تكونت ميلشييات فجر ليبيا بالأساس من مجموعة ميليشيات ليبية إسلامية، منها ميليشيا "درع ليبيا الوسطى" و"غرفة ثوار ليبيا" في طرابلس، إضافة إلى ميليشيات تنحدر من مصراتة وغريان ومصراتة وصبراتة والزاوية. وجاء تكونها بعدما قرر الإسلاميون في ليبيا في يوليو 2014 تصحيح مسار ثورة 17 فبراير، كما زعموا، بعد انطلاق "عملية الكرامة" للجيش الوطني الليبي بقيادة اللواء خليفة حفتر ضد الإسلاميين، لتتحالف القوى الإسلاميين في "فجر ليبيا" و"غرفة عمليات ثوار ليبيا". ومنذ نشأتها تعتبر فجر ليبيا ذراعًا عسكرية لحكومة المؤتمر الوطني، التي سعت إلى السيطرة على البلاد من مقرها في العاصمة طرابلس، قبل انتخاب البرلمان الليبي الذي ألغى شرعيتها رغم استمرار محاولاتها للسيطرة. ففي مايو 2015 كشف تقرير ديوان المحاسبة أن المؤتمر الوطني أنفق أكثر من 17 مليار دينار "أي ما يعادل نحو 14 مليار دولار أمريكي" على وزارة الدفاع، خلال فترة حكمه من 1012 وحتى 2014، ولكن نظرًا لعدم وجود جيش نظامي للبلاد فإن هذه الأموال ذهبت عدة كتائب مصنفة من قبل الحكومة المعترف بها آنذاك كجماعات إرهابية، ومنها فجر ليبيا، التي صرحت مصادرمحلية ليبية لقناة "سكاي نيوز عربية" أن رواتب المقاتلين فيها تصل إلى نحو 2500 دينار شهريًا. وبدأت فجر ليبيا عملياتها في 13 يوليو 2014 بهدف استعادة السيطرة على مطار طرابلس العالمي وعدد من المعسكرات في المناطق المجاورة له، بعد سيطرة الجيش الليبي عليها. ولم تحظَ بتأييد المؤتمر الوطني غي مواجهة الجيش الليبي فقط، بل وتأييد دار الإفتاء الليبية أيضًا بدعوى مواجهة ما اسموه "الانقلاب على الشرعية". وفي حين تحالفت مع القوى الإسلامية فقد استهدفت بعض الحركات المسلحة في مدينة الزنتان، والتي توصف بأنها غير مؤدلجة، ولكن تتهمها فجر ليبيا بالتبعية لجيش حفتر أو مناصرته، مثل كتائب القعقاع والصواعق والمدني وحماية المطار، وحركات متواجدة في بعض أحياء طرابلس. تم تصنيف فجر ليبيا كجماعة إرهابية من قبل البرلمان الليبي في 25 أغسطس 2014، في بيان لإدانة الجماعات المهاجمة لطرابلس والمحاربة في بنغازي، والذي صنّف تنظيم أنصار الشريعة التابع لتنظيم القاعدة أيضًا كجماعات إرهابية "خارجة عن القانون ومحاربة لشرعية الدولة"، واعتبر الجماعتين "هدفًا مشروعًا لقوات الجيش الوطني الليبي"، وأيدت الجيش بقوة لمواصلة الحرب ضدهما حتى إجبارهما على إنهاء أعمال القتال وتسليم الأسلحة. وفي 6 فبراير 2015 انضمت بعض الدول لاعتبار فجر ليبيا جماعة إرهابية، حيث أصدرت حكومات كل من فرنسا وألمانيا والولايات المتحدة وإسبانيا وإيطاليا وبريطانيا بيانًا مشتركًا، لإدانة كل أشكال العنف في ليبيا، ومنها "هجوم قوات الشروق التابعة لفجر ليبيا على منطقة الهلال النفطي"، واعتبر البيان أن "المستفيد الوحيد من هذه الأعمال