يتحلقن فى دوائر صغيرة، لكل منهن وظيفتها المحددة، يعملن بشغف تبوح به البهجة التى تملأ المكان، يخفف عنهن عناء اليوم الطويل، تبادلهن الضحكات والنكات، وفى أحيان أخرى تقوم إحداهن بتشغيل ال«دى جى» ليتناوبن الرقص على أنغام الأغانى الشعبية، ورغم تفاوت أعمارهن واختلاف مهاراتهن، إلا أنهن يجتمعن على الصداقة والمودة، وينتظرن هذه «اللمة» من سنة للتالية. صخب الفتيات ومزاحهن يزعج الحاجة «أم عبدالقادر»، فهى ترى فى ذلك مضيعة للوقت، لكنها من وقت لآخر لا تستطيع منع نفسها من مبادلتهن روح الدعابة، لتحفيزهن على متابعة العمل، لإشاعة حالة البهجة فى أرجاء المكان، تلك الألوان الزاهية لعرائس المولد بتصاميمها وأحجامها المختلفة، المتراصة بشكل هندسى منظم، تعلمنه بالفطرة وأحيانا بالخبرة، بعد أن قمن بتلوين وتلبيس العرائس، بأوراق الزينة والقماش الملون، وإضافة قطع «الإكسسوار» اللامعة البراقة. يسبق تزيين العروسة أو الحصان، عملية صنع الحلاوة التى يتولى الإشراف عليها أبناء الحاج يحيى، الذين توارثوها من جيل لآخر، حيث يعكف علي إنتاجها «صنايعية» يؤدون عملهم بمهارة وخبرة، ففى قلب شارع «أسرية الحلواني» أحد الشوارع المتفرعة من شارع حسن العتال بمدينة طنطا، لا تزال صناعة حلوى المولد النبوى «العروسة الحصان» تحتفظ ببريقها، رغم خفوت صناعتها والإقبال عليها.