب بعد أن أسقطوا ملوكهم وحوَّلوهم من أسياد إلى موالٍ، فظلت الرغبة فى الانتقام هى المحدد لسياساتهم وتوجهاتهم نحو العرب.
سجل عليهم التاريخ تآمرهم على العرب والإسلام، غذوا روح المؤامرات والفتن منذ عهد صحابة رسول الله بتحالفهم مع اليهود السبئيين ضد الصديق والفاروق وعثمان، تحالفوا مع العباسيين لإسقاط الدولة الأموية ثم تحالفوا مع المغول لإسقاط الدولة العباسية، وتواطأوا مع الإسبان والبرتغال ثم الإنجليز ضد الدولة العثمانية، دائمًا وأبدًا يقف أحفاد الفرس فى مواجهة الفتوحات الإسلامية، وعبر كل العصور تظل استراتيجية أحفاد الفرس ثابتة والتكتيك واحدًا، دعم حركات التمرد والثوار بالمال والسلاح لخلخلة المجتمعات من الداخل، ومن ثمة إضعاف الدول وتمهيد الأرض للمستعمرين الجدد للقضاء على الجنس السامى.
■ وماذا عن الغرب؟
- بنفس الفكرة الطائفية التى قامت عليها الدولة الفارسية القديمة غُرست فكرة إنجليزية طائفية جديدة على الجسد العربى عام 1928 بالتزامن مع قيام الدولة الإيرانية، سُميت بجماعة الإخوان المسلمين، استلهمت تفاهماتها من مبدأ التقية للدولة الفارسية الشيعية، ولكن بمنظور سنيٍّ خرجت من عباءته كل التنظيمات الإرهابية والتكفيرية الموجودة على كوكب الأرض، وجميعها مسميات لعنوان طائفى صنعه الإنجليز واستخدمه الأمريكان فى معركة القضاء على الخطر الأحمر ثم اتجهوا بهم للقضاء على الخطر الأخضر.
■ وماذا تقول عن الصهيونية العالمية؟
- الحركة الصهيونية التى أسست لدولة إسرائيل فى إعلان 15 مايو 1948، هى آخر باكورة إنتاج الصهيونية المسيحية للقضاء على الإسلام وتحضير أرض الميعاد فى فلسطين لنزول المسيح الدجال ليحكم العالم مدة ألف عام وفق معتقداتهم، فهى حركة سياسية بعنوان طائفى صنعتها أيادى الماسون لتبرير وجود العناوين الطائفية الأخرى فى المنطقة العربية.
■ إذن أنت ترى الآن أن الثالوث العدائى للعرب فى معركة مع العرب على مسرح الموت؟
- نعم فى تلك اللحظات من تاريخ الأمة العربية يجتمع الثالوث العدائى للعرب، الفرس والصهيونية العالمية والأنجلو أمريكية، للقضاء على العرب وتقسيم أوطانهم ونهب ثرواتهم، فوجود الثالوث العدائى مجتمعا هذه المرة ضد العرب فى جزء منه استخدام التيارات الإسلامية الراديكالية لإقامة دولة إسلامية جديدة لأحفاد الفرس على مناطق نفوذهم القديمة فى الدول العربية، تبرر وجود الدولة اليهودية الصهيونية المزمع إقامتها داخل استراتيجية أكبر تهدف إلى تطويق روسيا الاتحادية بجيوش الإرهاب والقضاء عليها، ومن ثمة تضمن الولايات المتحدة الأمريكية البقاء كقطب أوحد.
■ هل استدعت هذه الثورات حلم الإمبراطورية العثمانية، والصراع العربى الفارسى بعد قرون من وأده أم كان الصراع حاضرًا طوال الوقت؟
- بالتأكيد الصراع كان حاضرا طوال الوقت بين هذا وذاك فالصراع العربى الفارسى حاضر مع كل دورة من دورات الزمن، ويمكن القول إن أحداث العام 1979 هى تجسيد حقيقى لبانوراما الصراع الدائر رحاه الآن.
ذلك أن العام 1979، قدَّم أهم الحركات التى لا تزال تشكل المنطقة حتى اليوم. أى أن الشرق الأوسط عاش طيلة السنوات ال 36 الماضية فى العام 1979، الذى شهد فى بدايته احتلال المتطرفين الإسلاميين للمسجد الحرام فى مكة المكرمة، وتحديهم لأسرة آل سعود الحاكمة. التى استجابت بعقد اتفاق جديد مع المحافظين الدينيين للبقاء فى السلطة، فى مقابل منحهم صلاحية تحديد المعايير الاجتماعية والتعليم الدينى داخل المملكة العربية السعودية. مع حصول المحافظين على موارد هائلة لنشر الفكر الوهابى المناهض للشيعة.
