لنفس الأسباب التي ذكرها وزير الاستثمار د. محمود محيي الدين في لقائه معنا انها أهداف لمشروع قانون إدارة الأصول الجديد.. اسجل اعتراضي علي المشروع. ولا انكر الجهد الوفير الذي بذله الوزير وطاقم عمله لعامين متصلين في كتمان تام لإصدار هذا المشروع الذي اقترح له أسماً حركياً "المخرج الأخير من مأزق الخصخصة".. نهل محيي الدين من تجارب الدول الأخري وحاول بجهد واضح تطبيقها علي الحالة المصرية وتلافي عيوب التجربة الروسية والتشيكية التي كثيراً ما تندر اننا نذكرها. لا انكر الجهد.. لكنني اختلف مع أهدافه. فإذا قررت الدولة فجأة أن تغير من سياستها وأن تغير من أسلوب الخصخصة فعليها أولا أن توضح لنا لماذا؟! هل يعني ذلك فشل 18 سنة من أسلوب الخصخصة القديم.. وما هي نتائجه وأسباب ذلك؟! إذا قررت الدولة أن تعود وتشارك وتنافس في الإنتاج.. فعلي الأقل عليها أن تقنعنا لماذا هذا التغير؟! نقد التجربة هنا شديد الأهمية قبل الخوض في تجربة جديدة. فلا يمكن القفز هكذا من طريقة "تاتشر" إلي طريقة "يلستن" دون مبررات.. والدولة تعي مبرراتها جيداً. ثانياً.. إذا قررت الدولة فجأة أن تغير خطابها الاقتصادي وتقر أن هناك صناعات استراتيجية بعد أن كانت تؤكد أنه "لا يوجد استراتيجي لدينا" فعليها أن تقول لنا لماذا هذا التغيير؟ هل هو لأسباب سياسية "الرئيس مثلاً يرفض بيع هذه الشركات" أو لأسباب عمالية "تضم هذه الشركات العدد الأكبر من العمالة والدولة لا تريد مشاكل عمالية" أو أنه ظهر للحكومة فجأة خطأها في التفكير من أصله! ولا أدري كيف تحولت هذه الصناعات إلي استراتيجية فجأة بعد أن باعت الدولة جل مشاركتها فيها.. هل لارتفاع أسعار الحديد والأسمنت؟! وهل يعني ذلك أنه إذا انخفضت هذه الأسعار ستنتفي عن هذه الشركات صفة الاستراتيجية؟! ثم أي استراتيجية هذه في شركات لا تملك سوي حصص لا تذكر من السوق الذي يسيطر عليه القطاع الخاص الآن! ثالثا، إن الدولة بهذا المشروع تعطي إشارة غير واضحة للعمال في تلك الشركات "باقي 340 ألف عامل" فهي تقول لهم إنه لا خصخصة لهذه الشركات فلتأمنوا.. لكن الحقيقة هي عكس ذلك تماما.. فهذا هو برنامج خصخصة.. ستبيع الدولة فيه بعض الشركات بالكامل وأجزاء من شركات أخري.. إذن فالعمالة في هذه الشركات معرضة بالتأكيد للتقليص وهذا أمر طبيعي إذا ما أرادت تلك الشركات تحسين اوضاعها والمنافسة. وأي شيء عكس ذلك هو في حقيقيته خطاب غامض ومضلل. إن الدولة تبيع مشروع البرنامج عن طريق التسويق السياسي الذي تظن أنه قد يعجب الناس لكنه يتناقض مع كل ما أقرت به اقتصادياً في الماضي أمام المواطن والمستثمر المصري والأجنبي.. ولا مانع أن تحاول الدولة الحصول علي مكسب سياسي كما قال محيي الدين ولا مانع أن تراجع افكارها وسياساتها.. لكنها أولا يجب أن تقول لنا لماذا؟! هل كان كل ذلك خطأ؟ هل يعني ذلك أن الدولة ستعود للمشاركة في وسائل الإنتاج "الاستراتيجية"؟! هل يعني ذلك أن المواطن سيكون شريكا في كل ما تبيعه الدولة في المستقبل؟! لكل ما سبق ولنفس الأسباب التي تسوق بها الحكومة برنامجها الجديد الذي أظن أنه لا يحقق سوي أهداف سياسية قصيرة الأجل اختلف معه واعترض علي مشروع القانون.