الرئيس السيسي يصدر قانون الإجراءات الجنائية الجديد    رئيس جامعة المنصورة يشارك في الملتقى الثالث لتوأمة الجامعات العربية بجامعة صحار العُمانية    الرئيس السيسي يصدق على قانون الإجراءات الجنائية الجديد    وزيرة الصحة بالبحرين : منظوماتنا الصحية الرقمية تمتد حتى المستشفيات والصيدليات    التنمية المحلية: زيادة لجان البت في طلبات التصالح للتيسير على المواطنين    مجموعة ستاندرد بنك تفتتح رسميا مكتبها التمثيلي في مصر    الغرفة التجارية بمطروح: الموافقة على إنشاء مكتب توثيق وزارة الخارجية داخل مقر الغرفة    ضعف المياه بالمنطقة الشمالية بحى شرق سوهاج الخميس 12 ساعة    أكثر من 1500 مبنى في غزة سُويت بالأرض رغم بنود خطة ترامب للسلام    هبة التميمي: المفوضية تؤكد نجاح الانتخابات التشريعية العراقية بنسبة مشاركة تجاوزت 55%    المصري يواصل استعداده للكونفدرالية بمعسكر بورفؤاد    تفاصيل الاجتماع الفني لمباراة مصر و أوزبكستان الودية    البث المباشر لمباراة تونس Tunisia وموريتانيا Mauritania اليوم.. استعداد قوي ل«نسور قرطاج» قبل كأس أمم إفريقيا 2025    نجم مانشستر يونايتد يقترب من الرحيل    شوبير يحذر: أزمة مواعيد تهدد مباريات الدوري المصري    «الأرصاد» تحذر من حالة عدم استقرار تبدأ غدا ولمدة 72 ساعة    تأجيل محاكمة 25 متهما ب"خلية القطامية" لجلسة 27 يناير    غلق باب استقبال أفلام مهرجان بردية السينمائى 15 فبراير    الشركة المتحدة تنظم فعالية "ليلة في المتحف" بالتعاون مع تيك توك    ذكرى رحيل الساحر الفنان محمود عبد العزيز فى كاريكاتير اليوم السابع    رئيس الوزراء يرحب بتعزيز التعاون مع الهند في مجال رقمنة الخدمات الصحية    رئيس الوزراء يتفقد أحدث الابتكارات الصحية بمعرض التحول الرقمي    غنية ولذيذة.. أسهل طريقة لعمل المكرونة بينك صوص بالجبنة    «المغرب بالإسكندرية 5:03».. جدول مواقيت الصلاة في مدن الجمهورية غدًا الخميس 13 نوفمبر 2025    وزير التعليم: الإعداد لإنشاء قرابة 60 مدرسة جديدة مع مؤسسات تعليمية إيطالية    بتروجت يواجه النجوم وديا استعدادا لحرس الحدود    عاجل- محمود عباس: زيارتي لفرنسا ترسخ الاعتراف بدولة فلسطين وتفتح آفاقًا جديدة لسلام عادل    ترامب يطلب العفو عن نتنياهو رسميًا.. وهرتسوغ يرد: "اتبعوا الإجراءات"    عُطل فني.. مسرح الطليعة يوجه رسالة اعتذار ل جمهور عرض «كارمن»    انهيار عقار بمنطقة الجمرك في الإسكندرية دون إصابات    الرقابة المالية تتيح لشركات التأمين الاستثمار في الذهب لأول مرة في مصر    بعد انخفاض الكيلو.. أسعار الفراخ اليوم الأربعاء 12 نوفمبر 2025 في بورصة الدواجن    وزير دفاع إسرائيل يغلق محطة راديو عسكرية عمرها 75 عاما.. ومجلس الصحافة يهاجمه    منتخب مصر يخوض تدريباته في السادسة مساء باستاد العين استعدادا لودية أوزبكستان    «عندهم حسن نية دايما».. ما الأبراج الطيبة «نقية القلب»؟    