قرأت في مجلة "روز اليوسف" تحقيقا للزميل طارق مرسي تحت عنوان "متي يتحول مشروع "ملكة جمال القري" إلي مسابقة علي مستوي مصر كلها وقال الزميل علي لسان د.أحمد نوار رئيس هيئة قصور الثقافة: "لو ساهم رجال الأعمال معنا بإمكاننا رسم كل القري في وقت واحد" وجاء التحقيق مصاحبا لعدة صور لبيوت الريف وهي مرسومة بالأسلوب الشعبي الجميل الذي يعيد للذاكرة ريف مصر الجميل والذي اختفي بشكل لم نره ولم يحدث في أي بلد في العالم فمصر الزراعية فقدت ريفها واعتقد أن هذه هي احدي الأعاجيب التي يجب أن تدخل موسوعة جينس تحت عنوان "مصر الزراعية بلا ريف" وهذا موضوع سوف نتطرق له في وقت آخر. نعود إلي موضوع "رسم كل قري مصر" فقد ذكرني طلب الفنان المبدع أحمد نوار بندوة كان قد اقامها رجل الأعمال سميح ساويرس في نادي جاردن سيتي بعنوان "رجال الأعمال والثقة المفقودة" وكنت ذكرت في كلمتي في هذه الندوة ان بعد رجال الأعمال عن الخدمة الاجتماعية هو احد الأسباب القوية لحالة فقدان الثقة فيهم فالشعب لم ير أو يسمع رجال الأعمال سوي أنهم يهربون بأمواله أو يتسلقون السلطة أو علي أقل تقدير ينهبون أرضه بتراب الفلوس أو يدعمون خروج الآثار للتسول في شوارع العالم وبالطبع هذا الكلام لا ينطبق علي جميع رجال الأعمال فمنهم من يقوم ببعض الأعمال الخيرية ودعم بعض المشاريع الثقافية لكن مجموع رجال الأعمال والكبار منهم بوجه خاص لا يبذلون المجهود الذي نراه ونلمحه من جميع أغنياء العالم الذين يتبنون مشاكل بلادهم من الأول للآخر ليس فقط أمام المصدرين وهم يقومون بتسليم الشيك أو وضع حجر الأساس وما حدث من اعتناء الولاياتالمتحدة بعد كارثة كاترينا أو كارثة ابراج نيويورك ليس ببعيد والسؤال الذي اطرحه الآن علي رجال الأعمال: كم كارثة حدثت في مصر؟ كم أسرة تشردت؟ كم طفلا في مصر ينام في الشارع؟ كم أسرة لا تجد قوت يومها؟ ثم أين أنتم من كله هذا؟ بالطبع ليس المطلوب أن يحل رجال الأعمال مشاكل مصر ولكن يجب أن يكون لهم دور مؤثر وقد يقول قائل منهم: أيجب أن نعلن في الصحف حتي يعرف الناس أننا نقوم بدورنا الاجتماعي؟ والاجابة هنا هي أنه إذا كان هذا ضروريا فلتفعلوا فالناس ترغب في معرفة مواقفكم من مشاكلهم وسيظل اتهامكم بكل نقيصة موجودا حتي نري ونشعر ونتأثر بما تفعلون من أجل الناس وللناس وليس لسواهم. ان تجميل المدن احد المشاريع الثقافية المهمة التي تعيد للناس انتماءها وتوجد شخصية للريف المصري العريق وفكرة تجميل القري والرسم علي جدرانها فكرة تستحق الاهتمام فان تبني قصور للثقافة بايدي فنانين حولت مجموعة منهم بعض القري في زمن وجيز لا يتعدي الشهر الي متحف مفتوح هو مشروع يستحق ان يقف وراءه كل المثقفين المصريين والجمعيات الأهلية ويسهم فيه كل من يستطيع فهذا المشروع الثقافي دلالاته قوية ويمهد لعودة جزء كبير من الهوية المصرية كما يعيد للمواطن البسيط إحساسه الجمالي. ذكرني هذا المشروع بمشروع "مسار العائلة المقدسة" والذي تبنته منذ عدة سنوات وزارة السياحة وشرعت فيه بالفعل مع جمعية الحفاظ علي التراث وقامت بمجهود كبير أسفر عن احتفال جميل وفيلم وثائقي وكذلك الي برنامج سياحي هو بحد ذاته منجم من ذهب حين يكتمل سياحيا.. أين وصل هذا المشروع السياحي الثقافي؟ وهل قامت الجمعية ووزارة السياحة باستكمال المشروع أم توقف هو الآخر أسوة بالاجندة السياحية التي لم يعد لها وجود فبعد وضع اللبنة الأولي لاحساس المواطن المصري بالسياحة عن طريق المهرجانات اكتفينا بابعادها عن اهتمام المواطن ويسأل رجال الأعمال ماذا نفعل؟! الاجابة عند د.احمد نوار وجمعية التراث تنفيذ هذين المشروعين كفيل بتحسين سمعة رجال الأعمال في مصر.