ذكرت صحيفة كريستيان ساينس مونيتور الأمريكية اليوم السبت، أنه حتى في الوقت الذي تتشابك فيه إسرائيل علنا مع السويدوالأممالمتحدة والمبعوث الأمريكي يحاول رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في صمت " التسوية" وسط مؤشرات على تضاؤل الدعم الدبلوماسي الأمريكي. وقد بدأ الاشتباك مع وزيرة الخارجية السويدية وتطور بعد ذلك ليشمل السفير الأمريكي وبلغ أوجه مع الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون. وكانت إسرائيل قد واجهت انتقادات علنية في الآونة الأخيرة من اصدقائها بشأن سياساتها تجاه الفلسطينيين وكان رد فعل الحكومة اليمينية المتشددة بقيادة بنيامين نتنياهو شديدا. وقالت الصحيفة الأمريكية إن وزيرة الخارجية السويدية مارجو والستروم أصبحت الآن شخصا غير مرحب به في إسرائيل بسبب انتقادها لقتل الشرطة الإسرائيلية فلسطينيين ينفذون هجمات بالسكاكين. ومضت الصحيفة تقول إن إسرائيل وصفت تصريحات دان شابيرو المبعوث الأمريكي بأنها "غير مقبولة وغير صحيحة" لقوله إن هناك ازدواج في المعايير لدى إنفاذ القانون في الضفة الغربية. وقالت الصحيفة إن السيد بان كي مون رغم علاقاته الجيدة مع إسرائيل تعرض لهجوم من رئيس وزرائها والسفير الإسرائيلي في الأممالمتحدة الذي اتهمه باذكاء الإرهاب لتحذيره من أن المقاومة الفلسطينية لن تهدأ قبل أن تقام دولة فلسطينية. ومضت الصحيفة تقول إن ردود الفعل الإسرائيلية تظهر إسلوب حكومة نتنياهو بالصد العنيف لاي منتقد لاحتلالها العسكري للاراضي الفلسطينية وهي تعكس أيضا تراجع هذه الحكومة عن المساعي الدبلوماسية وسط انقطاع محادثات السلام وغياب مبادارات دبلوماسية جديدة من جانب إسرائيل تجاه الفلسطينيين. وقالت الصحيفة إن هذه السياسة الإسرائيلية قد تكون "مكلفة" رغم أنها قد تبلي بلاء حسنا في الداخل إلا إن هذه المشاحنات تخاطر بالقضاء على قدرة إسرائيل على صد المبادرات المحتملة التي تدعم إقامة دولة فلسطينية في أوروبا والاممالمتحدة وذلك في الوقت الذي تبدي فيه الولاياتالمتحدة إيماءات على أنها ستكون أقل ميلا للتدخل لإنقاذ إسرائيل دبلوماسيا. وقال عوديد أران السفير الإسرائيلي السابق للاتحاد الأوروبي " هناك تراكم في الحوادث الدبلوماسية التي كان عاملها المشترك هو نمو الانتقاد الدولي لظاهرة معينة في السلوك الإسرائيلي في الأراضي المحتلة " وأضاف " الجديد هو النبرة الاتية من وزارة الشئون الخارجية والتي ردت بشدة مبالغ فيها على هذه الاتهامات ". وقال عمير تيبون المراسل الدبلوماسي لموقع والا نيوز الإسرائيلي إن معاملة الاممالمتحدة لإسرائيل منحازة ولكن الأمين العام للام المتحدة بان كي مون شخصيا وقف إلى جانب إسرائيل ضد حماس وإيران. وأضاف " أنه لأمر شرعي أنتقاد موقف مؤسسته تجاه إسرائيل.. لكن تحويله إلى عدو شخصي فهذه غلطة ستأتي بنتيجة عكسية ". وقالت الصحيفة أنه في كواليس هذه الحرب الكلامية المشتعلة يحاول نتنياهو في صمت انتقاء خطواته من أجل الحفاظ على علاقاته مع الحلفاء مثل الولاياتالمتحدة التي بوسعها مساعدة إسرائيل المعزولة على صد المبادرات الجديدة التي تصب في صالح إقامة دولة فلسطينية. وقال عوفير زالزبيرج