تغنت كوكب الشرق ام كلثوم من كلمات امير الشعراء احمد شوقي ?وما نيل المطالب بالتمني.. ولكن تؤخذ الدنيا غلابا?.. في محافظة الدقهلية وعاصمتها المنصورة ولدت ام كلثوم وانطلق صوتها مدويا اقرب الي ثورة متفجرة ثورة في كل شيء في الانتصار للمرأة واثبات كيانها وثورة في الغناء العربي. قبل اربعة اسابيع وتحديدا في الثالث من فبراير مرت الذكري ال38 علي رحيل كوكب الشرق وبدلا من احياء ذكري وفاتها قام بعض المتشددين في المنصورة بوضع نقاب علي وجه تمثال ام كلثوم هناك، لم تمر سوي ساعات حتي انتفضت المنصورة رفضا لثقافة التقبيح والتشويه فخلعوا الغطاء من فوق التمثال، فالمنصورة احد مواطن الجمال فهي تشتهر بجمال بناتها المتوارث من جمال ارضها فالمنصورة تلك المدينة التي انشأها الملك الكامل احد ملوك الدولة الايوبية عام 1219 واطلق عليها جزيرةالورد فالمياه كانت تحيط بها من ثلاث جهات الي جانب وجود اكبر جانين ورد في مصر بها وقد سميت المنصورة بهذا الاسم بعد الانتصار علي الحملة الصليبية السابعة عام 1249 بقيادةلويس التاسع ملك فرنسا واسره ورحيل الصليبيين عن مصر. ?الورد بيفتح في المنصورة? ولهذا لم يكن مستغربا ان تثور ضد النظام ضد الطغيان بثبات وارادة صلبة رغم سقوط مصابين رغم الاعتقال العشوائي رغم اتهامات البلطجة والتي تغيرت مؤخرا الي مثيري الشغب حتي سقط اول شهيد في المنصورة مدهوسا بإحدي مدرعات الداخلية. الدهس ليس جديدا فعلي طريقة الفلاش باك ستجده في ال18 يوما الاولي لثورة 25 يناير سواء بمدرعات الداخلية او السيارة الدبلوماسية المسروقة التابعة للسفارة الامريكية التي دهست المتظاهرين وبعدها مدرعات الجيش المرتبكة في مذبحة ماسبيرو. لكن المنصورة عاصمة الدقهلية المحافظة التي انجبت ام كلثوم تعزف علي وتر الصمود متخذة من قصيدتها ?سلو قلبي? التي شدت بها عام 1946 والتي تقول في احد ابياتها ?وما نيل المطالب بالتمني ولكن تؤخذ الدنيا غلابا? وكان ذلك دعوة للثورة بعد الحرب العالمية الثانية من كوكب الشرق الي الشعب المصري ضد الاحتلال البريطاني بعد ان تراجع عند وعده لمصر بمنحها الاستقلال التام. هكذا ام كلثوم تواجه الظلم في بداية كل ثورة لكن سرعان ما ينتفض الثوار لنصرتها فإذا حاول البعض تشويه تمثالها وتحجيبه في المنصورة تجد ثوارها ينتفضون ويعيدون لكوكب الشرق هيبتها نفس الامر تكرر مع ثومة في ثورة يوليو 1952 بعد ان تم منع بث اغانيها في الاذاعة و،عزلها من منصب نقيب الموسيقيين باعتبارها مطربة محسوبة علي العهد الملكي البائد نظرا لغنائها للملك فؤاد من قبل فضلا عن حصولها علي قلادة صاحبة العصمة فتقرر الاعتزال لكن عندما علم الزعيم جمال عبدالناصر بهذا الامر من الكاتب مصطفي امين قرر اعادة الامور الي نصابها وتصحيح خطيئة احد الضباط الذي اتخذ قرارا تعسفيا منفردا ضد ام كلثوم دون الرجوع لأحد لم يكتف ناصر بذلك بل ذهب في وفد يجمع بصلاح سالم وعبد الحكيم عامر الي ام كلثوم لإقناعها بعدول عن الاعتزال هذا الموقف الذي اثر في ام كلثوم كثيراوجعل اعجابها بعبد الناصر تعبر عنه بأغنياتها فتغنت له؟ ?بعد الصبر ما طال نهض الشرق وقال حققنا الآمال برياستك يا جمال?. فارق كبير بين النفاق وبين التقدير بين تزييف المعاني وبين العرفان بالجميل والا ماكنت تقوم برثاء الزعيم عبدالناصر بعد وفاته في 28 سبتمبر 1970 وكانت وقتها تغني في احدي الحفلات بروسيا فعادت الي مصر وغنت ?رسالة الي الزعيم? من كلمات نزار قباني والحان رياض السنباطي بل انها سارعت بعد نكسة 67 بإحياء العديد من الحفلات داخل وخارج مصر والتبرع بربحها لصالح المجهود الحربي وقتها، اما الان فالنظام يحتفي بالدقهلية علي طريقته فوفقا لموقع اليوم السابع: امن الدقهلية يستعين ب24 مصفحة و8 مدرعات لملاحقة المتظاهرين وكأننا بمثابة اعلان حرب بينما تواصل حكومة مصر سياسة الاقتراض من هنا وهناك مع قمع الشعب اذا علا صوته ثائرا، القمع ليس بالغاز بل بأساليب اخري اهمها مثلا ما نشرته المصري اليوم عن تسعيرة الوقود الجديدة في مصر والتي قد تعيدنا الي عصر الجمل لكن هذه المرة سيكون الجمل صديقا وليس عدوا ليس جمل الحزب الوطني الذي كان رمزه الانتخابي وليس جملا فارا من موقعة الجمل بل جمل يستخدم كوسيلة مواصلات فالبنزين 80 يقال انه سيرتفع الي 74.3 جنيه بينما بنزين 92 يرتفع الي 05.6 جنيه في حين يغطي الجراد سماء مصر مارا علي منزل الرئيس مرسي في التجمع الخامس ومنه الي مقر جماعة الاخوان المسلمين في المقطم ولامانع من تدمير المحاصيل الزراعية وافلاس الفلاحين طالما ان الحكومة لم تستمع لتحذيرات منظمة الفاو من غزو الجراد وربما استمعت الحكومة وعجزت عن التصرف وربما هذا اقصي ما في وسعها ان تفعله. في مصر ثورة تخفت ولا تنطفئ تهدأ ولا تموت ودائما نورها قاهر لظلامها، الثورات تسقط الطغاة ويبقي الابداع خالدا لدهور ولا يموت.. ومصر تبقي اغنية عذبة حتي لو كان اللحن حزينا وكما قالت ام كلثوم: ?مصر التي في خاطري وفي فمي احبها بكل روحي ودمي?.. فالشعب لا يبخل بدمائه من اجل تحرير مصر.