يرى الكثيرون السويدي هاري مارتنسون، واحدًا من كبار شعراء الطبيعة، والتي ظهرت واضحة في أعماله، فلم يبدو الحزن أو الشقاء سوى في روايتيه اللتان خلّد فيهما سيرته الذاتية. ولد مارتينسون في السادس من مايو عام 1904 لعائلة فقيرة عانت من شظف العيش، مات أبوه وهو لا يزال في السادسة، فهاجرت والدته إلى كاليفورنيا، ودخل هو وأشقاؤه الأبرشية لتتولى رعايتهم مثل اليتامى والمشردينوسجّل هو فيما بعد طفولته القاسية في كتابيه "زهرة الشوك" و"الطريق إلى الخارج"، اللذين بدا اختلافهما عن أعماله الشعرية الدافئة ذات النبرة العميقة التي أصدرها في نفس الفترة. عمل مارتينسون بعد نهاية الحرب العالمية الأولى في باخرة تجارية، ثم عاملًا في ايقاد النار بالمحركات ببعض السفن، ما أصابه بالسل، فاضطر إلى ترك حياة البحر، واتجه بعدها إلى نشر قصائده في الصحف؛ وتعلق بالطبيعة، وبدا هذا في "باقة برية" التي تحفل بمفردات الطبيعة وكائناتها، وألوانها، وأصواتها في السويد، واستحضار البيئة المحلية بكل زخمها ومناخاتها، ويميز قصائده لغة نابضة بالحياة تحاول أن ترسم حالته النفسية القلقة والمضطربة، ورغم غلالة الحزن التي تغلف نبرات قصائده إلا أنها لا تفتقر إلى الشاعرية، والرومانسية، وإلى تلك الغنائية العذبة التي تميز معظم القصائد، فلا توجد حدود فاصلة بين وصف الطبيعة والأدب المحض فيستنهض الحواس كلها. "إن اللقاء بالطبيعة هو اللقاء بالحياة نفسها وبالوجود الصرف". كانت أولى مجموعات مارتينسون صدرت ضمن أنطولوجيا "خمسة شبان" عام 1929، كما صدرت له في العام نفسه مجموعته الأولى "سفينة الأشباح"، وأعقبها "رحَّال،طبيعة"، وكتبه النثرية "رحلات بلا هدف، وداعًا للبحر، الفراشة والبعوضة، وادي منتصف الليل، السهل والصعب"، وكذلك كتابا سيرته الذاتية "زهرة الشوك"، و"الطريق إلى الخارج". حصل مارتينسون على جائزة نوبل في الأدب عام 1974 مع مواطنه وعضو اللجنة الملكية إيفند جونسون، وتوفي في الحادي عشر من فبراير عام 1978.