تستمر الصين في غزوها الاقتصادى للقارة الأفريقية، حيث اعتمدت أنجولا مطلع الشهر الجارى العملة الصينية "اليوان" كثانى عملة رسمية في البلاد بعد الكوانزا. وسطلت مجلة "لوبوان" الفرنسية الضوء على العملة الصينية التي بدأت تجتاح القارة السمراء، فقد اعتمدت جنوب أفريقيا، والتي تعد أول شريك تجارى للصين على مستوى القارة، اليوان كثانى عملة رسمية للبلاد في أبريل الماضى. وكان البنك المركزى في زيمبابوى، اعتمد اليوان كعملة رسمية أيضا منذ مارس 2014، فيما تستخدم غانا ونيجيريا وجزر موريشيوس اليوان كعملة الاحتياط والتسوية، ومن المتوقع أن يستمر اليوان في التوسع على مستوى القارة الأفريقية برمتها. وترى المجلة الفرنسية أن الهوس باليوان يلبى في المقام الأول الإستراتيجية الصينية حيث تسعى بكين إلى جعل اليوان عملة دولية حقيقية ومن أجل تحقيق هذا الهدف قامت الصين منذ عدة أعوام بزيادة حجم صفقاتها الدولية باليوان. ووفقا للدراسة التي أجراها بنك "اتش اس بى سى"، فإن نحو نصف العمليات التجارية التي تقوم بها الصين في الخارج ستكون باليوان بحلول عام 2020 ومن ثم سينافس اليوان الدولار كعملة عالمية. وأوضحت "لوبوان" أن العملة الصينية تحتل اليوم المركز الخامس على مستوى العالم فيما يتعلق بالتبادل التجارى بعيدا عن الدولار واليورو والجنيه والين، إلا أن الصين تسعى جاهدة لجعل عملتها عالمية لكن أحد المعايير التي يطالب بها صندوق النقد الدولى أن يكون لديها احتياطي نقدى دولى وحتى الآن لايمكن تقدير قيمة اليوان سوى بالدولار أو اليورو أو الجنيه أو الين. وتعتبر عملية تبنى القارة الأفريقية لليوان إحدى الإستراتيجيات التجارية فمنذ عام 2009 أصبحت الصين الشريك التجارى الأول للقارة الأفريقية، ووصل حجم التبادل التجارى بين الصين وأفريقيا خلال عام 2014 إلى 2220 مليار دولار أي أضعاف ما كان عليه الحال في عام 2000، وزادت الاستثمارات الصينية في أفريقيا بصورة مطردة حتى وصلت إلى أكثر من 75 مليار دولار في الفترة ما بين عامى 2000 و2011، إلا أنها تعد الثانية على مستوى القارة بعد الولاياتالمتحدةالأمريكية التي استثمرت نحو 90 مليار دولار في الفترة ذاتها. وأكدت المجلة الفرنسية أن التوسع في استخدام اليوان في أفريقيا من شأنه تسهيل التبادل التجارى والاستثمارات كما يمكنه خلق منطقة لليوان في أفريقيا، وتعد عملية تبنى أفريقيا لليوان ذات منفعة مزدوجة فهى تحول من جانب دون الاعتماد على تقلبات سعر الدولار ومن جانب آخر تسهل استيراد المنتجات الصينية حيث سيتم التبادل دون تدخل الوسيط وهو الدولار. وتطرقت "لوبوان" إلى مخاطر تبنى اليوان حيث قامت الصين بتخفيض قيمة عملتها لمدة ثلاثة أيام على التوالى ويعد هذا الانخفاض المفاجئ بمثابة محاولة لانعاش الاقتصاد المتعثر وتحفيز التجارة الخارجية التي تعانى من بعض الصعوبات، إلا أن ذلك أثر سلبا على الدول الأفريقية. ويسعى البنك المركزى الصينى إلى إعادة استقرار اليوان، إلا أن ذلك سيؤثر على الدول الأفريقية الأكثر ارتباطا بالصين، وعلى سبيل المثال، فإن ثلثى العمليات التجارية التي قامت بها جنوب أفريقيا في يونيو الماضى مع الصين كانت باليوان مقابل 10% فقط العام الماضى، إلا أن العملة الصينية شهدت انخفاضا يقدر ب5% الشهر الماضى أمام الدولار. وقد يؤثر انخفاض قيمة اليوان على الراند (عملة جنوب أفريقيا)، وتسلط عملية خفض قيمة اليوان الضوء على قدرته على المنافسة أمام الدولار أو أن يحل محله كعملة دولية ثابتة تستخدم في التبادلات التجارية الدولية.