يولد الطفل صفحة بيضاء، ونحن نخط فيها ما نشاء من عادات وألفاظ وصفات، لذا فعادةً تكون تنشئة الطفل والبيئة التي يعيش فيها هي التي تجعله يكتسب الصفات والعادات، وهذه حقيقة لا بد من الاعتراف بها، فالطفل لا يأتي إلى هذه الدنيا حاملًا الألفاظ والعبارات السيئة، بل نحن من نتلفظ بها أمامه وهو فقط يقوم بترديدها، حتى دون أن يعرف معناها، وبدأنا هذه البداية التي قد تكون مزعجة للبعض، حتى ننبه من هم في البداية ولم يرزقوا بعد بأطفال إلى ضرورة الانتباه إلى كل صغيرة وكبيرة عند تربية الأطفال، وحتى الكلمة، والآن وبعد أن التقط الطفل كلمات الشتم والسب، سواءً من الأهل أو الأقارب أو الجيران في الحي الذي يسكنه، أو في المدرسة لمن هم في سن المدرسة فلا بد من معالجة هذه السلوكيات، وخاصةً إذا كان الطفل يتلفظ بها لشتم كل الأشخاص، ولا تبقى محصورةً في نطاق العائلة، مما يسبب الحرج والإزعاج للجميع، ولمعرفة كيفية التعامل مع الطفل الذي يشتم الآخرين إليكم هذه التفاصيل المهمة. عزيزتي الأم، كونك المسئول الأول عن تربية الطفل، فلا بد لك أن تقفي على الأسباب التي دعت طفلك لاستخدام هذه العبارات والشتائم، والتي يمكن أن تكون عائدة إلى واحدة من: عدم قدرة الطفل على ضبط النفس، أو لتقليد لأشخاص آخرين حوله ممن يسب ويشتم أمام هذا الطفل، أو تقليد لما يشاهده في التليفزيون، وهنا عليك تعليم الطفل أن السب والشتم العابر تحت ظروف وضغط نفسي معين قد يكون مقبولًا ولا يؤذي الآخرين، وأن الآخرين سيكرهونه ويبتعدون عن صداقته إذا بقي كذلك. الآن يأتي دورك لتعالجي هذا التصرف الذي يحرجك ويزعج الآخرين، وذلك بالقيام بما يلي: يتوجب عليك عزيزتي الأم أن تعلمي طفلك في البداية أن الألفاظ التي يقوم بنطقها وسب الآخرين بها تتسبب في أذية مشاعرهم، وأن هذا الأمر غير مقبول، وبهذا نبدأ بالتأسيس الصحيح الذي سنبني عليه باقي المبادئ. لا بد من مراعاته، أن تتخذي ردة الفعل المناسبة وتضبطي أعصابك، فلا تبدي الانزعاج الشديد أمام الآخرين، وبالمقابل لا تبتسمي له ابتسامة رضا فيعتقد أن الأمر مقبول ولا مانع من تكراره. إذا لاحظت أن طفلك يتلفظ بعبارات سيئة عند الغضب أو للتعبير عن عدم الرضا، فعليك إيجاد بدائل لهذه الألفاظ، ليعبر بها عن استيائه، مثل "أنا غاضب منك"، أو "لا أريد اللعب معك"، أو "لا أريد التكلم مع أحد"، فهي كفيلة بإيصال غضبه إلى أي شخص. احرصي على عدم التلفظ بما تكرهين أمام طفلك، وكذا زوجك، وإخوانه الأكبر سنًا، فالطفل كم ذكرنا يردد الألفاظ دون أن يدرك معناها أو لمن توجه، فقط يردد، فلا تكوني أنت وعائلتك مصدرًا لهذه الألفاظ. حاولي إشغال طفلك بما يعود عليه بالنفع، ولا تسمحي له بمشاهدة المسلسلات والأفلام التي قد تتردد فيها الألفاظ السيئة. اطلبي من المقربين أن يتجنبوا الألفاظ السيئة أو المؤذية أمام طفلك، لا بد من مراعاة التهذيب عند طلب ذلك حتى لا تكوني بمثابة المقوم لسلوكهم. وبعد هذه الجملة من النصائح، فإذا تمت الاستجابة من طفلك ولم يعد يردد الكلام المؤذي، فلا بد أن تكافئيه، وتمدحي تصرفاته أمام الآخرين، حتى يشعر بحسن العمل الذي قام به.