تزامن ذلك الموقف السعودى مع الثورة الإسلامية فى إيران، التى جلبت آية الله روح الله الخمينى إلى السلطة وأثارت منافسة عالمية بين إيران الشيعية والمملكة العربية السعودية السنية على قيادة العالم الإسلامى، كما أدت أيضًا إلى زيادة كبيرة فى أسعار النفط، زودت كلتا الدولتين بأموال وفيرة لتصدير الأصولية الشيعية والسنية إلى سائر الدول.
أيضًا الغزو السوفيتى لأفغانستان فى نفس العام 1979، أدى إلى احتدام الصراع بين الطرفين، إذ إن الغزو السوفيتى قاد إلى ظهور الحركة الجهادية السنية وتنظيم القاعدة فى نهاية المطاف.
■ ألا ترى أن الصراع العربى الفارسى كان حاضرًا وبقوة فى العراق منذ سنوات أيضًا؟
- نعم فى العراق أيضا كان عام 1979، عام وصول صدام حسين لسُدة الحكم فى نفس عام الثورة الإيرانية التى اخترقت المجتمع العراقى بحزب الدعوة الإسلامية، ذاك الحزب الشيعى، والذى أعلنت قياداته مبايعة ولاية الفقيه فى إيران من قلب العاصمة بغداد هو فى الأصل كان حركة سرية تأسست فى العراق عام 1957 بدعم إيرانى، فاندلعت حرب الثمانى سنوات التى مهدت الطريق للغزو الأمريكى للعراق عام 2003. وهكذا دارت الأيام دورتها، وإذا بالصفويين يطلون علينا مرة أخرى بعد مرور قرنين ونصف القرن، ومثلما تآمروا مع المغول والبرتغال والإسبان والإنجليز ضد العرب، تآمروا مع الأمريكان فى أفغانستان والعراق، مناطق نفوذهم السابقة، وأصبحت العراق امتدادا للدولة البويهية القديمة، وهذه المرة على مذهب الاثنى عشرى.
■ ولكن كيف تم استدعاء أحلام الفرس والعثمانيين مجددا مع إشعال ثورات الربيع؟
- التاريخ دائما يعيد نفسه مع بلاد الشام، وهذه المرة محاور الصراع وأحلام الإمبراطوريات تتمحور حول أهداف جيوسياسية واقتصادية وأمنية، ومع اندلاع هذه الثورات أصبحت كالعادة الأراضى السورية هى مسرح الأحداث الكامنة فى الصراع العربى الفارسى العثمانى، كما تُعد سوريا بوابة المرور لخطوط أنابيب النفط والغاز عبر سواحل المتوسط إلى دول أوروبا، سواء تلك التى تأتى من الجمهورية الإسلامية الإيرانية كخط أنابيب غاز شيعى، أو التى تأتى من خط الغاز نابوكو عبر دول الخليج. ومن المنظور الأنجلو أمريكية يمكن تجهير الأرض السورية كنقطة انطلاقة لجيوش القاعدة الموجهة من قبل الاستخبارات الغربية صوب دول القوقاز لتطويق روسيا الاتحادية وضربها فى خاصرتها الجنوبية. وهنا تكمن الأهمية الجيواستراتيجية للجمهورية العربية السورية، التى تجعل منها الكعكة التى يتصارع عليها الجميع، ويظل أمن سوريا ووحدة أراضيها يدور فى المجال الحيوى للأمن القومى المصرى.
