الصديقة الشاعرة الجزائرية حبيبة محمدي.. لا أدري أين أنت الآن، وأظنك قد غادرت القاهرة إلي بلدك الجزائر أنت تعرفين القاهرة حق المعرفة وتعرفين المصريين عبر تعاملاتك اليومية. تذكرين أول مرة قابلتك في مكتب الراحل د.سمير سرحان وقدمت لي بعضا من إنتاجك الشعري التي طبعتها مطابع هيئة الكتاب كانت المناقشات الأدبية هادئة وتتسم بالاعتدال فتلك هيئة الفكر في مصر وكنت أنت -ياحبيبة- حريصة علي التعرف علي المفكرين المصريين الذين كانوا يرحبون بك كصوت شعري جميل ومحب لمصر وللمصريين. اتذكر الآن كيف تابعت الاتصال وكنت أراك أحيانا في برامج تليفزيونية ثقافية وتتحدثين بإسهاب وحماس عن مصر والمصريين وكيف أنهم يقدمون لك العون ويحترمون جزائريتك وكنا وأصدقك القول، قد نسينا تماما أنك جزائرية. لماذا؟ لأن العربي من أي حدب وصوب يذوب في المجتمع المصري بل ربما يتقن اللهجة المصرية من طول الإقامة بيننا كواحد من أبناء مصر. كتبت مرة عن قصائدك وقلت: إنك تطوعين الحروف وتأمريها لتصير كلمات بطريقة تعامل غادة السمان مع حروفها ويومها قلت لي بالحرف الواحد "انتم في مصر مضيافين وتحبون الغرباء ولا يشعر الغريب بأي غرب" وأضفت "أنتم في مصر أعطيتم مطربتنا وردة الشهرة عن طيب خاطر وتزوجت ألمع نجوم الموسيقي بليغ حمدي فربما صارت وردة مصرية بحكم الإقامة وحلاوة العشرة والشهرة العريضة من مصر" كنت صادقة يا حبيبة محمدي لأنك عشت بيننا في مصر سنوات وتعرفين القلب المصري المفتوح علي مصراعيه لكل من يقصد مصر، إن وردة أو لطيفة أو سميرة سعيد أو كاظم الساهر أو حبيبة محمدي ومن الشمال الأفريقي جاءت المطربات وذابت كل منهن في الوسط المصري الفني كنا نقول وردة الجزائرية ولطيفة التونسية وصرنا نقول وردة ولطيفة وهذا يعكس أصالة هذا البلد المضياف الكبير. ويوم طلبت مني أن أقدمك كشاعرة جزائرية في "ساقية الصاوي" في حضور السفير الجزائري وعدد من المثقفين لم أتردد وصعدت إلي المسرح وقلت "هذه حبيبة محمدي تتجول في بستان الشعر وتقطف من قصائد بقلمها تهديها لكم" يومئذ فرحت وقلت "هذه السماحة المصرية دليل الود وهي في مصر بلا حدود". الصديقة الشاعرة الجزائرية حبيبة محمدي: لعل حزنك مما جري علي أرض السودان من ناس بلدك علي مصريين يفوق أي أحزان أقولها وقد عشت بيننا مكرمة معززة لعل حزنك مما آلت إليه الحال بين الجزائر ومصر يفوق أي تصور ولست أريد أن ترفعي صوتك منددة بهذه الهمجية وإلا أسرعت بونية حديد(!) أو مطوة لإخراس صوتك.. للأبد حتي بعد الهجمة التتارية علي المصريين المسالمين في شوارع أم درمان، أقول لك قبل أن ينالك الأذي (طمنينا عنك). ذلك هو المصري كريم العنصر في أحلك الأوقات.