مع دخول شهر رمضان الكريم يتبادل المسلمون التهاني بقدوم الشهر المبارك فرحًا واستبشارًا بما فيه من الأجر، إلا أن بعض المنتسبين إلى الدعوة السلفية استنكروا هذا النوع من التهاني حيث إنه لم يكن موجودًا بين السلف من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومن ثم يعتبرونه بدعةً في الدين لم ترد عن النبي محمد وأصحابه. وقد تداول عدد من النشطاء السلفيين فتاوى مختلفة لعلمائهم تؤكد جواز التهنئة بحلول شهر رمضان، باعتبار أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يبشر أصحابه بقدومه، ويعظم لهم أجر صيامه وقيامه وأعمال الخير والبر. من جانبه أكد الدكتور عمر بن عبد الله المقبل، عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، أن التهاني من حيث الأصل من باب العادات، والأصل فيها الإباحة، حتى يأتي دليل يخصها، فينقل حكمها من الإباحة إلى حكم آخر، مدللًا على ذلك بتهنئة بعض الصحابة بعضًا في الأعياد، وأنهم كانوا يعتادون هذا في مثل تلك المناسبات. ونقل عن الشيخ السلفي عبد الرحمن بن ناصر السعدي قوله: «هذه المسائل وما أشبهها مبنية على أصل عظيم نافع، وهو أن الأصل في جميع العادات القولية والفعلية الإباحة والجواز، فلا يحرم منها ولا يكره إلا ما نهى عنه الشارع، أو تضمن مفسدة شرعية، وهذا الأصل الكبير قد دل عليه الكتاب والسنة في مواضع، وذكره شيخ الإسلام ابن تيمية وغيره.»، لافتًا إلى أن الناس لم يقصدوا التعبد بها، وإنما هي عوائد وخطابات وجوابات جرت بينهم في مناسبات لا محذور فيها، بل فيها مصلحة دعاء المؤمنين بعضهم لبعض بدعاء مناسب، وتآلف القلوب كما هو مشاهد. وأوضح في مقال نشرته مواقع سلفية أن التهنئة بقدوم رمضان ورد فيها عدد من الأحاديث الضعيفة، من بينها الحديث الشهير على ألسنة العامة أن رمضان أوله رحمة وأوسطه مغفرة وآخره عتق من النار. واستطرد عمر قائلًا: «إذا كانت التهنئة بالعيد جائزة، فإن جوازها في دخول شهر رمضان الذي هو موسمٌ من أعظم مواسم الطاعات، وتنزل الرحمات، ومضاعفة الحسنات، والتجارة مع الله من باب أولى.» وأوضح أن بلوغ شهر رمضان وإدراكَه نعمةٌ دينية، تستحق أن يُهنّأ المسلم على بلوغها، مشيرًا إلى أن السلف كانوا يسألون الله عز وجل ستة أشهر أن يبلغهم رمضان، وفي الستة الأخرى يسألونه القبول!، ناقلًا في ذلك رأي ابن القيم. وأضاف «المقبل» أن الأمر واسع في التهنئة بدخول الشهر، فلا يُمنع منها، ولا ينكر على من تركها، مؤكدًا أن الشيخ عبد العزيز بن باز قال له إنها "طيبة"، والشيخ محمد بن صالح العثيمين أخبره أنها "طيبة جدًّا".