■ ولكن ماذا تريد تركيا تحديدا من الأراضى السورية.. وهل حقًا أردوغان معنى بقيم الديمقراطية؟
- تركيا التى دخلت الحرب فى سوريا بزعم الديكتاتور بشار الأسد الذى قتل شعبه، لا تكترث كثيرًا برواية الديمقراطية، إذ إنها تنظر إلى مصالحها الجيوسياسية والأمنية، فهى تريد أن تترك سوريا ممزقة وفى حالة اللا دولة لضمان السيطرة على مياه نهرى دجلة والفرات، ومن ثم السيطرة على سوريا والعراق، إذ إن تركيا قد قطعت المياه عن نهر الفرات مدة خمس سنوات المطلوبة لملء سد أتاتورك بقيمة 500 مليار متر مكعب، وتركت لسوريا والعراق 200 ألف متر مكعب من مياه النهر مناصفة فيما بينهما، ووفقا لدراسة أعدها معهد الموارد العالمية (WRI) والصادر فى أغسطس 2015، اعتبرت الدراسة أن نقص المياه كان سببًا رئيسيًا فى اندلاع الحرب السورية عام 2011، وأشارت إلى أن الجفاف ونضوب المياه ربما تسببا فى حالة الاضطراب التى أذكت نار الحرب عام 2011. ولفتت الدراسة النظر إلى أن انحسار مستويات منابع الماء مع سوء الإدارة أجبرا مليونا ونصف المليون سورى من المزارعين ورعاة المواشى على مغادرة قراهم، وأراضيهم الزراعية، بعدما خسروا موارد رزقهم، وانتقلوا إلى المدينة، مما عمّق حالة الاضطراب العام فى سوريا.
كما أن تركيا بعد اندلاع الحرب السورية شرعت فى إقامة أكبر سد فى المنطقة بحجم 75 مليار متر مكعب، وقد أزالت قرى ومدنا من مناطق عديدة بالداخل، كى تتحكم فى المستقبل بطاقة المياه فى المنطقة، وكل ما يحتاجه السدان، تأخذه من نهرى دجلة والفرات، وبالتالى تسعى تركيا إلى حكم سوريا والعراق من خلال السيطرة على المياه.
كما أن نهر العاصى فى لبنان الممتد من مدينة الهرمل اللبنانية ليعبر سوريا من شمال إدلب ثم حماة، ويصل إلى أنطاكيا فى تركيا، فقد هددت أنقرة بقصف معدات الإشغال جويًا فى حالة عزمت بيروت على تحويل جزء من النهر والذى لا تستفيد منه سوريا.
وهذا يفسر لنا سر احتلال تنظيم داعش والنُصرة المدن الواقعة على نهرى دجلة والفرات والسيطرة على السدود المائية وكلاهما يحظى بدعم مالى وعسكرى من أنقرة.
■ إذا كان هذا هو الدور التركى فما علاقة إيران بثورات الربيع وكيف استدعت حلمها القديم الآن؟
- لا يمكن لأى جيوسياسى تقييم دور الجمهورية الإسلامية الإيرانية، ما بعد الثورات المتأسلمة التى ضربت الجمهوريات العربية فى المنطقة أواخر عام 2010، دون التوقف عند النزعة القومية الفارسية التى تسيطر على السلوك الإيرانى لإعادة صياغة وجودها فى مناطق نفوذها التاريخية فى دول الخليج واليمن والدول المطلة على بحر قزوين من جهة، ومصر وشمال أفريقيا من جهة أخرى. تلك النزعة التى توجه سياسات إيران الخارجية والتى رُوّجت لطبيعة الصراع فى المنطقة على أنه صراع دينى ما بين طائفة الشيعة وأهل السنة. وفى الحقيقة هو صراع لا يتعدى كونه حلقة فى منظومة لعبة الحروب الدينية فى المشرق العربى باستخدام نفس الأدوات، والعناوين الطائفية.
■ وما دليلك على صحة هذه الادعاءات؟
- لا ندعى على أحد، فهذا تصريح طائفى للجنرال الإيرانى، قاسم سليمانى، قائد فيلق القدس فى الحرس الثورى الإيرانى، قال فيه: إن إيران استطاعت أن تصدر ثورتها الإسلامية من البحرين للعراق، ومن سوريا إلى اليمن وشمال أفريقيا. وهو تصريح لاحق لما ذكره الخامنئى نفسه قبل عامين، يوم تنحى مبارك فى 11 فبراير 2011، حين قال فى خطبة الجمعة التى استخدم فى جزئها الثانى اللغة العربية لأول مرة: إن ما يحدث فى ميدان التحرير بمصر ما هو إلا الثورة الإسلامية الإيرانية. أيضًا أشار مستشار الرئيس الإيرانى بتبجح فى مارس 2015 إلى: الإمبراطورية الإيرانية وعاصمتها بغداد.
