هل نحن نبحث عن انتصار ما، حدث ما يجمعنا ويوحدنا كمصريين ينزع عنا الإحباط ويرفع عن كاهلنا كل الأحلام غير المكتملة. اعتقد أن كل ذلك تم تجسيده ببراعة في فيلم "واحد صفر" من تأليف مريم ناعوم، وإخراج كاملة أبوذكري، وكل من شارك في الفيلم كان بطلا بلا استثناء. كل شخصيات الفيلم الغني منهم، والفقير، المثقف والجاهل، الذي يعيش في القصور أو العشوائيات.. كلهم.. وكلهم شخصيات أحلامهم ناقصة غير مكتملة. كل منهم يقدم زاوية من الحياة يسعي من خلالها لتحقيق شيء ولكنهم لسبب أو لآخر، لنقص أو خلل، غير قادرين علي تحقيق أي من أحلامهم. الفيلم يقدم بنعومة فكرة البحث عن هدف، هدف يجمع كل هؤلاء الناس ويجمعهم حوله حتي لو كان جول في مباراة كرة القدم بين مصر والكاميرون. ساعتها سيتجمع كل هؤلاء، الضابط والمتهم، الجاني والمجني عليه، ليصبحوا كتلة بشرية واحدة تهتف في نفس واحد وتحيي هدفا واحدا طال البحث عنه. وأعجب كثيرا لكل من يقول اننا في حاجة إلي حلم قومي، كما لو كان هذا الحلم هو أو خارج حدود الواقع، أو فوق الخيال. يقول أحدهم الطرق والكباري، ويزيد آخر، بل المطار الجديد هو المشروع، ويضيف ثالث لا.. بل إنه زراعة الصحراء وها نحن بدأنا بتوشكي. وأعجب أكثر أن هؤلاء يعتبرون كل تلك الإنجازات، هي حقيقة في معظمها مجسدة لا أهداف يبحث عنها المصريون خالطين بين الخدمات الأساسية والمشروع القومي. هل نحن في حاجة إلي أن نقول إن هذا الهدف ببساطة هو دولة عصرية بكل مشتملاتها - ومن ضمنها تلك الخدمات وغيرها - نسير في مصاف الدول الأخري، كما تستحق مصر. ذكرني ذلك بلعبة يشتريها الصغار والكبار عبارة عن قطع صغيرة حينما نركبها كلها، وهو أمر يستغرق عادة وقتا طويلا، تكون صورة واحدة. نحن لدينا بعض القطع الموجودة، ولكنها تظل قطعا منفصلة ما لم تكن الصورة الكبيرة موجودة أمام أعين من يشترك في تجميع هذه القطعة، وهكذا يفعلون، هم يقدمون الصورة أولا من أجل أن يتحد من يقوم بتجميع الصورة. مصر عام 2009 وما بعدها كيف نريدها أن تكون علي المستوي السياسي، الاقتصادي الاجتماعي الفكري، هذه هي الصورة الكبيرة، التي يجب أن يراها الناس، وهم يعملون ويشاهدون كل قطعة توضع في مكانها، مطار جديد، طرق جديدة، مدارس، مستشفيات، قوانين، مصانع، إعلام كل هذه الأشياء أجزاء من صورة مكتملة. في الستينيات تحدث العبقري صلاح جاهين عن التصنيع الثقيل، وتماثيل علي الترعة، وأبراج، تحدث عن صورة تجمع الكل ويكون لكل من يعمل فيها مكان. وهكذا كان هدف مصر في مباراتها مع الكاميرون هو الرمز فالكل ينتظر المبارة، ويتطلع إليها ويشارك في تشجيع فريقه والعمل من أجله، وتأتي النتيجة "واحد صفر".