تحقيق أحمد الشربيني ومحمود مقلد: أعلنت حكومة د. نظيف منذ أيام عن نيتها في طرح عقود عمل للكفاءات المتميزة للعمل معاونين للوزراء، سواء أكانت تلك الكفاءات من الجهاز الحكومي أو من خارجه، وهذا النظام سيعرف باسم "المستشار المحترف" الذي يعد الخطوة الأولي في مشروع "تكوين" صف ثان وثالث من الإداريين المحترفين. وقد لاقت هذه الخطوة ترحيباً لافتاً من الخبراء ورجال الأعمال الذين أكدوا أن هذا الاتجاه الحكومي يعبر عن رغبة حقيقية في إصلاح وتقوية الجهاز الإداري مما سينعكس إيجابياً علي نظم الاقتصاد والإدارة المصرية. سطورنا القادمة ناقشت هذه القضية مع عدد من الخبراء ورجال الأعمال وإليكم وجهة نظرهم.. افتقاد الخبرات بداية يقول عادل العزبي نائب رئيس الشعبة العامة للمستثمرين وعضو غرفة الصناعات النسجية والملابس الجاهزة إن عدم توافر كوادر وخبرات كصف ثان أو ثالث في الوزارات والهيئات الحكومية يعود إلي عدة أسباب منها : انتشار ما يسمي بالثقافة المصرية المتوارثة التي تقدس العمل الفردي وجعل كل السلطات في يد شخص واحد والسبب الثاني انه منذ التأميمات التي حدثت في عام 1961 عقب فعاليات وأحداث ثورة يوليو تولدت ثقافة أخري في العمل الحكومي وهي ما يطلق عليها ثقافة أهل الثقة قبل أهل الكفاءة، إضافة إلي انتشار نموذج إدارة "أبو العريف" أو المدير الذي يعرف بمفرده كل شيء ويتخذ كل القرارات بدون استشارة أية خبرات أخري. وكل هذه المفاهيم الخاطئة قضت علي وجود خبرات وكوادر الصف الثاني والثالث وهو ما يتسبب في ايجاد العديد من الأزمات الإدارية والاقتصادية. ويشير العزبي إلي أنه منذ التشكيل الوزاري الجديد برئاسة د. أحمد نظيف وهناك اتجاه للاستعانة بأصحاب الخبرات الإدارية والاقتصادية سواء من القطاع الخاص أو من القطاع الأكاديمي وهو أمر محمود بلاشك وله تأثير إيجابي علي الأسواق وعلي المجتمع الاقتصادي بشكل عام وذلك بالطبع بشرط أن يتم تنفيذ ذلك النظام وفق ضوابط ومقاييس معيارية للمواصفات المطلوبة لكل نشاط من الأنشطة التي بها نقص في خبرات معينة. ويضيف العزبي أنه لا يوجد ما يمنع من قبول مستشارين وخبراء عرب أو أجانب في الوزارات أو عند تطبيق ذلك النظام لأنه وفق التفكير المنطقي فأننا نستورد سلع والآت أجنبية كثيرة فما المانع أن نستورد خبرات إدارية واقتصادية نحن بحاجة إليها وهو ما يطبق في مختلف دول العالم. ويوضح العزبي أنه لا توجد أية مخاوف من الاستعانة بالاستشاريين غير المصريين فالمهم هو إطار العمل وتلقي الخبرة والاستشارات بشكل واع، فالملتقي هو الأساس كما يحدث عندما يدرس الأجانب للطلبة المصريين فتلقي الخبرة هو الأساس بدون النظر لأهمية الجنسية والأهم هو تطبيق ما يسمي بالتوصيف التوظيفي وبالطبع لا يوجد شك في أن اللجوء لحالات الخبراء الأجانب والعرب لا يكون إلا في حالة افتقاد الخبرات المصرية في ذلك المجال. ويشير العزبي إلي أن تطبيق نظام المستشار المحترف سيعمل بشكل إيجابي علي سد العديد من الثغرات التي كنا نعاني منها أحياناً في البحث عن خبرات محددة وهو ما سيعود بآثار إيجابية علي جميع قطاعات الاقتصاد المختلفة. ويضيف أنه يجب تطبيق نظام آخر مع ذلك النظام يقوم علي تنمية الخبرات بشكل أفضل في المستقبل وحتي يصبح لدينا خلال الفترة القادمة كوادر مؤهلة بشتي الهيئات. المعلومات د. محمد يوسف مدير مركز الدراسات التجارية بجامعة القاهرة يؤكد أن نظام المستشار المحترف هو نظام عالمي من المفيد أن نسعي لتطبيقه في نظم الإدارة المحلية ومن الممكن أن نعمل لتطبيق منهجية تعتمد علي المشاركة بين الخبرات المحلية والعربية والأجنبية في نفس المجال ليتم الاحتكاك واكتساب الخبرات اللازمة ومنهجية الاعتماد علي الخبراء الأجانب تعتمدها الهيئات المانحة التي تقدم منحاً ومعونات لمصر حيث يتم اقتطاع أجزاء كبيرة من تلك المنح للاستفادة من مهارات الخبراء والمستشارين في تنفيذ عدة أهداف محددة. وينفي د. يوسف المقولة التي تتردد حول افتقاد نقص الخبراء والكوادر المؤهلة المصرية للعمل بنظام المستشار المحترف موضحاً بأن ما نفتقده بشكل حقيقي هو نظام المعلومات السليمة الذي يمكن متخذ القرار من معرفة الخبرات المصرية لاستخدامها في أكثر من قطاع وهو ما يتسبب بعد ذلك في أكثر من خلل ويظهر الأمور وكأنها افتقاد للكوادر المؤهلة. ويقول د. يوسف إن الدليل علي ذلك أننا لو اخترنا قطاعاً مهماً كالغزل والنسيج في مصر وأردنا بيانات محددة لحصر خبرات وكوادر معينة في ذلك القطاع فلن نجد البيانات المتاحة لحصر تلك الخبرات وهو الأمر الذي يجعلنا ننادي بإنشاء جهة مركزية كالبنك المركزي لحفظ البيانات الخاصة بالخبرات والكوادر المصرية، وفق المعايير العالمية المعروفة في مختلف القطاعات.