رغم حياته المليئة بالإثارة والعديد من الحروب التي خاضها كمقاتل أو مراسل صحفي، إلا أن الأديب الأمريكي الأشهر آرنست همينجواي كان واحدًا ممن انتهت حياتهم بشكل مؤلم، حيث امتلأ عالمه عندما غزته الاضطرابات العقلية، ليُطلق النار على نفسه في النهاية. ولد آرنست ميللر همينجواي الحادي والعشرون من يوليو عام 1899 في ولاية إلينوي الأمريكية، وعمل في فترة مبكرة من حياته صحفيًا بجريدة "كنساس ستار"، ثم متطوعا للصليب الأحمر الإيطالي مع نهايات الحرب العالمية الأولى، حيث أصيب بجروح خطيرة أخضعته لعدة عمليات جراحية حصل إثرها على رتبة ملازم مع نوط الشجاعة. بعد تقاعده من الجيش عاد "همينجواي" بعد ذلك ليعمل مراسلًا لصحيفة "تورنتو ستار"، ثم هاجر إلى باريس ليعمل مراسلًا أيضا، وأجرى مقابلات مع كبار الشخصيات والأدباء مثل الديكتاتور الإيطالي موسوليني الذي وصفه بأنه "متمسكن وهو أكبر متبجح أوروبي في نفس الوقت"، كما تعرف على أدباء فرنسا في أوج الحركة الثقافية الفرنسية، ما أضاف إليه الكثير. نشر همينجواي أولى مجموعاته القصصية "ثلاث قصص وعشرة أناشيد"، والتي لم تلق نجاحًا كبيرًا فأعقبها ب"الشمس تشرق أيضا" التي لاقت نجاحًا منقطع النظير، ما شجعه على نشر مجموعة أخرى هي "الرجل العازب"، ثُم نشر واحدًا من أهم أعماله هو "وداعا أيها السلاح"، الذي تحول إلى مسرحية ثُم فيلم سينمائي، ما دفعه لترسيخ اسمه الأدبي بعمل أدبي جديد ومتميز، فنشر "وفاة في العشية"؛ وبدأ منذ عام 1933 يتردد باستمرار على كوبا، وفيها كتب عمله "الفائز يخرج صفر اليدين"، وكتب بعدها "روابي أفريقيا الخضراء" عن رحلته لشرق القارة لصيد الطرائد البرية؛ ثُم انتقل للعمل مراسلًا حربيًا لتغطية الحرب الأهلية الإسبانية، ثم شارك في الحرب ضد النازية والفاشية، واصطحب معه زوجته الثالثة كمراسلة على الجبهة الروسية والصينية، ونشر آنذاك "لمن تقرع الأجراس" التي تجاوزت مبيعاتها المليون نسخة في العام الأول لنشرها. حصل همينجواي على جائزة بوليتزر الأمريكية في الصحافة عام 1953، كما حصل على جائزة نوبل في الأدب في عام 1954 عن رواية "العجوز والبحر"، وجائزة بوليتزر مرة أخرى "لأستاذيته في فن الرواية الحديثة ولقوة أسلوبه كما يظهر ذلك بوضوح في قصته الأخيرة العجوز والبحر" حسب ما جاء في بيان لجنة نوبل؛ إلا أنه في آخر حياته انتقل للعيش في منزل بكوبا، حيث بدأ يعانى من اضطرابات عقلية؛ وفي الساعات الأولى من صباح يوم 2 يوليو 1961، أطلق النار على نفسه مع بندقية أبيه المفضلة لديه، فقام بفتح مخزن الطابق السفلي حيث كان يحتفظ بالبندقية، وذهب إلى الطابق العلوي إلى بهو المدخل الأمامي للمنزل، ووضع نهاية الفوهة في فمه ثم ضغط على الزناد وفجر دماغه، وقيلت القصة إلى الصحافة أن ذلك كان مصادفة، وتحول منزله في كوبا إلى متحف يضم مقتنياته وصوره.