من مسئول لادارة الأزمات إلي مسئول حسابات.. هذا ما يقوم به الآن وزير الدفاع الأمريكي. تولي روبرت جيتس مهام منصبه في عهد الرئيس جورج بوش في أواخر عام 2006 بمهمة عاجلة وهي تغيير خظوظ الولاياتالمتحدة في حرب العراق. وقام بالسفر علي نطاق واسع وتحدث بصراحة علي نطاق كبير من قضايا السياسة الخارجية. لكن في الأشهر الأولي لادارة أوباما لفت جيتس الأنظار بدرجه أقل وركز علي المنطقة التقليدية لوزير الدفاع الأمريكي وبشكل أساسي تفاصيل ميزانية الدفاع المحددة بمبلغ 534 مليار دولار للعام القادم. وجاء اوضح مؤشر علي تحويل التركيز في نهاية الأسبوع الماضي حين قالت وزارة الدفاع ان جيتس سيتخذ الخطوة الاستثنائية بعدم حضور قمة حلف شمال الاطلسي التي تعقد بمناسبة مرور 60عاماًً علي انشائه وتستضيفها فرنسا بالاشتراك مع ألمانيا ليعد الميزانية. كما لم يشارك جيتس في مؤتمر ميونيخ الأمني الشهر الماضي. وتحدث نائب الرئيس جو بايدن بالنيابة عن الادارة الجديدة في الاجتماع الذي يكون عادة محفلا يلقي فيه وزير الدفاع الأمريكي كلمة مهمة. وقال تشارلز ستفينسون الأستاذ بجامعة جون هوبكنز "بدأ كإطفائي للتعامل مع العراق والآن انتقل إلي فئة لاعب في الفريق" حيث يؤدي عمله لكنه ايضا يتواصل مع زملائه بالحكومة جيدا". واصبح جيتس صاحب الشعر الأشيب الذي يتحدث بهدوء نجما غير مألوف في ادارة بوش في أعوامها الأخيرة بعد أن وقع عليه الاختيار ليحل محل دونالد رامسفيلد في البنتاجون. وبدأ رئيس المخابرات المركزية السابق في اصلاح العلاقات مع الحلفاء وحث علي اغلاق معتقل جوانتانامو المودع به المشتبه بهم في صلاتهم بالارهاب ونادي بمزيد من الاستخدام "للقوة الناعمة" بما في ذلك مزيداً من التمويل لوزارة الخارجية. النجاج الذي حققه جيتس دفع باراك أوباما إلي اتخاذ خطوة لم يسبق ان اتخذها رئيس منتخب حديثا حيث احتفظ بوزير الدفاع المنتهية ولايته. وقال ستيفنسون الذي ألف كتابا بعنوان "وظيفة وزير الدفاع شبه المستحيلة" "اندهشت بمدي براعته في القيام بهذا الانتقال". وأضاف: "ليست هناك قضية تواجهه أكبر من السيطرة علي الميزانية". وتعهد جيتس بالقيام بخيارات صعبة في الميزانية ويرجع هذا جزئيا إلي ان الأزمة الاقتصادية وتجاوز النفقات بمبالغ كبيرة في برامج التسلح تتطلبها لكن ايضا لتوجيه مزيد من التركيز إلي شن حرب غير نظامية. وفي عهد بوش اتهم جيتس المؤسسة الدفاعية الأمريكية بالتركيز علي حروب كبيرة محتملة بدلا من قتال مواجهة التمرد مثل العراق وافغانستان وهو ما يعتقد ان من المرجح ان تواجهه الولاياتالمتحدة أكثر في المستقبل. وقال جيف موريل المتحدث باسم وزارة الدفاع الأمريكية: "انه مدرك ان مسئوليته هي احداث بعض التغيير الذي كان يوصي به علي مدار العامين المنصرمين". واثار موقف جيتس تكهنات بأن بعض الانظمة الباهظة التكلفة ربما تخفض او يتم إلغاؤها. ومن بينها الطائرة المقاتلة المتقدمة أف-22 التي بنتها لوكهيد مارتن كورب والانظمة القتالية المستقبلية للجيش الأمريكي وهي شبكة عالية التقنية من أنظمة التسلح تقودها بوينج كو. واضاف موريل ان جيتس لم يسع إلي تجنب الاضواء في عهد أوباما لكنه قرر ان مهامه الأكثر أهمية في بداية عهد الادارة هي التعرف علي زملائه الجدد في مجال الأمن القومي واعادة صياغة الميزانية. وتابع "الأخير استهلكت وقتا كثيرا جدا. لكنني استطيع ان اغامر واقول انها متي تطرح في النهاية لن يكون الوزير "جيتس" بمنأي عن الاضواء". وقال: "إنه يترقب استئناف جدول سفر نشيط فور تجاوزنا موسم الميزانية".