حملات تموينية موسعة بالقليوبية تكشف مخالفات جسيمة وسلعًا غير صالحة للاستهلاك    عاجل- رئيس الوزراء يشهد توقيع مذكرة تفاهم بين مصر ولاتفيا لتعزيز التعاون فى مجالات الرعاية الصحية    اليابان تتعاون مع بريطانيا وكندا في مجالي الأمن والاقتصاد    الأهلي يضع تجديد عقد ديانج في صدارة أولوياته.. والشحات يطلب تمديدًا لعامين    للخريجين الجدد، مجلس اتحاد المهن الطبية يقرر تخفيض قيمة اشتراك مشروع العلاج    السعودية تستخدم الدرون الذكية لرصد المخالفين لأنظمة الحج وإدارة الحشود    فيلم «السلم والثعبان: لعب عيال» يكتسح شباك تذاكر السينما في 24 ساعة فقط    الحبيب الجفرى: مسائل التوسل والتبرك والأضرحة ليست من الأولويات التى تشغل المسلمين    دار الإفتاء توضح حكم القتل الرحيم    ما الحكم الشرعى فى لمس عورة المريض من قِبَل زوجة أبيه.. دار الإفتاء تجيب    المشدد 15 و10 سنوات للمهتمين بقتل طفلة بالشرقية    إطلاق قافلة زاد العزة ال71 بحمولة 8 آلاف طن مساعدات غذائية إلى غزة    «العمل»: التفتيش على 257 منشأة في القاهرة والجيزة خلال يوم    قصر العينى يحتفل بيوم السكر العالمى بخدمات طبية وتوعوية مجانية للمرضى    خالد سليم ينضم إلى «مناعة» أمام هند صبري | رمضان 2026    «لو الطلاق بائن».. «من حقك تعرف» هل يحق للرجل إرث زوجته حال وفاتها في فترة العدة؟    اليوم.. عزاء المطرب الشعبي إسماعيل الليثي    «أمن المنافذ»: ضبط 3182 مخالفة مرورية وتنفيذ 289 حكمًا قضائيًا خلال 24 ساعة    وزير الخارجية يعلن انعقاد المنتدى الاقتصادي المصري – التركي خلال 2026    «وزير التنعليم»: بناء نحو 150 ألف فصل خلال السنوات ال10 الماضية    رئيس هيئة الرقابة المالية يبحث مع الأكاديمية الوطنية للتدريب تطوير كفاءات القطاع غير المصرفي    المصرية جمانا نجم الدين تحصد لقب أفضل قنصل لعام 2025 في المملكة المتحدة    دعاء الفجر | اللهم ارزق كل مهموم بالفرج واشفِ مرضانا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



اتهام نجلي "هيكل" و"المعلم" بالنصب وغسيل الأموال
نشر في البوابة يوم 25 - 04 - 2015

محمد عثمان توسط لشراء مصنع لصالح «دار الشروق» بتخفيض 5 ملايين يورو مقابل عمولة مليون وربع المليون يورو
شريف المعلم يسلمه 2500 يورو فقط ومسئول بالشروق: «علينا مصاريف»
ابن إبراهيم المعلم أشاع أن المصنع ب 9 ملايين يورو وباعه لأحمد هيكل
مدير أعمال أحمد هيكل لعثمان: التلاعب في الأسعار خطأ.. وقد اضطررنا له
هل يجب أن نصدق كل ما يقال لنا؟
لا بالطبع، فكثير مما نسمعه ليس دقيقًا، كل من يتحدث يريدنا أن نصدقه هو، ولا نسمع للآخرين، لكن قدرنا أن نسمع وننقل ما نسمعه للناس، ليكون لهم الحكم في النهاية.