تلك التصريحات التى عبرت بصورة دقيقة عن تحركات إيران فى المنطقة العربية مرتدية ثوب الطائفية ليؤكدوا مرة تلو الأخرى أنهم يسيرون على خطى أجدادهم الفرس المجوس. إلا أن جوهر الصراع التاريخى بين إيران والعرب فى صبغته السياسية هو صراع ما بين القومية العربية التى تريد البقاء على عروبتها، وما بين القومية الفارسية التى تريد إعادة أمجاد الإمبراطورى الفارسى والانتقام التاريخى من العرق العربى الذى تسبب فى إسقاط عروشهم. وهو ما عبر عنه تصريحات للنائب الإيرانى عن ولاية طهران، على رضا زاكانى، المقرب من مرشد الثورة على خامنئى، أمام البرلمان الإيرانى بعد سقوط العاصمة اليمنية صنعاء فى قبضة الحوثيين، سبتمبر من عام 2014، حين قال: الآن ثلاث عواصم عربية باتت بيد إيران، بيروت ودمشق وبغداد، وقبل أيام لحقتها رابعة هى صنعاء. وللتأكيد على فارسية هذه الدول، ذهب زاكانى بتصريحه لأبعد من ذلك إذ قال: إن ثورة الحوثيين فى اليمن امتداد للثورة الخومينية.
■ إذن إيران لها دور خطير فى إسقاط الشرعية فى اليمن بدعم الحوثيين؟
- إيران كانت رقمًا صحيحًا فى المعادلة لا يمكن تجاهلها، وعنوانًا رئيسيًا لما آلت إليه الأوضاع فى اليمن، فمنذ احتضنت إيران بدر الدين الحوثى، جنح المذهب الزيدى إلى الاثنى عشرية واستطاع الحوثى نشر هذا المذهب فى شمال اليمن رغم أن البيئة اليمنية لم تشهد عبر تاريخها مثل هذا المذهب. كما أن الدعم العسكرى الإيرانى لهذه الطائفة اليمنية حاضر وبقوة عبر سنوات مضت، خاصةً فى الفترة التى شهدت مواجهات مسلحة بين الحكومة اليمنية إبان حكم الرئيس الأسبق على عبدالله صالح مع الحوثيين، وقد أعلنت الحكومة اليمنية آنذاك مصادرة أسلحة إيرانية بحوزة مسلحى الحوثى فى مواجهة الدولة.
وبعد ثورات 2011 استأجرت إيران بعض الجزر الإريترية المطلة على الجانب الآخر من البحر الأحمر من الشمال الغربى لليمن وفتحت معسكرات تدريب لمقاتلى الحوثى، وقامت إيران بتهريب السلاح من مخازن الجزر عبر مراكب صيد إلى الحوثيين فى مدينة صعدة قبل زحفهم للاستيلاء على محافظة عمران ومن ثمة العاصمة صنعاء. وأيضًا استأجرت المملكة السعودية إحدى هذه الجزر ما بعد عاصفة الحزم لتدريب الشباب اليمنى من سن 18 حتى 24 عاما كنواة لجيش وطنى يمنى يمكن الاستعانة به فى الحرب المشتعلة هناك، وقد تم تخريج أولى الدفعات فى ديسمبر 2015.
■ هل تتبعت طرق تهريب السلاح الإيرانى للحوثيين فى اليمن داخل كتابك الجديد؟
- أساليب تهريب السلاح الإيرانى للحوثيين متعددة فوفقًا لتصريحات ستيفن سيتشى سفير واشنطن لدى اليمن فى الفترة ما بين 2007 إلى 2010، تمت مصادرة كمية كبيرة فى يناير 2013 من الأسلحة والمتفجرات قبالة سواحل اليمن من إحدى السفن التى انطلقت من ميناء بندر عباس، ويُعتقد أن تلك الشحنة كانت متجهة للمقاتلين الحوثيين.
أى أن السلاح الإيرانى الذى ذهب للحوثى فى يناير 2013 كشف عن حجم المؤامرة التى ساقتها الجمهورية الإسلامية الإيرانية على الشعب اليمنى، فتهريب الأسلحة الإيرانية للحوثيين لم يبدأ قبل تحركهم العسكرى للاستيلاء على صنعاء ب 19 شهرًا فحسب، بل حدث قبل فعاليات الحوار الوطنى الذى بدأ فى مارس 2013 بشهرين وهو ما يعكس دخول جماعة الحوثى جلسات الحوار الوطنى وهم يضمرون العداء لكل الأطراف.
أيضًا كان هناك نقل للخبرات العسكرية الإيرانية والتدريبات الشاقة من قبل رجال حسن نصر الله لمقاتلى الحوثى، وهو ما كشفت عنه وكالة رويترز للأنباء فى ديسمبر 2014، حيث نقلت عن مسئولين غربيين وإيرانيين قولهم إن إيران لديها آلاف من المستشارين العسكريين الذين يدربون المقاتلين الحوثيين فى اليمن، بالإضافة إلى سفر العشرات من الحوثيين إلى إيران ولبنان للتدريب.
