كشفت أعمال القمة العربية الإفريقية الثانية التي عقدت في سرت مؤخرا بمشاركة قادة 60 دولة عربية وافريقية تحت شعار (نحو شراكة استراتيجية عربية افريقية) عن وجود فجوة كبيرة بين العلاقات السياسية لهذه الدول التي تتميز بالقوة وبين العلاقات الاقتصادية التي لا تتناسب علي الاطلاق مع العلاقات السياسية والدبلوماسية؛ حيث تأخرت هذه القمة كثيرا في وقت بلغ فيه اجمالي حجم التجارة بين الدول العربية والافريقية حوالي 21 مليار دولار عام 2008، منها صادرات عربية بقيمة 12.3 مليار دولار، وواردات بقيمة 8.7 مليار دولار في الوقت الذي بلغ فيه حجم التبادل التجاري بين الصين والدول العربية 116.8 مليار دولار عام 2009، ومع اليابان 119.7 مليار دولار، ومع اوروبا 289.2 مليار دولار، ولذا جاء سعي القادة الي إعادة تفعيل التعاون بين الجامعة العربية والاتحاد الإفريقي للارتقاء به إلي مستوي شراكة استراتيجية جديدة.. وبعد انقطاع دام 33 عاما، افتتح الرئيس حسني مبارك أعمال القمة بالدعوة إلي تطوير التعاون ليصبح بحق شراكة إفريقية عربية فاعلة.. وشدد علي أهمية وجود استراتيجية شاملة وخطة عمل محددة وآليات للتنفيذ في إطار زمني متفق عليه، يحقق لنا جميعا المصالح المشتركة ويعزز التعاون بين الجانبين في شتي المجالات. وحذر الرئيس من تحول الصراع في دارفور شرق السودان إلي صراع بين إفريقيا والعرب، فيما نبه الزعيم الليبي معمر القذافي الذي تسلم رئاسة القمة من مبارك- إلي مخاطر انفصال جنوب السودان. ورأي أنه سيجعل من جنوب السودان بؤرة لتشجيع الانفصال في إفريقيا ورسم خريطة جديدة في القارة السمراء. وشدد أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الصباح الذي أعلن أن بلاده ستستضيف أعمال القمة العربية الإفريقية المقبلة عام 2013- علي ضرورة السعي إلي تحقيق استقرار دائم في السودان الشقيق، موضحا أن بلاده سترعي مؤتمرا لإعمار شرق السودان. وذكرت وكالة أنباء (شينخوا) في تقرير لها ان رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي، جون بينج، قال إن الأوضاع في السودان لا تزال مصدر قلق. ودعا الدول العربية الغنية إلي الاستثمار في القارة السمراء والمساهمة في إخراجها من التهميش الاقتصادي الذي تعانيه، وخصوصاً عبر تعزيز الاستثمارات وتكثيف التجارة مع الدول العربية. وفي السياق ذاته، أقرت القمة مشروعاً يحمل اسم "استراتيجية الشراكة الأفريقية العربية ومشروع خطة العمل الأفريقي العربي المشترك 2011 -2016 وقد تضمن أهم محاور التعاون العربي الأفريقي علي المستويات السياسية والاقتصادية والتنموية والثقافية وسبل دعم التعاون العربي الأفريقي في مجالات التجارة والزراعة والاستثمار والبنية التحتية والأمن الغذائي والطاقة. وجاء في مشروع الاستراتيجية أن العقود الثلاثة الماضية شهدت تحولات كبري كان لها أكبر الأثر في تغيير المنطقتين والعالم المحيط بهما، ولا سيما انتهاء الحرب الباردة وبروز كتل سياسية واقتصادية وتجارية عملاقة. ويضيف مشروع الإعلان أن هذه التحديات والأزمات العالمية المالية والبيئية والصحية دفعت المنطقتين إلي بحث إعادة تفعيل تعاونهما للارتقاء به إلي مستوي شراكة استراتيجية جديدة من أجل مصالح شعوبهما.