«الإخوان» أقاموا احتفالية داخل سجن وادى النطرون بعد حادث «كرم القواديس» عناصر الجماعة تحاول استقطاب «المساجين» ل«الفكر التكفيرى».. ولديهم «مفتى خاص» داخل الحبس شاركت في «25 يناير» بسبب وفاة أحد أقاربى في العبارة «السلام 98» اشتهر اسمه في الفترة التي أعقبت ثورة «25 يناير» كناشط سياسي، وخلال فترة حكم الرئيس المعزول محمد مرسي اتهم بتأسيس حركة «بلاك بلوك» التي قادت مجموعة من الفعاليات المناهضة لجماعة الإخوان المسلمين. بعد ثورة «30 يونيو»، كان اسمه للظهور مرة أخرى بعد اتهامه في حادث «النصب التذكارى» بميدان التحرير، حيث ألقى القبض عليه، وعوقب بالحبس 9 شهور في القضية رقم 1859 لسنة 2013 قسم قصر النيل بتهمة «إتلاف النصب التذكارى» بميدان التحرير في ذكرى أحداث محمد محمود. «البوابة» التقت الناشط شريف الصيرفى، المعروف بمؤسس حركة «بلاك بلوك»، حيث أدلى بما يمكن وصفه ب«مذكرات سياسية»، تحدث خلالها عن تجربته مع ثورة 25 يناير، وفترة سجنه، وعلاقته مع جماعة الإخوان داخل سجن وادى النطرون. ■ متى بدأت نشاطك السياسي؟ - كان عمرى 17 عامًا، عندما قررت المشاركة في ثورة «25 يناير»، وكان وفاة أحد أقاربى في حادث العبارة «السلام 98» السبب الرئيسي في ذلك، وعرفت بالثورة بعد انضمامى إلى صفحة «كلنا خالد سعيد»، واستجابتى لدعوتها إلى التظاهر يوم «عيد الشرطة»، ومنذ هذا التاريخ شاركت في كل الفعاليات التي سبقت تنحى «مبارك»، ثم في فترة حكم المجلس العسكري، وأخيرًا حكم الرئيس المعزول محمد مرسي. ■ ما حقيقة تأسيسك لحركة «بلاك بلوك»؟ - ليس لى علاقة ب«البلاك بلوك»، والقصة كلها أن الناشط الإخوانى عبدالرحمن عز هو من اتهمنى بتأسيس الحركة بعد هجومى الشرس على الجماعة، وخروجى في كل الفعاليات المطالبة بإسقاط «مرسي». ■ لكن كيف تُقيم الحركة حتى لو لم تكن أنت مؤسسها؟ - «البلاك بلوك» موضوع وانتهى، فقد ظهرت لأسباب معينة واختفت باختفاء تلك الأسباب، وإن أردت رأيى فأعضاء الحركة دافعوا عن الدولة والثورة في وقت من الأوقات، ولم يرتكبوا أي جرائم، فلم يعتدُوا على المؤسسات، ولم يهددُوا قوات الجيش والشرطة. ■ من وجهة نظرك من كان يمول «بلاك بلوك»؟ - لا أعرف، لكن أي شخص لا يريد حكم «الإخوان» لمصر كان من الممكن أن يفعل أي شيء لتحقيق هذا الغرض، سواء بدعم حركات مقاومة أو تدشين فضائيات. ■ هل تم القبض عليك في عهد «الإخوان»؟ - لا بل تم اقتحام منزلى ومُلاحقتى 3 مرات للقبض علىّ، وفشلت جميع المحاولات في آخر لحظة حيث تمكنت من الهرب، وبدأت قصة ملاحقتى أمنيًا بقرار من النائب العام الإخوانى طلعت عبدالله الذي أصدر أمرًا بضبطى وإحضارى، وبعدها خرج مساعده يؤكد أننى بانتظار أحكام ما بين الإعدام والمؤبد، ولم أعرهم أي انتباه وقلت لأصدقائى صراحة: «القرار ده يبلوه ويشربوا ميته». ■ كيف ترى الحركات المُسلحة التي ظهرت بعد ثورة «30 يونيو» دعمًا ل«الإخوان»؟ - أولا هناك فرق كبير بين الحركات الإخوانية مثل «العقاب الثورى» و«المقاومة الشعبية»، والأخرى الخاصة ب«الفكر الداعشى»، ك«خلية عرب شركس»، فلا مقارنة تمامًا بين الفكرين، والخلاصة أن «الحركات الإخوانية» الآن في «مرحلة المراهقة»، وخطورتها ستكون بعد 5 سنوات بعد أن تتمرس تلك الحركات وتحصل على تدريبات ودعم قوى. ■ من المسئول عن ظهور هذه الحركات؟ - بالطبع جماعة «الإخوان»، أنا أراها المسئولة الأولى والوحيدة عن تلك الحركات المسلحة، وهى من تقوم بتمويلها، فتوفر الشقق للاختباء وإخفاء الأسلحة. ■ ظهرت «بلاك بلوك» داعمة ل«الإخوان».. كيف تُقيمها؟ - «بلاك بلوك» فكرة، والفكرة ليست تحت حراسة أحد أو ملكًا لأحد، وعلى كل فإن فكرة «بلاك بلوك» لا تنطبق على «الفكر الإخوانى»، لكن ظهور الحركة برداء الجماعة ما هو إلا محاولة من «الإخوان» لاستنساخ ظروف ثورة «25 يناير»، حيث تسعى لإنشاء «كيانات موازية» من كل شيء في مصر بحيث تكون النسخة تابعة للجماعة، فرأينا «بلاك بلوك» إخوانية وأولتراس إخوانى مثل «أولتراس نهضاوى» و«ربعاوى»، وحركة «قضاء من أجل مصر» ككيان موازٍ لنادي القضاة وغيرهم. ■ بصفتك كنت متهمًا بتأسيس «بلاك بلوك».. هل حاولت الحركة الجديدة التواصل معك ؟ - لا.. لكن الكيانات الشبيهة ب«بلاك بلوك» عامة لها مبدأ أساسى هو إنكار الذات، فمن المستحيل أنهم يتصلون بى، خاصة أننى معروف وأصبحت ظاهرًا للأمن، وأؤكد لك ليس لى علاقة ب«بلاك بلوك». ■ كيف تم القبض عليك؟ - بعد ثورة «30 يونيو»، وسقوط حكم «الإخوان»، كنت أنوى اعتزال السياسة، لكن تأسيس نصب تذكارى للشهداء مكون من حجارة كتكريم لهم ولدورهم العظيم دون القصاص لأرواحهم استفزنى، فنزلت في تلك الفعالية وحدث ما حدث، فعلمت إننى قد أوقعت نفسى مجددًا في المشكلات، وسأعود للهروب مرة أخرى، وبالفعل هربت نحو شهر تقريبًا حتى تم القبض علىّ واستجوابى، ثم الحكم علىّ بالسجن، وتنقلت ما بين السجون إلا أن تجربتى داخل سجن وادى النطرون هي الأهم والأبرز والأقوى. ■ لماذا وادى النطرون تحديدًا؟ - لأنه واحد من أقوى السجون وأشدها حراسة في مصر، كما أننى في السجن مختلف الطوائف، منهم الإخوانى والجهادى وشيوخ من الجماعات الإسلامية، بجانب بعض من شباب الثورة، حيث دارت بينى وبين كل هؤلاء قصص كثيرة. ■ كيف تعاملت مع «الإخوان»؟ - حدثت بيننا صولات وجولات كثيرة في السجن، وأحاديث وخلافات وخناقات لا تعد ولا تحصى، ولعلى أتذكر يومى الأول عندما اقترب منى أحدهم هامسًا في أذنى» «هو أنت بقى الصيرفى ؟» فأجبت «نعم»، فتركنى. الإخوان خارج السجن شيء، وداخل السجن شيء آخر حتى المنهج، حيث يحاولون داخل السجن جذب مزيد من الأفراد لأفكار الجماعة، وتبدأ المحاولة منذ الوهلة الأولى للنزيل الجديد داخل السجن، حيث يسأله أفراد الجماعة عدة أسئلة ليعرفوا فكره فإن كان إخوانيًا ينضم لفرقتهم وإن لم يكن يبدأ في دخول مراحل تكوين الإخوانى من خلال بعض مشايخ الجماعة وبعض الخطب الرنانة التي يلقونها، وأنا أطلقت على كل تلك الأشياء اسم «فجر الإسلام» وهو التوصيف الدقيق لأفعال الجماعة، حيث يتم ربط كل شيء حدث مع «الإخوان» الآن بما حدث مع الرسول في بداية الدعوة، فقد كانوا يشبهون اعتصام رابعة بغزوة بدر، وللعلم فإن «الإخوان» هم أساس التكفير داخل السجون، وهذا ما رأيته بأم عينى فقد حاول شيوخ الجماعة المحبوسون استقطاب بعض شباب الأزهر وإدخال الفكر التكفيرى لرءوسهم حتى يخرجوا كإرهابيين ناقمين على المجتمع والناس، وهذا ما دفعنى إلى التدخل لإيقاف هذا الأمر. ■ كيف تدخلت؟ - عملت على تكوين جبهة من شباب الأزهر، وبعض شباب الإخوان الناقمين على أداء الجماعة والرافضين للاستمرار فيها، ووقعت مناوشات وخلافات بيننا وصلت إلى «خناقة كبرى» كدت بسببها أن أحصل على 3 سنين سجنًا جديدة بتهمة المُشاجرة. ■ ولماذا كانت تلك المشاجرة؟ - لأن الإخوان أقاموا احتفالية كبرى في السجن بعد مقتل الجنود المصريين في «كرم القواديس»، وهذه كانت المرة الأولى الذي أراهم يضحكون ويتبسمون فيها فرحًا في دماء شهداء الوطن، وبعد غضب عدد كبير من الشباب خرج «مفتى الجماعة» في السجن ليقول إذا كان ممن ماتوا في كرم القواديس من شارك في فض اعتصام رابعة فهو هالك، وإن لم يكن ممن اشتركوا فيعتبر «ضحية حرب». ■ هل تجربتك داخل السجن جعلتك ضد السلطة وتدعم «الإخوان»؟ - لا بالطبع، فاختلافى مع السلطة الحالية يختلف تمامًا عن خلافى مع «الإخوان»، فلا وجه مقارنة من الأساس، أنا أحب وطنى وجيش بلادى وأعلم جيدًا أننا نمر بمنحدر خطير في ظل الحرب على الإرهاب، وهذا يجعلنى أيقن أن ما كان ممكنًا من فترة غير ممكن الآن حرصًا على مصر. ■ من أيضا قابلته في السجن وما قصصك معهم؟ - قابلت أحد الجهاديين التكفيريين الكبار، ودار بيننا نقاش حول «قوائم الاغتيالات»، الذي كان من ضمن الأسماء الموضوعة فيها حمدين صباحى، وقال لى عن «حمدين» تحديدًا: «لا يمكن أن نصفيه لأن ليس له قوة على الأرض بالمقارنة بأشخاص آخرين كثيرين كالإعلاميين والصحفيين». كما قابلت أيضًا أقارب القطب الشيعى حسن شحاتة في السجن، وكان بحوزتهم كتب شيعية كثيرة جدًا، وقابلت أحد أعضاء حزب النور الذي انشق عن الحزب السلفى بعد فض رابعة، وتم القبض عليه إلا أن حزبه فشل في إخراجه من السجن وأكد لى أن حزب النور «لعبها صح» حتى لا يدخل معركة خاسرة. ■ ماذا تعلمت من تجربة السجن؟ - تعلمت فيها السياسة وعرفت فيها ما لم أكن أعرفه مثل نية «الإخوان» في اغتيالى لو لم يتم القبض علىّ في فترة حكم «مرسي»، وأنا أرى من لم يدخل السجن لم يفهم السياسة على حق، ومن هذه التجربة لى طلب عند إدارة السجون وهو ضرورة فصل الشباب عن شيوخ الإخوان والجماعات الإسلامية، فمدارس التكفير مفتوحة على مصراعيها لتجنيد الغاضبين من الشباب، والجديد أننى بصدد إصدار كتاب بعنوان «شغب في المعتقل» يلخص تجربتى البسيطة داخل السجن، وقصصى مع الإخوان والجهاديين وغيرهم. ■ هل تنوى العودة إلى المشهد مرة أخرى؟ - كنت أنوى أن أعتزل السياسة كما قلت لك في السابق، لكن الآن أسعى لكسر الحاجز بين الشباب والدولة، وأسعى لقيادة مبادرة لتجميع الشباب حول الرئيس.