ومع بوادر اندلاع الحرب فى اليمن كانت هناك 4 سفن بسعة 15 ألف طن لكل سفينة قامت خلال الأشهر الأربعة الأولى من عام 2015 برحلات مشبوهة للغاية وغير معلنة من إيران إلى موانئ يسيطر عليها المتمردون الحوثيون، إحدى هذه السفن قدمت من جنوب شرق آسيا فى أواخر ديسمبر 2014 بعد سقوط صنعاء بشهرين وكانت تحمل على متنها 7 آلاف طن، وتعتبر من السفن الكبيرة حيث يبلغ طولها 100 متر، وكان عملها يقتصر على ذلك الخط البحرى الرابط بميناء كراتشى الباكستانى لكنها اختفت فى عرض البحر لمدة 9 أيام بعد إطفاء كل معدات الاتصال، ثم ظهرت فجأة فى ميناء بندر عباس، ومن ثمة عاودت الظهور مجددًا فى ميناء الحديدة اليمنى.
■ حينما ننتقل بالمشهد إلى ليبيا من سيربح الصراع فى الشرق الأوسط، معسكر القومية العربية أم معسكر التيار المتأسلم؟
- لا يمكن اختزال الصراع القائم فى ليبيا بعد مضى قرابة الخمس سنوات على أنه صراع بين أطراف إقليمية تمثل معسكرين أفرزتها بطبيعة الحال هذه الثورات المتأسلمة، إذ يجب أن نقف على جوهر هذا الصراع، ذلك أن هذه الصراعات تمثل العرض، أما السرطان فله عنوان رئيسى يُسمى «فوضى الإرهابيين». تلك الفوضى التى خلفتها الولايات المتحدة الأمريكية وقوات الأطلسى ما بعد ليبيا – القذافى، فهؤلاء اللاعبون يتحملون جزءًا كبيرًا من المسئولية عن هذه الفوضى باتخاذ قرار الحرب ضد ليبيا أولًا، ثم بالانسحاب السريع لقوات حلف شمال الأطلسى بعد القضاء على نظام القذافى ثانيًا، هذه الحرب وهذا الانسحاب انضوى على العديد من العوامل التى أدت إلى ما آل إليه المشهد فى ليبيا.
■ وما هى تلك العوامل؟
- أولًا: فراغ السلطة المركزية جعل من ليبيا بيئة حاضنة لكل الجماعات الجهادية والتيارات الإسلامية المتشددة والميليشيات المسلحة.
ثانيًا: رفض الغرب طلبات ليبيا المتكررة بمساعدتها فى استعادة الأمن فى حين عارض الكونجرس الأمريكى طلبات المساعدة التى أصدرتها إدارة باراك أوباما تجاه ليبيا، حتى إن أوباما نفسه أقر عبر صحيفة نيويورك تايمز فى حواره مع توماس فريدمان أن عدم مساعدة ليبيا على بناء دولة جديدة بعد سقوط القذافى يمثل أكبر ندم بالنسبة له على صعيد السياسة الخارجية.
هذا الإقرار من قبل أوباما بفشل سياساته فى ليبيا بالتأكيد لم يكن بسبب معارضة الكونجرس لطلبه، فعدم موافقة الكونجرس ربما تدخل ضمن لعبة تقسيم الأدوار بين البيت الأبيض والكونجرس الأمريكى. فالرئيس الأمريكى الذى عجز عن تمرير موافقة الكونجرس ذى الأغلبية الديمقراطية لبناء ليبيا ما بعد القذافى، هو نفس الرئيس الذى حظى بلقب البطة العرجاء بعد سيطرة الجمهوريين على الكونجرس فى الانتخابات النصفية مطلع 2015، ومع ذلك استطاع أن يقف فى مواجهة كونجرس يتزعمه الجمهوريون، وأصر على إبرام اتفاق نووى معيب مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية.
والأهم هو مجلس الأمن الدولى الذى يعد مطبخ تشريعات البيت الأبيض، والذى أصدر قراره بحظر إمدادات الجيش الليبى فى الشرق والميليشيا المسلحة بالغرب بالمال والسلاح، وكأنما يساوى بين الضحية والجلاد، ويضع الشرعية فى ليبيا فى موطئ قدم الجماعات الجهادية والتنظيمات الإرهابية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.