رغم امتلاكه كل أدوات المنشد الدينى، بداية من خامة الصوت وثقافته الموسوعية وعلاقته النورانية مع الله، وانتهاء بقدرته على التعامل وقلوب العاشقين، سواء المتصوفة أو بسطاء آخرين مالت قلوبهم مع الكلمة واللحن تقربا إلى الله ورسوله، إلا أنه بدأ احتراف الإنشاد الدينى فى مرحلة متأخرة من عمره، ليثبت فى فترة وجيزة مدى تفوق موهبته فى مجال الإنشاد، لذا عرف الشيخ جودة هيكل بين جمهوره بقيثارة الإنشاد، بعدما اكتسب شهرة واسعة بفضل موهبته وأدائه المميز، فهو أحد أهم أعضاء فرقة الإنشاد الدينى التى أسسها رائد الفن الشعبى المعاصر المخرج عبدالرحمن الشافعى فى الهيئة العامة لقصور الثقافة المصرية، ومؤسس فرقة الحضرة المصرية للإنشاد الديني. عن تعريف الصوفية والبداية الحقيقية وسبب التسمية، قال إن هناك أقوالا كثيرة فى هذا الأمر، أولها ما يرجع التسمية إلى «أهل الصفة» فى عهد الرسول ممن كانوا على نهج الصوفية ويمارسون التصوف فى مراحله الأولى تحت مبادئه الأساسية: «السر، البر، الوفاء، الإخلاص»، وهؤلاء اشتهروا بالعزلة وارتداء الملابس الصوفية الخشنة دليلا على التقشف وزهد رفاهية الحياة ومدى ارتباطهم بما هو أسمى فى علاقتهم برب العالمين. وبخصوص علاقة المتصوف بربه وماهيتها، أوضح أن قلوب الصوفية ترى الجسد البشرى مكونا من «طين ونور»، فالأول يعبر عن الروح، أما النور فيرتبط بالنفس البشرية التى تتكون من نار وتعتبر مصدرا للشر، لذا يكون جهاد النفس أولى عقبات المتصوف الحقيقى حتى يصبح شخصا نورانيا بفضل التقرب إلى الله وكثرة الذكر خاصة اسم الله و«لا إله إلا الله» بعدد معين، هكذا إلى أن تموت النفس بأصنافها السبعة بداية من النفس الأمارة بالسوء وانتهاء إلى النفس المطمئنة، حينها يدخل المتعبد الزاهد دائرة النورانية ويرتقى ويتقدم فى علاقته مع الله، متابعا: «هناك مثال شهير لدى الصوفية دعنى أذكره لك على سبيل التأكيد: كلنا يعرف أن «إبليس» مخلوق من نار وكان اسمه فى بادئ الأمر «عزازيل»، إلى أن تخلص من ناريته بكثرة العبادة وتحول إلى نور حين ارتقى فى العبادات مع ربه، بعدها أصبح ملائكيا وترقى درجة أخرى جعلت منه طاووسا للملائكة، سمحت له بالنظر إلى اللوح المحفوظ، وقتها أدرك قصة آدم وأمر السجود قبل أن تحدث، بفضل كثرة العبادات وما منحه الله من أدلة ومعطيات لذا رفض طاعة أمر السجود. فهذا إبليس، المخلوق من نار فما بالك بالآدمى الذى خلق من طين، فالأخير أيضا يتخلص من طينته وهو على قيد الحياة، إما أن يصبح رجلا صالحا أو يصير وليا من أولياء الله، لأنه يميت نفسه كى يرتقى مع الله بفضل العبادة، هنا تزداد نوريته وتتسع رؤيته حتى بعد وفاته يبقى الجسد كما هو عبارة عن مادة نورانية لا تأكلها الأرض، لأن الجسد المتعبد والقلب المتصوف لا يتفاعل مع التراب ولا يقبل التحلل».