يواجه حزب المحافظين البريطاني الحاكم انقساما متزايدا في صفوفه بعد استقالة وزير العمل والمعاشات، أيان دنكان سميث، احتجاجا على الاستقطاعات التي يخطط لها وزير الخزانة جورج أوزبورن في ميزانية الإعانات الاجتماعية. ويعاني الحزب الحاكم من حالة انقسام بالفعل بخصوص البقاء في الاتحاد الأوروبي، فبينما قال زعيمه كاميرون إنه سيساند البقاء داخل الاتحاد، أعلن كثير من أعضاء الحزب ذاته إنهم لا يعتزمون اتخاذ الموقف نفسه. وأظهر استطلاع أجرته صحيفة "ذي تايمز"، شمل 144 من الأعضاء المحافظين في البرلمان وعددهم 330 عضوا، أن 57% من الذين اتخذوا قرارهم بالفعل يعتزمون تأييد الانفصال عن الاتحاد الأوروبي، بينما كشفت استطلاعات أخرى أن عدد نواب الحزب الذين قرروا دعم الخروج يتخطى 150 نائبا، ومن بينهم عمدة لندن، بوريس جونسون، الذي يعتبر أحد أبرز المرشحين لخلافة ديفيد كاميرون على زعامة الحزب، وهو ما يعني أن زعيم الحزب الحالي يؤيد جانبا البقاء، بينما يؤيد زعيم الحزب المحتمل في المستقبل الجانب الآخر. وأشاد عدد من النواب المحافظين، ومن بينهم النائب بيتر بون، بقرار أيان دنكان سميث بالاستقالة من الحكومة بشأن خلاف على تخفيضات في ميزانية الاعانات الاجتماعية وخاصة إعانات المعاقين، واصفا سميث "برجل المبادئ"، بينما انتقده آخرون، ومن بينهم صديقه وزميله في التحالف المطالب بخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي ووزير العدل مايكل جوف، واصفين سبب استقالته "بالمحير"، و"المثير للخيبة". وأعلن وزير العمل والمعاشات، أيان دنكان سميث، مساء الجمعة الماضي استقالته من منصبه اعتراضا على الاستقطاعات التي أعلن عنها وزير الخزانة، جورج أوزبورن، في نظام الرعاية الاجتماعية وتقليل إعانات المعاقين، مشيرًا إلى أن هذه الاستقطاعات "لا يمكن تبريرها"، وتضع الكثير من العبء على المحتاجين. وفي رسالة استقالته، وجه ووزير العمل والمعاشات انتقادات للضغوط التي يتعرض لها نظام الرعاية الاجتماعية وعدم الرغبة في توزيع عبء خفض الإنفاق. ويواجه أوزبورن تمردا متزايدا من داخل حزب المحافظين، بسبب خطته المالية التي تشدد معايير الاستحقاق للإعانات الاجتماعية الحكومية للمصابين بالعجز أو الأمراض المزمنة. وتصل التخفيضات في هذه الإعانات إلى 4.4 مليارات جنيه استرليني خلال السنوات الخمس المقبلة. وفي تغيير وزاري محدود، عين رئيس الوزراء سريعا وزير شؤون اسكتلندا، ستيفن كراب، وزيرا للعمل والمعاشات ليحل محل سميث المستقيل. ودخلت الحكومة البريطانية مرحلة التراشق الاعلامي بين أعضاءها، حيث أصدرت البارونة ألتمان الوزيرة بوزارة العمل والمعاشات بيانا أمس السبت تعرب فيها عن صدمتها من استقالة الوزير، معربة عن خيبة أملها من الطريقة التي قدم بها استقالته. وقالت البارونة ألتامان في بيانها "الشخصي": "أشعر بالصدمة لاستقالة ايان دنكان سميث والطريقة التي تصرف بها.. أشعر بحزن شديد لأنني أعلم أن الأمر كله يدور حول حملة الاستفتاء على عضوية الاتحاد الأوروبي وليس صراعا حول زيادة ميزانية الإعانات الاجتماعية". وأضافت "من وجهة نظر شخصية، ولعدة أشهر تدخل الوزير لمنعي من الكلام بشكل صارم. كان علي قبول ذلك على أنه جزء من عملي في الحكومة، ولكن أشعر الآن بالغضب الشديد لرؤيته يستغل قرار رئيس الوزراء بمنح الوزراء حرية الانضمام لحملات البقاء ومغادرة الاتحاد الأوروبي". من جانبها، ردت وزيرة شؤون التوظيف بوزارة العمل والمعاشات، بريتي باتيل عبر "بي بي سي" على البارونة ألتمان، مدافعة عن الوزير المستقيل، مضيفة أنه طالما قدم الدعم لكل العاملين معه في الوزارة. وتسبب الانقسام الذي تعاني منه الحكومة وحزب المحافظين، في تقدم حزب العمال في استطلاعات الرأي الأخيرة، وللمرة الأولى منذ تولي السياسي الاشتراكي جريمي كوربين زعامة حزب العمال. وطبقا لاستطلاع مؤسسة "يو جوف" فإن شعبية حزب العمال بلغت 34%، متقدما بنقطة مئوية على حزب المحافظين بنسبة 33%، فيما حل حزب الاستقلال اليميني في المركز الثالث بنسبة 16%، والديمقراطيين الأحرار في المركز الرابع بنسبة 6%. كان استطلاع مؤسسة "آي سي ام" منذ عدة أيام قد وضع المحافظين والعمال في نفس المستوى عند 36%، حيث كانت المرة الأولى أيضا التي يتساوى فيها الحزبان منذ تولي كوربين زعامة العمال.