هم الإرهابيون". ونظرًا لأن فجر ليبيا تضم العديد من الفصائل الإسلامية وترحب بانضمامها إليها، فإنها تواجه اتهامات بضم أعاء من تنظيم أنصار الشريعة وجماعة الإخوان المسلمين في ليبيا، فعقب إعلان الجماعتين إرهابيتين وجه أنصار الشريعة دعوة إلى فجر ليبيا للانضمام إليه في مواجهة العدو المشترك، في رسالة على حساباته بمواقع التواصل الاجتماعي، محذرًا إياه من أنه "لا يجوز شرعًا القتال في سبيل المؤتمر الوطني أو سيادة الدولة، إذا لم تكن السيادة فيها للشريعة"، وفقًا لما يزعمه، وأضاف: "يا قادة عملية فجر ليبيا إن الكلمة اليوم لكم والشوكة لكم، فإن كنتم تريدون الشريعة حقا وتنبذون المشاريع الديمقراطية الغربية في بلادنا فلنسمعها منكم صريحة قولًا وعملًا، اتحدوا مع المجاهدين في بنغازي في الأهداف والغايات والمقاصد". ولكن التنظيم التابع للقاعدة انقلب على فجر ليبيا بعد شهرين من رسالته، وأصدر بيانًا يهاجمها فيه باعتبارها الذراع العسكرية لما يُسمى "مجلس شورى ثوار بنغازي"، وهو فصيل إسلامي صاحب نفوذ كبير في المدينة، وأرجع هجومه إلى رفضه للديمقراطية التي اعتبرها "بضاعة غربية كافرة تتصادم مع مبادئ الإسلام"، وتحذيره السابق لفجر ليبيا من اتباعها. ووجه إليها اللوم قائلًا: "كنا نرتقب منهم ردًا قويًا مسكتًا يكون بالفعل قبل القول، يقلق مضاجعهم ويؤرق نومهم – أي قوات التحالف الدولي-، فإذا بنا نرى بيانًا يبدون فيه استعدادهم لحمايتهم إن رضوا بالديمقراطية والإعلان الدستوري". وتحاول فجر ليبيا نفي صفة الجماعة الجهادية عن نفسها، حيث أكدت في بيان لها أنها "ليست تنظيمًا ولا حزبًا وليس لها أية أجندة سياسية أو دينية أو جهوية"، وأن عملياتها في طرابلس تعد عملية عسكرية وأمنية "تستهدف رفع يد الإكراه عن الإرادة السياسية للدولة الليبية"، وأنها "ليست بصدد فرض وصاية أو ولاية على الشعب الليبي أو تغيير طبيعة اختياراته أو خطواته تجاه بناء دولة القانون والمؤسسات"، وفي الوقت نفسه شددت على أن المرجعية الوحيدة لليبيا هي الشريعة الإسلامية، وسيتم استبعاد كل تشريع وقانون يخالف شرع الله. ورغم ما تمثله فجر ليبيا في نظر العالم من جماعة إرهابية، إلا أن الوضع السياسي شديد الضبابية في ليبيا وبيانات الميليشيا التي تؤكد على نبذ العنف والإرهاب، جعلوا بعض الخبراء يعتبرون أنها في النهاية فصيل أساسي في الحرب على تنظيم داعش في البلاد، وكذلك من الممكن أن تكون عامل ضغط، بما لها من سيطرة في الغرب الليبي، لقبول الفصائل المتنازعة بحكومة الوفاق الوطني المعترف بها دوليًا. ولكن عمليات الميليشيا والتي أدت إلى خسائر بشرية ومادية كبرى في مناطق إستراتيجية كالهلال النفطي تجعله أحد أسباب الدمار الهائل في ليبيا، وتثير أيدولوجيتها الإسلامية التخوفات من استغلال جهادي جديد للثورات على الحكام العرب.