لا تزال تلوح الدول الغربية عن بشاعة حادث الطائرة الروسية التي تحطمت بداية الشهر الجاري في سيناء، مرجحة أن الطائرة قد سقطت بواسطة قنبلة كانت على متنها، واستغلال ذلك لشن هجوما حادا على الأمن المصري وسحب العديد من السياح. غير أن هذا الحادث ليس الأبشع كما تصور الدول الغربية، فهناك حادث آخر ربما يكون المأسوي على مر التاريخ، ورغم أن الصحف الغربية قد نشرت تقارير عن غالبية حوادث الطائرات المدنية البشعة التي وقعت على مر التاريخ، لكن يبدوا أنها "تناست" أحداها التي تعتبر هي الأسوأ، كما ترصد قناة "روسيا اليوم" الروسية. وأوضحت القناة أن العالم شهد الكثير من الكوارث الجوية المأسوية المتعددة الأسباب، لكن هناك حادث آخر وقع في سيناء أيضا قبل 42 عاما، وهو الذي يعد الأكثر عدوانية وتعمدا واستهتارا بأرواح الأبرياء. حدث ذلك يوم الأربعاء 21 فبراير عام 1973 فوق شبه جزيرة سيناء، حيث اعترضت مقاتلتان إسرائيليتان من طراز "فانتوم – 4" طائرة ركاب مدنية من طراز "Boeing 727 - 224" تابعة للخطوط الجوية الليبية انحرفت عن مسارها وأسقطتها من مسافة قريبة، ما أودى بحياة 108 أشخاص من بين 113 من ركابها. انطلقت طائرة الخطوط الجوية الليبية في رحلتها رقم 114 من مطار العاصمة طرابلس وهبطت لفترة وجيزة في مطار "بنينا" في مدينة بنغازي شرق البلاد، ثم استأنفت رحلتها متوجهة إلى محطتها الأخيرة القاهرة وعلى متنها 104 ركاب وطاقم فرنسي من 8 أفراد، إضافة إلى مساعد طيار ليبي. حلّقت الطائرة المدنية الليبية نحو القاهرة في جو ملبد بالغيوم، وتعرضت لعاصفة رملية ورياح قوية على ارتفاع 6100 متر، وبعد نحو 15 دقيقة بدأ الشك يراود الطيارين بأنهم انحرفوا عن مسارهم نتيجة عطل في البوصلة ولأنهم لم يشاهدوا أضواء المهبط. واصلت الطائرة في تلك الأثناء تحليقها في اتجاه الشرق، وظن الطاقم أنهم إلى الغرب من القاهرة، فيما كانوا إلى الشرق منها، إلا أن الطيارين لم يبلغوا شكوكهم لبرج المراقبة في مطار القاهرة قبل أن يمنحهم الإذن بالانخفاض. بعد دقائق معدودة اجتازت طائرة الخطوط الجوية الليبية قناة السويس على ارتفاع 6000 متر، ودخلت إلى سماء شبه جزيرة سيناء التي احتلتها القوات الإسرائيلية في حرب عام 1967. وحين أبلغ ربان الطائرة برج مطار القاهرة بأنه لا يرى أضواء المهبط، نصحه بالهبوط إلى ارتفاع 1000- 1200 متر، وفي تلك اللحظة اقتربت مقاتلتان إسرائيليتان من الطائرة المدنية الليبية. وطلبت الطائرتين الإسرائيلتين من الطاقم النزول في قاعدة "ريفيدم الجوية"، إلا أن فريق الطائرة اعتقد أنها القاعدة العسكرية الواقعة شرق القاهرة، مما دفعه للاتجاه غربا من جديد ناحية قناة، ظنا أنه بذلك يتجه إلى مطار القاهرة، ورغم أن الطائرة الليبية أصبحت بعيدة عن سيناءالمحتلة ومفاعل ديمونة الإسرائيلي، إلا أن المقاتلات الإسرائيلية لم تتردد عن إسقاطها بدم بارد. أنكرت تل أبيب في البداية أية مسئولية عن سقوط الطائرة المدنية الليبية، إلا أنه بعد الإعلان عن معلومات الصندوق الأسود وسجل المحادثات بين أفراد الطاقم وبرج المراقبة في 24 فبراير، اعترف الجيش الإسرائيلي بتدمير الطائرة المدنية الليبية.