أقول هذا بمناسبة ما قرأته في كتاب لا يزال تحت الطبع، والمفروض أن يصدر في القاهرة قريبًا، الكتاب يحمل اسم «أنا وهيكل والنظام» لمؤلفه «محمد عثمان»... وهو كاتب له مؤلفات سابقة لكنه ليس معروفًا بالقدر الكافى، كان يحلم بأن يكون صحفيًا، لكنه درس في كلية الهندسة، وأصبح مهندس بترول، عاش كثيرًا خارج مصر وتحديدًا في أمستردام، لكنه كان قريبًا جدًا من أحداثها، تطورت أعماله، ومن بين ما يقوم به أنه كان يتاجر في قطع غيار السيارات، ثم اتجه إلى استيراد الورق الخام سواء كان للطباعة أو الاستخدام الخاص، يقول هو إنه أول من قام باستيراد الورق، وتبعه الكثير من التجار، ثم تحولت هذه التجارة لكبار رجال الأعمال، لينتهى به الأمر بالبحث عن التصنيع وقطع غياره ثم ماكيناته. تطورت أعمال محمد عثمان فأصبح يصطحب رجال الأعمال لشراء خطوط إنتاج كاملة من الخارج سواء كانت للنسيج أو المنتجات الغذائية، ومن بين ما عثر عليه خلال رحلته العملية كنز هائل وهو شركة تبيع المعدات الصناعية للشركات المفلسة سواء للضرائب أو لجهات أخرى، وبدأ في تفكيك هذه المعدات وإرسالها للشركات المصرية.
عانى محمد عثمان كثيرًا من رجال الأعمال المصريين، فقد استقدم بعضهم لشراء ماكينات قديمة مستعملة، قد تجد الحل التكنولوجى البسيط في أيدى الصناع المصريين، وتوفر العملة الصعبة للبلاد، وقد يكسب البلد الموزع ببيع معدات قديمة قد تكون مصانع الخردة، وهكذا تجلب هذه السعادة للطرفين البائع والمشترى.
كانت عمولة محمد عثمان واضحة في هذه العمليات وهى 5 بالمائة، من ثمن البيع نظير أن يتمم الصفقة من البداية للنهاية، منذ شراء المعدة وتجهيزها للشحن، ثم تحميلها بواسطة أفراد أو معدات وتثبيتها في الحاويات واستكمال المستندات حتى تصل الميناء.
أحيانًا كان يحضر مزادًا وهناك معدات، عمولة المزاد تصل أحيانًا إلى 16 بالمائة غير الضرائب، وقد تصل إلى 20 بالمائة، وهكذا قد يكون ثمن البيع بخسًا، ولكن الضرائب وعمولة الشركة عالية.
كان محمد عثمان يتعامل مع شركة المزاد الهولندية «trostwijk» بمنطق أنه المصرى أو الأجنبى الوحيد الذي يتعامل معها، ويطلب تسهيلات شديدة في فترة السماح للمعدة قبل الفك والتحميل، وإلغاء شرط الضرائب المستحقة لأنه سوف يتم شحنها وتقديم المستندات فيما بعد.
كانت هناك حادثة واحدة أثرت في مسيرة محمد عثمان العملية، فقد كانت خطوط الطيران الهولندية تبيع معدات المطار، وسافر إلى القاهرة باحثًا عن شركة طيران خاصة لحضور المزاد، جاء اثنان من أصحاب شركات الطائرات (م) و(اللك) في نفس يوم المزاد، وقد أبلغهما الوسيط بقيمة العمولة.
كان عثمان يجلس في الصف الأول بجوار أصحاب الشركات، وعندما بدأ المزاد، كان ينظر باستمرار ليؤكد الاستمرار أو التوقف أو أن السعر غالٍ وغير مناسب، انتهى المزاد، وجلس مع المشترين المصريين ليطلب العمولة التي حققها بحصوله على المزاد، وكانت نحو 5000 دولار، ولكن أحد المشترين توقف أمام أن هناك من يحضر مزادًا لمدة ساعة واحدة فقط ويكسب كل هذا المبلغ.
