تسعى إسرائيل بقوة لكى تصبح " قوة رقمية عظمى في العالم " من خلال أمتلاك قدرات " غير تقليدية " في مجال الأمن الرقمى وتكنولوجيا المعلومات والتطبيقات الرقمة المضادة وتوظيف تطبيقات " رقمية شريرة " في اغراض الدفاع الاستباقى عن النفس وتوجيه الضربات الإلكترونية وقبل ذلك صد اية هجمات إلكترونية أو خروقات تتعرض لها إسرائيل، ولم تجد إسرائيل افضل من مكافحة الإرهاب لكى يكون مجال لتطوير قدراتها في مجال الأمن الرقمى، ويظهر التعاون الاسرائيلى في الكشف عن هوية منفذ تفجيرات بلجيكا من خلال فك شيفرة جهاز الأيفون الخاصة به عن مدى جدية سعى إسرائيل لأن تكون مركزا هاما في عالم إنتاج برامج الحواسيب وتكنولوجيا المعلومات وتقنيات الأمن الاليكترونى بكل تطبيقاتها. وفي العام 2011 انشأت إسرائيل ما يسمى بالمكتب الوطنى للعلوم الأمان السيبرى وكان أول جهاز يعنى بشئون الدفاع الاليكترونى هجوما واختراقا وما يتصل بذلك من بحوث وانشطة تطوير وتطبيقات، ويقع مقر هذا الجهاز في صحراء منطقة بئر سبع جنوبى إسرائيل، ويعتبر هذا الجهاز تطويرا لقدرات الوحدة / سى 41 / في المخابرات العسكرية الإسرائيلية / أمان / وهى الوحدة الخاصة بالتجسس على الحاسبات وانشطة التنصت والتتبع الرقمى واختراق نظم الحاسب للدول المعادية أو تصدير الهجمات الفيروسية المدمرة لها. ومن العمليات المهمة التي نفذتها الوحدة / سى 41 / محاولة تعطيل حواسيب مفاعل إيران النووى في بوشهر قبل عامين، وتقع هذه الوحدة المخابراتية الخاصة بالقرب من جامعة بنجوريون في بئر سبع أيضا وهى على اتصال عبر خط حديدى بمنطقة " الصناعات الرقمية " الممتدة بين البحرين الأبيض والأحمر جنوب إسرائيل، وهى منطقة تعمل وزارات الصناعة والتجارة وأجهزة أخرى في إسرائيل " كحضانات " لها بموجب توجيهات صادرة من الحكومة الإسرائيلية وبهدف خلق وتشجيع شركات ومختبرات تطوير جديدة في مجال العلوم الرقمية وأمن المعلومات في إسرائيل، كما توجد حكومة إسرائيل حوافز جيدة امام القطاع الخاص للاستثمار في هذا المجال جنبا إلى جنب مع استثمارات الدولة في مجال التطبيقات الإلكترونية ونظم الأمن المعلوماتى والتي بلغت في العام الماضى 3ر1 مليار دولار أمريكي وهو ضعف استثماراتها في ذات المجالات خلال العام 2014. وفى العام 2015 أعلنت إسرائيل بلوغ صادراتها إلى أسواق العالم من هذه البنود إلى 5ر3 مليار دولاار أمريكي بارتفاع مقداره 500 مليون دولار عن صادرات العام 2014 الأمر الذي يضع إسرائيل في الترتيب الثانى عالميا بعد الولاياتالمتحدة في قائمة مصدرى الفضاء الاليكترونى حيث كانت نسبة السيطرة الإسرائيلية على سوق السايبر العالمى هي 5 في المائة خلال العام الماضى والذي بلغ حجم تعاملاته 75 مليار دولار أمريكي، كذلك استثمرت إسرائيل نصف مليار دولار خلال العام الماضى في مجال تقنيات الأمن الاليكترونى وهى ضعف استثماراتها في هذا المجال خلال العام 2014، وعادلت الاستثمارات الإسرائيلية في هذا المجال نسبة 20 في المائة من إجمالي انفاق العالم على صناعات السايبر ومكملاتها التطبيقية في مجال الأمان الاليكترونى خلال النصف الأول من العام الماضى وحده. ومثلما تدعم واشنطن إسرائيل في تطوير قدراتها العسكرية التقليدية، تدعم أيضا بناء القدرة الإسرائيلية المتفوقة في مجال الأمن الاليكترونى والرقمى، وكشفت مصادر إسرائيلية النقاب