آخر تصريح لوزير المالية حول الاتفاق مع صندوق النقد الدولي يبشرنا بأن هذا الاتفاق سوف يوقع الشهر القادم، حيث سوف تعود بعثة الصندوق مع اتمام التفاوض معنا إلي مقر الصندوق لاعتماد الاتفاق من إدارة الصندوق ليكون جاهزا للتوقيع الشهر القادم. لكن ليست هذه المرة الأول التي نسمع أو نقرأ فيها عن تحديد موعد للاتفاق مع صندوق النقد الدولي.. فطوال قرابة العامين ونحن نسمع ونقرأ عن مواعيد تم تحديدها من قبل وزراء المالية أو مسئولين حكوميين ابرام الاتفاق مع الصندوق.. وقد مرت هذه المواعيد ولم يبرم الاتفاق بعد. صحيح أن هذه الاتفاق المنتظر مع الصندوق لم يبرم بإرادتنا مرة واحدة حينما اعترض المجلس العسكري الذي كان يدير شئون البلاد بعد تنحي الرئيس السابق علي ذلك الاتفاق والاقتراض من الخارج لسداد عجز الموازنة لعدم تحميل الأجيال القادمة أعباء هذه الديون.. لكن فيما بعد تأجل إبرام الاتفاق مع صندوق النقد الدولي بإرادة الصندوق ذاته. فقبل انتخابات الرئاسة أصرت إدارة الصندوق علي ضرورة ما أسمته توافق القوي السياسية المختلفة، خاصة تلك التي لها تمثيل في البرلمان، علي هذا الاتفاق وموافقتها عليه، وكانت إدارة الصندوق تهتم أساسا بموافقة جماعة الإخوان وحزبها الحرية والعدالة علي هذا الاتفاق المصري معه.. ولأن الإخوان في البرلمان المنحل كانوا يعارضون اتمام هذا الاتفاق لم توافق إدارة الصندوق علي اتمام الاتفاق مع الحكومة المصرية، رغم أنها قدمت برنامجا للإصلاح الاقتصادي لم تعترض عليه إدارة الصندوق ولاقي اقبالا.. حيث كان هذا البرنامج يستهدف تخفيض العجز في الموازنة العامة المصرية إلي نسبة 8،5%. وبعد أن وصل الإخوان إلي السلطة وأصبح هناك رئيس للجمهورية ينتمي إلي جماعتهم كان من المتوقع أن تسرع إدارة الصندوق باتمام إبرام الاتفاق مع مصر، خاصة وأن الرئيس المصري استقبل بنفسه رئيسة الصندوق عندما زارت القاهرة ودافع علنا عن قرض الصندوق في خطب الاحتفال بعيد نصر أكتوبر، كما أن حكومة د. هشام قنديل أبدت استعدادها للتجاوب مع مطالب الصندوق خاصة تلك المتعلقة بتخفيض الاتفاق الحكومي في الموازنة لتخفيض عجزها، خاصة ذلك الاتفاق الموجه للدعم في الموازنة. لكن مع ذلك لم يتم ابرام الاتفاق المنتظر مع صندوق النقد الدولي.. والسؤال المطروح الآن هل يتم هذا الاتفاق أخيرا الشهر القادم كما بشرنا وزير المالية أم أن الموعد الذي حدده سيمر علينا دون ابرام هذا الاتفاق كما حدث من قبل؟! وسبب طرح هذا السؤال أنه يوجد بالفعل عدم حماس داخل صفوف الإخوان لابرام هذا الاتفاق الآن، وتحديد قبل إجراء الانتخابات البرلمانية القادمة.. فهذا الاتفاق سوف يلزم الحكومة المصرية بتنفيذ إجراءات واتخاذ قرارات اقتصادية تفتقد صفة الشعبية، أي ستتيح الفرصة للمعارضة لتوجيه ضربات سياسية وإعلامية للإخوان خلال التحضير للمعركة الانتخابية. لكن في داخل الأوساط الحكومية ثمة رغبة في التعجيل بإبرام هذا الاتفاق، نظرا لأن تأجيله يعني تأجل الحصول علي أية قروض ومنح حكومية مختلفة هي في أشد الحاجة إليها.. فهل تنتصر وجهة نظر الحكومة أم تنتصر في النهاية وجهة نظر الجماعة.