حاول المشترى أن يفاصل محمد عثمان، ولكنه رفض مبدأ الفصال الذي يجيده معظم التجار المصريين، لكن عثمان رفض تخفيض المبلغ، ليتأكد أن أصحاب شركات الطيران ومنهم لواء سابق لا يهمهم المال بقدر ما أفزعهم أن يربح أحدهم 5000 دولار في ساعة واحدة، وعرف عثمان وقتها أن هناك من البشر من يتمتع بسلب الناس حقوقهم المتفق عليها، ليس كنوع من المفاضلة بل من النوع الصبيانى التافه، فهو يرى أن عثمان يعمل ساعة واحدة بخمسة آلاف دولار، وهذا ما يعنى أنه أقوى منه وأفضل.
***
كيف وصل محمد عثمان إلى دار الشروق.
القصة لا بد أن تبدأ من جديد.
قادت تجارة الورق واستيراد الماكينات محمد عثمان إلى أن يعرض عليه من شركة ورق كبيرة عرض عن مصنع دوبلكس موجود في شمال هولندا، يصنع الورق من الورق القديم بطاقة هائلة.
لم تكن أمامه فرصة عرض المصنع سوى على صديقه صاحب مصنع الورق الحاج أنور محمود صاحب شركة حورس لصناعة الورق، وقد سبق أن اشترى له عثمان غلاية للمصنع وكومبروسور وبعض المعدات، عرض الحاج أنور الأمر على مجموعة الشروق.
اتصل الحاج أنور بمحمد عثمان ليبدأ عمله في الوساطة التي من شأنها الشراء والفك والتحميل في كونتر والشحن حتى ميناء الوصول بمصر.
تحرك محمد عثمان بسرعة، وبالنسبة لمحترف كان من السهل الوصول إلى السعر المعروض، وجد أمامه ثلاثة مصانع دفعة واحدة، وكان عليه أن يحدد موقف المصنع الأخير الذي عليه العين من قبل دار الشروق.
حان وقت المزاد الأول، حضره لشراء بعض معدات المصنع من عدد وآلات مع رغبة شركة المزاد، البيع مرة واحدة للمشترى، وفوجئ بأن أكبر سعر للمصنع هو مليون يورو.
قيمة المعدات الفعلية كانت 85 مليون يورو، أعلى سعر عرض كان من تركيا، ودفع صاحبه خمسة ملايين، ثم عجز عن سداد الباقى، ثم جاء مشترٍ من يوغسلافيا وعرض 15 مليونًا، دفع ثلاثة، وتبقى 12 مليونًا، سأل عثمان: كم تبلغ تكاليف الفك؟ فقالوا له: بشركة جيدة نحو 2 ونصف مليون يورو.
أرسل محمد عثمان المعلومات الكاملة التي جمعها إلى القاهرة، وبدأ في تجهيز أوراق المزاد، وكان لمعدات كثيرة متوسطة الإنتاجية، وكان بها عدد من عشرات الأطنان من الورق الخام، تعرف على السعر أكثر، وبطريقة ودية ذهب لمقر الشركة ليقابل المدير، ويتفاوض لشراء الكمية كلها، وإذا بفرصة العمر أن يأتى مدير مشتريات الشركة والمسئول عن بيعها في المزاد، وقد هاله انخفاض أسعار المصنع الأول، وعدم تهافت الصناع على الثانى، فعرض الثالث، ولم يكن يدرك أن هناك من القاهرة من يتواصل معهم، لأنه وجد في الحجرة فقط بعض التجار المصريين لشراء الورق الخام.
فكر مدير المشتريات الهولندى أ، يعرض مصنعه بحركة جرئية وعدم انتظار رد القاهرة على مساومات الدوبلكس التي توقفت بين 12 مليونًا وكان العرض من الشروق 9 ملايين.
سأل مدير المشتريات عثمان: لماذا لا تشترى مصنع الدوبلكس؟ فرد عليه: اعرض علىّ سعرك النهائى، فقال: سأبيع ب 4 ملايين فورًا ونقدًا، فقال له عثمان: سأفكر في العرض.
