الكلام الذي يدور حاليا حول موضوع الدستور يثير كثيرا من علامات الاستفهام حول عدة أمور من أهمها توقيت الجدل في هذا الموضوع وترتيبه في أولويات العمل الوطني في الظروف الدقيقة التي تمر بها البلاد وحالة الركود الاقتصادي ومحاولة حكومة مشكلة منذ أيام ادارة المشكلة وخلق قوة دفع ايجابية في المجتمع بعد فترة من التفكك والانقسام. المثير للدهشة حقا هو حالة التربص التي تسود في الساحة السياسية والتعلق بتلابيب كل من يدلي بتصريح حول موضوع الدستور وكأن فصيلا سياسيا واحدا هو صاحب الحق في الحديث في هذا الموضوع دون غيره. المهم أن الموضوع بسيط جدا رغم أهميته البالغة وترجع بساطته إلي عدم جواز الخلاف علي أن ما يحدد مصير الشعب ومستقبله وينظم العلاقات داخل المجتمع خلال المرحلة المقبلة لا يجب أن يكون حكرا علي احد كما لايجوز التشبث بالغالبية البرلمانية أو غيرها في هذا الشان. أظن أنني استمعت إلي كثير من الآراء التي يعتد بها في هذا السياق وكلها لا تنكر أن الدستور يجب أن يكون معبرا عن مكونات المجتمع كله والا كان دستورا معيبا غير قائم علي العدل وهو العمود الفقري لكل الدساتير المحترمة والمعتبرة حول العالم. في ظل تلك المقدمة البديهية يثير لدينا الاستغراب والتعجب من السجال الدائر حول الموضوع مثل ما يثار عن تراجع المجلس العسكري عن التصريحات التي أطلقها اللواء مختار الملا، بشأن موافقة الحكومة والمجلس الاستشاري علي الجمعية التأسيسية للدستور. وعن ما قاله اللواء ممدوح شاهين، عضو المجلس من أن أعضاء مجلسي الشعب والشوري هم الذين سينتخبون أعضاء الجمعية التأسيسية. وكان اللواء شاهين قد صرح بأن المجلس العسكري لن يتدخل في اختيار الجمعية التأسيسية، كما شدد علي احترام المجلس إرادة الشعب واختياراته، وأوضح أن مجلس الشعب هو السلطة التشريعية، وأن القوانين التي سيوافق عليها ويصدرها ستكون ملزمة، أما المجلس الاستشاري فإنه يبدي للمجلس العسكري رأيه في القوانين، ثم تحال إلي الحكومة وبعدها البرلمان. من سطور تلك التصريحات يتبين أن الموضوع ليس الدستور وإنما هو التجاذب والتضاغط لاثبات التاثير علي الساحة السياسية ليس الا، حيث إن المسألة من حيث الموضوع محسومة وتتلخص في أن البرلمان والحكومة والمجلس يجب أن يتوافقوا علي الدستور قبل طرحه للاستفتاء العام ولن يكون ممكنا تمرير الدستور من الناحية العملية بقوة البرلمان وحده لأنه في حاجة إلي الأداة التنفيذية لقراراته، من الناحية العملية اذن لابد من التوافق والا لن يكون هناك دستور، لماذا اذن كل هذه الضجة، هذا هو السؤال؟