المحلل في مجموعة الأزمات الدولية " لأنه في النهاية يرغب في تسوية الأمر بنجاح فما نراه هو سياسة تتجنب إجراءات معينة لأنها تتجاوز الخطوط مع الحلفاء الدوليين... هذه المواجهات تجعل الأمر أكثر صعوبة على نتنياهو أن يتفادى مخاطر دبلوماسية وشيكة الحدوث ". وكانت فرنسا قد دعت الأسبوع الماضي إلى عقد مؤتمر دولي لاحياء محادثات السلام بين إسرائيل والفلسطينيبين وهي صياغة طالما حاولت إسرائيل مقاومتها خوفا من أن يفرض مؤتمر كهذا "اتفاقا". وقالت الصحيفة إنه بعد أن قرر الاتحاد الأوروبي تصنيف المنتجات من المستوطنات في الضفة المحتلة ثار قلق في إسرائيل من أن الاوروبيين سيفرضون عقوبات جديدة على المستوطنين الاسرائيليين والمشروعات التجارية فيما وراء الخط الأخضر. وقال زالمان شوفال السفير الإسرائيلي السابق لدى الولاياتالمتحدة والعضو في حزب الليكود الذي يتزعمه نتنياهو " الاسرائيليون يشعرون انهم يصبحون هدفا للسياسات الأوروبية والمعاملة غير العادلة.. هذا يجلب رد فعل أكثر تشددا من الجانب الإسرائيلي ". وأضاف " الطريقة التي تسير فيها إسرائيل لتقليل الضرر هو محاولة التوازن بين المبادرات الأوروبية بالحفاظ على علاقة وثيقة بالولاياتالمتحدة ". وقالت الصحيفة إن نتنياهو يحاول استعادة العلاقات مع إدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما حيث وافق العام الماضي على هدنة بشأن اتفاق إيران النووي المثير للجدل. ويقول محللون إن نتنياهو راعى ابطاء في بناء المباني الجديدة في الضفة الغربية رغم الضغوط من قبل الناخبين المؤيدين لسياسة الاستيطان. وكان الإعلان الحديث عن بناء 150 منزلا جديدا هو الأول فيما يزيد على عام وهي فترة توقف طويلة لسياسة الاستيطان.. وانخفض الإسكان الإسرائيلي في الضفة الغربية 5 % في عام 2015. وقالت الصحيفة أنه عندما تصدر انتقاد السفير الأمريكي شابيرو عناوين الاخبار في إسرائيل والولاياتالمتحدة بسبب مقارنته الاحتلال العسكري الإسرائيلي بالفصل العنصري في جنوب أفريقيا أعقب ذلك نتنياهو برد حاسم حيث اجتمع مع شابيرو لتصفية الأجواء. ولم يحدث بعد ذلك تصعيد في الأمر. وقال شابيرو في مقابلة مع الراديو يوم الخميس الماضي " أنا فخور بعلاقتي مع رئيس الوزراء... أريد أن أكون قناة بناءة تدفع قدما التعاون بيننا امنيا واقتصاديا ودبلوماسيا.. سواء اتفقنا أو لا ". وأردفت الصحيفة تقول إن الحاجة إلى حشد الحلفاء في وقت "عدم اليقين الدبلوماسي" قد يفسر أيضا توقيت قرار رئيس الوزراء بالموافقة على السماح لليهود غير المتشددين بالصلاة عند حائط البراق في القدس. ورغم أن هذا القرار أزعج الكثير من اليهود المتشددين في مجلس الوزراء الإسرائيلي غير أن هذا الإجراء رأه دبلوماسي غربي أنه يحشد دعم فئة تعتبر إستراتيجية للضغط على الحكومة الأمريكية. ويقول المحلل زالزبيرج أنه عندما يتعلق الأمر بحل النزاع مع الفلسطينيين، فإن الزعيم الإسرائيلي يفضل الوضع الراهن على أي تغيير جذري في السياسة الإسرائيلية في هذه المرحلة. ويضيف بإن نيتنياهو ملتزم بسياسة تخلق توترا على الصعيد الدولي وهو يبحث عن سبل لتخفيف هذا التوتر إلى الحد الأدنى ولكنه لايغير هذه السياسة.