على الفور اتصل عثمان بالحاج أنور في القاهرة، وقال له: عندى خبر يساوى الدنيا كلها، المصنع معروض ب 4 ملايين بدلا من 9، انتظره قليلًا، ثم رد عليه الحاج أنور: الجماعة سيصلون غدًا إلى أمستردام، وسيكون نصيبك ربع ما توفره إن كان الكلام كما تقول، فلقد وفرت عليهم خمسة ملايين يورو.
ذهب محمد عثمان إلى المطار وكل همه أن يتمم الصفقة، وبالفعل وصل شريف المعلم وعمر مشرفة، عرض عليهما أن يذهبا بسيارته الخاصة، لكنهما قال له إنهما استأجرا سيارة من المطار، وصل قبلهما إلى المصنع الذي كان قد زاره من قبل.
عندما وصل شريف المعلم سأله: تفتكر الفك بكام، فرد عليه: ب2 ونصف مليون يورو، فسأل شريف: وكم سيكون سعر المصنع في المزاد، فرد عثمان: لن يزيد على أربعة ملايين، قال شريف: على فكرة المصنع قديم، فرد عثمان: طاقته ليست عالية، وقد تكلف 85 مليونًا.
تجول الثلاثة في المصنع، وقال عثمان لشريف: لا تنس شراء قطع الغيار، ووظف مدير الإنتاج لديك حتى يستكمل عمل المصنع في مصر، فهو على دراية بالمصنع وماكيناته وخطط العمل ويمكن الاستفادة منه.
اتصل عثمان بالحاج أنور ليحضر المزاد، فقد أصبح قلقًا من قوة المبلغ وقيمته وعمولته التي لهم فيها الربح الفارق بين تسعة وأربعة ملايين يورو، وبالفعل وصل أنور قبل المزاد بيوم واحد، واستطاع شريف المعلم أن يحصل على المصنع بأربعة ملايين فقط، كما وعد عثمان واتفق مع مدير المشتريات، ورقص فرحًا بين شريف المعلم وعمر مشرفة وشاب نحيل يلبس الجينز قالوا له إنه محامٍ للشركة من فرنسا، ورغم أنه لم يقم بشىء فعلى على الأرض، إلا أنه اعتبر وجوده بعضًا من الأبهة التي تحرص دار الشروق على إظهارها.
***
أترك عثمان ليحكى لكم ما الذي جرى بعد ذلك... يقول:
ذهب الحاج أنور لعمر مشرفة للحساب كعادة أي مهذب، فقال له: هاتصل بيك الليلة نتعشى سوا، فوجئت بالرد، وفوجئت بالإهمال وعدم العرفان بالجميل، وفوجئت أن الموضوع سيكون محل مساومة، عدت لأمستردام وبالمصادفة دعانى الصديق يحيى راشد للمقابلة، ذهبت إليه في الفندق، وجلسنا أنا وهو وأنور في أولتراس نتجاذب أطراف الحديث، وإذا به قبل أن نتناول المزاد يقول: الجماعة اشتروا المصنع بتسعة ملايين.
قلت له: أي إنسان بسيط يدرك قيمة الخدعة التي حضر من أجلها هذان الشابان - يقصد شريف المعلم وعمر مشرفة - إنهما يعلنانها مرة واحدة، أنها تسعة ملايين، لأنهم ببساطة لديهم مشترٍ بهذا الرقم، إنهما مخادعان، كان من الممكن أن يصمتا عن السعر ويفرضا سعرهما، إلا أنه فيما يبدو لديهما مشترٍ جاهز بالموافقة بالتسعة، فضلًا عن عمولتهما ومصاريف الفك والتخزين.
سألت الحاج أنور بعد أن انتهت الجلسة عن كيفية حصولى على أتعابى؟ فرد: طبعا لما نوصل لمصر هانشوف الموضوع ده، إنت نازل إمتى؟... وصلت القاهرة مترقبًا الحاج أنور الذي قال لى في التليفون: الجماعة دول مش ناويين يعطونى لا الربع ولا غيره، أنا منسحب من الموضوع ده، روح لهم أنت، هم أكيد هيعطوك حقك، سألته: ليه يا حاج أنور احنا مش مع بعض، فقال: المصنع قديم وافتكر إن أربعة كمان كتير، وأنا صاحب مصنع والسمسرة مش أسلوبى.
