كثر الحديث مؤخرا عن الجنيه المصري وذلك بمناسبة الاتفاق المزمع إبرامه مع صندوق النقد الدولي وبعد انخفاض قيمة الجنيه مؤخرا تجاه العملات الأجنبية، خاصة الدولار الأمريكي واليورو الأوروبي. فبعد استئناف المفاوضات مع صندوق النقد الدولي لإبرام اتفاق جديد له يسمح بحصول مصر علي قرض منه تصل قيمته إلي 4،8 مليار دولار تحدث البعض عن شروط للصندوق لإبرام هذا الاتفاق، من بينها تخفيض تجربة الحكومة علي قيمة الجنيه المصري.. غير أن رئاسة الجمهورية ومعها رئاسة الحكومة نفت أن من بين شروط الصندوق تخفيض الجنيه المصري، بل ونفت وجود شروط للصندوق أصلا. لكن هذا النفي لم يوفر حماية للجنيه المصري من الانخفاض مؤخرا فقد استمر في الانخفاض حتي وصل إلي مستوي لم يصله منذ عام ،2004 ولا أحد من بين المسئولين عن إدارة الاقتصاد المصري أو إدارة السياسة النقدية يضمن توقف الجنيه عن الانخفاض، لأن ذلك مرهون بحالة الاقتصاد المصري، وهي الحالة التي توصف بأنها صعبة، بسبب تزايد العجز في الموازنة وميزان المدفوعات نتيجة شح الموارد المالية.. ولذلك.. فإن أطرافا عديدة مشغولة الآن بترقب ما سوف يحدث في سعر الجنيه خلال الفترة القادمة لما سيترتب عليه من نتائج وتداعيات. ففي الداخل تنشغل الحكومة بشدة بذلك، نظرا لأن انخفاض سعر الجنيه سوف يترتب عليه زيادة أعباء الحكومة، خاصة أعباء الدعم إذا ما التزمت الحكومة بالمحافظة علي أسعار السلع المدعومة حتي لا ترهق المستفيدين بهذه السلع من أصحاب الدخول المحدودة، لأن ذلك سوف يترجم في زيادة مخصصات الدعم في الموازنة، وبالتالي سيزيد من عجز الموازنة، كذلك ينشغل المصدرون والمستثمرون بسعر الجنيه لأن ذلك سيؤثر علي أسعار الصادرات المصرية بالخارج ويشجع علي زيادة هذه الصادرات، كما سوف يؤثر علي تكلفة الاستثمارات أيضا خاصة تلك الاستثمارات الأجنبية. وهكذا فإن سعر الجنيه المصري يمثل عاملا حاكما في كل الأنشطة الاقتصادية.. الاستثمار والإنتاج والاستيراد والتصدير، بل وحتي الديون الخارجية والمحلية. ولذلك.. إذا كان المصدرون من مصلحتهم المباشرة تخفيض سعر الجنيه المصري لأنه سوف يزيد من صادراتهم بعد زيادة قدراتها التنافسية، فإن المستهلكين ليس من مصلحتهم هذا التخفيض بل إنهم سوف يدفعون ثمنهم في شكل زيادة في أسعار السلع المستوردة أو المنتجة محليا وتستخدم مدخلات أجنبية في إنتاجها.. كذلك فإن الحكومة سوف تتحمل بدورها أعباء نتيجة لانخفاض الجنيه بسبب زيادة مخصصات الدعم في الموازنة. لكن يبقي أن من يتحكم في سعر الجنيه حو حقيقة أوضاع اقتصادنا.