تحدثنا فيما سبق عن تحقيق ميزان المدفوعات عجزا بلغ 1 .6 مليار دولار في أشهر يناير وفبراير ومارس فقط وهو أكبر عجز محقق في تاريخ ميزان المدفوعات وهو ما دفعنا لتحليل هذا العجز وبدأنا عملية التحليل الفني بالميزان التجاري والذي كشف الأرقام المحققة في نهاية مارس الماضي عن انخفاض عجزه انخفاضا طفيفا وبمقدار 1 .0 مليار دولار عن المحقق في نهاية مارس قبل الماضي وهذا الانخفاض قد حدث نتيجة لأن أحداث ثورة 25 يناير وما صاحبها من أحداث قد نتج عنها اغلاق البنوك ونظرا لأننا نستورد بقدر ما نصدر مرتين فقد نتج عن هذا الوضع انخفاض في عجز الميزان التجاري . وفيما يلي نستكمل العرض والتحليل لميزان المدفوعات ونبدأ في العرض للتغيرات التي تمت علي ميزان الخدمات . أولا: تأثير تداعيات الثورة علي ميزان الخدمات: دائما وأبدا ما يحقق ميزان الخدمات فوائض مؤثرة لميزان المدفوعات المصري نتيجة للايرادات الكبيرة التي يحققها قطاع السياحة وعوائد المرور بقناة السويس . وقبل ثورة 25 يناير حقق ميزان الخدمات خلال الأعوام الأربعة الأخيرة فائضا قدره 3 .49 مليار دولار . وقد استمر ميزان الخدمات في تحقيق فوائض في نهاية مارس الماضي إذ حقق الميزان فائضا بقيمة 8 .6 مليار دولار مقابل 8 .8 مليار دولار في نهاية مارس قبل الماضي بانخفاض في الفائض قدره 0 .2 مليار دولار علي الرغم من أن ميزاني النقل "والذي يشتمل علي ايرادات المرور في قناة السويس" والسفر "والذي يشتمل علي ايرادات قطاع السياحة" وهما من أكبر الموازين المشكلة لميزان الخدمات قد حققا زيادة في الفائض في نهاية مارس الماضي مقارنة بمارس قبل الماضي . وقد كشفت الارقام عن مفاجأة تتمثل في تساوي ايرادات قطاع السياحة في نهاية مارس الماضي وقبل الماضي وقد بلغت هذه الايرادات 7 .8 مليار دولار وهي نتيجة غير متوقعة علي الاطلاق رغم الغاء رحلات سياحية لمصر اثناء الثورة ورغم الانخفاض الكبير الحالي في اعداد السائحين فإن الايرادات التي تحققت خلال النصف الاول من العام المالي الحالي وما تحقق في شهر يناير قبل الثورة قد استعوض انخفاض الايرادات السياحية في شهري فبراير ومارس . وقد جاء فائض ميزان الخدمات المحقق في نهاية مارس الماضي والذي بلغ 8 .6 مليار دولار كمحصلة ل: أ) تحقيق ميزان النقل لفائض قدره 5 مليارات دولار . ب) تحقيق ميزان السفر لفائض قدره 7 مليارات دولار . ج) تحقيق داخل الاستثمار لعجز بقيمة 3 .4 مليار دولار . د) تحقيق ميزان المتحصلات والمصروفات الحكومية لعجز بقيمة 9 .0 مليار دولار . وقد بلغت ايرادات المرور في قناة السويس 7 .3 مليار دولار في نهاية مارس الماضي مقابل 4 .3 مليار دولار في نهاية مارس قبل الماضي بزيادة قدرها 3 .0 مليار دولار كما تساوت ايرادات قطاع السياحة فيما بين مارس الماضي وقبل الماضي وبلغت 7 .8 مليار دولار . إلا أن تحقيق ميزان دخل الاستثمار لعجز قيمته 3 .4 مليار دولار نهاية مارس الماضي مقابل عجز بقيمة 3 .2 مليار دولار في مارس قبل الماضي وبانخفاض قدره 2 مليار دولار قد تسبب في انخفاض فائض ميزان الخدمات والواقع يؤكد ان دخل الاستثمار يتراجع من قبل ثورة 25 يناير إذ ان دخل الاستثمار في نهاية ديسمبر الماضي حقق عجزا بقيمة 8 .2 مليار دولار مقابل عجزا بقيمة 3 .1 مليار دولار في نهاية ديسمبر قبل الماضي وبانخفاض قدره 5 .1 مليار دولار . ويلاحظ ان ميزان دخل الاستثمار كان يحقق فائضا قبل عامين ففي خلال العام المالي 2006/2007 حقق فائضا بلغ 2 .1 مليار دولار ثم حقق فائضا أيضا خلال العام المالي التالي (2007/2008) بلغ 4 .1 مليار دولار ونتيجة للأزمة المالية العالمية وتأثيرها السلبي علي الفوائد المحصلة من استثمار فوائضنا المالية في الخارج تراجع الفائض خلال