ذهبت إليهم في دار الشروق التي لديها بوابة واستقبال وموظفون مظهرهم عال جدًا، استقبلنى عمر مشرفة بترحاب شديد في مكتبه، وحضر شريف المعلم، وتعرفت على المدير المالى أحمد علام، وبدأ عمر الكلام قال لى: أنت لك حقوق عندنا، لكن احنا مصاريفنا كتير، وطبعا أنت معانا للآخر في الفك والشحن، العملية كبيرة ومتنساش الناس دى بتتعب بالقرش قد إيه.
تعددت اتصالاتى بعمر مشرفة مسئول المزاد عن مجموعة الشروق، وإذا به وأنا في هولندا يرسل لى صورة فاكس موقعة باسمه، بأن قيمة المزاد زادت من أربعة إلى سبعة ونصف، اتصلت بمدير المشتريات وقلت له: كيف يحدث هذا في مزاد رسمى، فرد: مستر أرجوك مصر بها عمولات فقط لا شغل ولا غيره، أنتم بارعون في العمولات، قلت له: لكن أنا الوحيد الذي أتعامل معكم، وكل الأمور تسير عن طريقى دائمًا، فرد: هذا الموضوع يخص ناس آخرين، ابعد عنهم لأن الموضوع انتهى، قلت له: وعنكم، فقال: وعنا نحن أيضا.
***
أدرك محمد عثمان أن هناك لعبة تقوم بها دار الشروق، يعلنون بعد المزاد بيوم واحد أن سعر بيع المصنع تسعة ملايين يورو وليس أربعة، ثم يرسلون له فاكسًا بأن السعر وصل إلى سبعة ونصف مليون يورو، وفهم عثمان أن اللعبة حتمًا تتم على طرف ثالث، لكن كل ما كان يشغله هو كيف يحصل على حقه هو، الذي حددته دار الشروق وهو ربع ما يوفره، وبحسبة بسيطة له، يصل إلى مليون وربع يورو، فقد عرضوا تسعة وحصل عليه هو بأربعة، أي أنه وفر لهم خمسة ملايين يورو.
وصل عثمان إلى دار الشروق مرة أخرى، وجد عمر مشرفة في استقباله، وأمامه فنجان قهوة، وأعطاه ألفان وخمسمائة يورو، أخذ أنور المبلغ وتحدث مع الحاج أنور، الذي قال له: تعرف الخمسة ملايين اللى أنت عاوزهم دول يعنى إيه؟ فرد عثمان: يعنى إيه؟ فقال أنور: ده زى ما واحد بيهزر مع التانى وسند على كتفه، هزار بخمسة ملايين مع ناس معاها مليارات.
بعد ذلك طلب عمر مشرفة محمد عثمان وطلب منه أن يقابله لمراجعة الماكينات والتانكات، في حركة اعتبرها هو إلهاء له عن طلب حقه، وتأكيد له في الوقت نفسه، على أنهم يتمتعون بأخذ حقوق الآخرين والفرجة عليهم في متعة السارق بسرقة المسروق والفرجة عليه، وانتظار ماذا سيفعل وكيف سيكون رد فعله.
***
مرت الأيام ليكتشف محمد عثمان الخدعة التي تحدث عنها في هولندا، وهنا أتركه مرة ثانية ليتحدث... يقول:
تمر الأيام علىّ وحضرت معرضًا بأرض المعارض للصناعات الورقية والمستلزمات الصناعية، شاب صغير رقيق استقبلنى في جناح الخرافى للدوبلكس، تناقشنا عن الورق وماكيناته، وتعرضت لمصنع دوبلكس هولندا، وكيف تم بيعه لمجموعة الشروق، فقال لى: لو كنت عرضته علينا ممكن كنا اشتريناه، سألته: أمال مين اللى اشتراه، فأشار بأصبعه إلى مربع، لم أفهم غرضه، فابتسم موضحًا: القلعة، سألته: مين القلعة؟ فرد: أحمد هيكل.