عن زيارة سرية قام بها مدير وكالة الأمن القومى الأمريكية مايكل روجرز لإسرائيل اواخر الشهر الماضى، وتعد الوكالة هي الجهاز الاعلى للتجسس الاليكترونى في الولاياتالمتحدة وقد التقى مديرها في إسرائيل مع مسئولى أجهزة اختراق الإنترنت والتنصت الإلكترونى واستعرض افاق تعظيم التعاون الأمريكي الاسرائيلى في مجالات التجسس الاليكترونى. وبحسب صحيفة هآرتس التي تصدر في تل ابيب فقد تعهد المسئول الأمنى الأمريكي بدعم الوحدة / 8200 / في الجيش الاسرائيلى وهى الوحدة المعنية بعمليات الجمع الاستخبارى اليكترونيا وتحليل المعلومات كما تعد الجهاز المناظر لوكالة الأمن القومى الأمريكية، ولا يقتصر عمل هذه الوحدة على التجسس الداخلى في إسرائيل أو تأمين نظم الاتصال الإلكترونية فحسب بل تباشر أيضا عمليات تتبع والتقاط اليكترونى في مناطق عديدة في الشرق الأوسط، وتسعى الولاياتالمتحدة على تعميق تعاون وكالة الأمن القومى الأمريكية والوحدة / 8200 / وتبادل المعلومات معها في قضايا معينة في مقدمتها ملف حزب الله وإيران. ويقول الخبراء أنه إذا كان لوكالة الأمن القومى الأمريكية السبق في نشر فيروسات التجسس على الحاسبات الشخصية / مالوير / فإن للوحدة 8200 في الجيش الاسرائيلى السبق أيضا في تطوير ونشر جرثومة التجسس الاستهدافى المعروفة باسم / ستكوسنت / في العام 2012 بغرض محاولة اختراق حواسيب المفاعلات النووية الإيرانية وذلك في إطار عملية استخباراتية اطلقت إسرائيل الاسم الكودى " الالعاب الأوليمبية " عليها. ويقول المراقبون أن في إسرائيل الآن أكثر من 300 شركة عاملة في المجال الرقمى والتطبيقات تصل صادراتها السنوية إلى 6 مليارات دولار أمريكي وتشكل استثماراتها نسبة 20 في المائة من من استثمارات القطاع الخاص في الصناعات الرقمية دوليا، وبرغم سعى إسرائيل إلى بناء شراكات دولية لتطوير قدراتها الرقمية فإنها تتحرك في هذا الاتجاه بشكل حذر وتجرى حسابات مخاطر دقيقة لكل تحرك. ويعد جهاز أمن الدولة الاسرائيليى / شين بيت / من الأجهزة ذات السبق في مجال التجسس الاليكترونى والتنصت الرقمى وله ابحاث تطوير هامة في هذا الصدد، وتعمل إدارة نيتانياهو على تسوية اية خلافات بين / شين بيت / ووكالة الدفاع الاليكترونى المنشأة حديثا بسبب تشابك اختصاصاتها مع الشين بين ورفض شين بيت نقل بعض صلاحياته في مجال الأمن الرقمى للوكالة الجديدة. و تعارض حكومة نيتانياهو الحملة التي تقودها الأممالمتحدة لعمل " ميثاق شرف اخلاقى دولى للانشطة الرقمية " وفى مقابل ذلك تتبنى حكومة نيتانياهو إستراتيجية " الردع الرقمى " وتعمل على بناء تحالف دولى يدعم هذه الفكرة، وفى يونيو القادم، تعقد الجامعة العبرية في تل ابيب مؤتمرها السنوى الذي سيتخذه نيتانياهو منصة لإطلاق مبادرة " الردع الرقمى " وذلك بحسب ما أكده المسئولون عن اجندة المؤتمر، كما تسعى الحكومة الإسرائيلية إلى طرح أفكار بوضع قيود على صادرات إسرائيل من تقنيات مكافحة التجسس الاليكترونى التي تنتجها الشركات الإسرائيلية إلى أسواق العالم الخارجى باعتباراها " أسلحة ذات طابع إستراتيجي " قد يستغلها من يريدون افلات الاختراق الأمنى لحواسبيهم وهواتفهم المحمولة من الارهابيين وغاسلى الأموال ومهربى المخدرات، وتخشى إسرائيل من ابتكار البعض لتكنولوجيات مضادة لبرامج القرصنة والاختراقات الرقمية التي تنتجها إسرائيل.