جلست على أقرب مقعد، اثنان صديقان يجاملان بعضهما ويستغفلان بعضهما، فكرت مندهشا: كيف يفكر هذا الشاب - قاصدًا شريف المعلم- وبدأت أفكر وأوازن من سوف أعادى، وماذا سوف أكسب ولماذا كل هذا؟
قابل محمد عثمان مدير أعمال أحمد هيكل في فندق الفورسيزون، كانت لديه فكرة عما سيتحدث فيه، طلب أن يقابل أحمد هيكل، فرد مدير أعماله، كلها كام يوم وتعالى قابلنى هو مسافر الآن، لكن أنا ممكن أشتغل معاك، احنا بندور على مجازر في أفريقيا ومشروعاتنا الآن في أفريقيا ممكن نشتغل مع بعض؟
كان الرد المتوقع الذي انتظره محمد عثمان هو أن شريف المعلم أخطأ خطأ كبيرًا عندما أنكر عمولتك التي تستحقها، إلا أن مدير أعمال أحمد هيكل قال له: هذا التلاعب في الأسعار سواء كان لمصلحته أو مشاركًا فيه هيكل هو خطأ ونحن نقر بذلك، ونشكرك لأنك عرضته علينا، فلقد اضطررنا له، لأن هناك عميلًا ثالثًا يدقق في كل شىء، من حقنا أن نبحث عن سبل الرزق والمكسب كأى جهة في العالم، وإن كان هذا الخطأ نحن نعرفه، فإننا نقدر سكوتك عليه وعرضه علينا ونطالبك عرفانا بعلاقتنا وحبك بالسيد هيكل أن تنساه لأننا سنفتح باب المشاكل التي لن تعود بالفائدة على أحد، أو بمنتهى البساطة أرجوك لا تفتح هذا الموضوع عشان ما تعرضناش للانتقاد وخاصة أن هيكل يتعرض للنقد وأنت من أشد المعجبين به (كان عثمان قد أفصح لشريف المعلم عن حبه الشديد للأستاذ محمد حسنين هيكل وطلب منه أن يرتب له لقاءً معه)، فرجاء ساعدنا على الحفاظ على الشكل العام والهيبة والاحترام الواجبة للوالد.
كان الذي تلقاه عثمان هو: أحمد هيكل ليس لديه فلوس.
***
القصة مؤلمة وتكشف كثيرًا مما حدث في عالم البيزنس في مصر، وربما لا يزال يحدث حتى الآن، لكننى أتوقف فقط عند بعض التعليقات التي كتبها محمد عثمان في كتابه الذي تنتظره أسواق القاهرة بعد أيام، ومنها والكلام على لسانه.
أولًا: تحولت الحقائق إلى فلوس، اعتقد أحمد هيكل أننى أعلن هذه الحقائق من أجل المال، ولذلك استهان بما قلت مثلما فعل شريف المعلم، ولو كان الخلاف بين مال مكشوف ومال مدفون تحت المائدة، فالموضوع بسيط، لأننى لم أكشف الحقيقة كاملة، لقد تحدثت عن قليل مما أعرفه.
ثانيًا: قد يكون الاثنان متفقين معًا من أجل طرف ثالث مشترٍ خليجى أو أمير عربى، إنهما يعملان لمصلحة بعض الناس الذين يشترون مصانع مصرية ويتلاعبون بالاقتصاد المصرى بيعا وشراءً.
ثالثًا: إن تحويل مبالغ إلى الخارج أو بمنتهى البساطة غسل هذه الأموال هي متعة جنى الأموال المصرية سواء كانت بالبورصة أو نهب أموال القطاع العام أو نهب المال العام، خروج المال من مصر من أجل شراء مصانع هي أفضل طريقة لتبخيرها في الخارج، وخلق مجال استثمارى قانونى لا مجال للسؤال عنه.
من النسخة الورقية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.