صرح وزير الخزانة الأمريكية قبل وقت قريب بأن قوة أمريكا الاقتصادية الهائلة هي ثمرة للصناعات الصغيرة وقال إن اعتماد أمريكا كبير علي هذه الصناعات. ويقول الاقتصاديون ان اليابان لم تصبح كيانا اقتصاديا هائلا اليوم إلا عن طريق الصناعات الصغيرة ولعل الصين هي المثال الأكبر في هذا الموضوع. ولدينا هذا النزوع الاقتصادي لتنمية الصناعات الصغيرة المشروع الاقتصادي التي أحيت بلدنا وجعلتها في المصافي الأولي لكن هذا القطاع لدينا يصاب بلين العظام.. وأفكر وأنا لست اقتصادية لماذا لا تنجح الصناعات الصغيرة في مصر هل لعدم الاستقرار الاقتصادي؟ أم أن المشاكل التي يعاني منها الاقتصاد المصري لها دخل في هذا الفشل الذريع. كثير من الجمعيات للصناعات الصغيرة قامت وفشلت ومنها علي سبيل المثال استصلاح الأراضي وصناعة الأثاث والنسيج كلها باءت بالفشل وكثير من أصحابها أصيبوا بالخسارة ولم يستطيعوا حتي سداد فوائد القروض فما بالك بالقروض نفسها! ومن الغريب أن جهات التمويل موجودة وتوجد أموال مكدسة في البنوك لا يعرف اقتصاديو مصر التصرف فيها خوفا من المجازفة والخسارة ويوجد ملايين من العاطلين وأصحاب الدخول المحدودة والأهم أن مصر ينقصها كثير من المشاريع التي تعتمد علي المهارات المهنية في جميع المجالات مثل النجارة والكهرباء والسباكة وزراعة الحدائق ورعاية وتجميل الأشجار، واستغرب أين شباب خريجي الزراعة ولماذا لم يفكروا في الاقتراب من الصندوق الاجتماعي للتنمية واستيراد سيارات تشذيب وتجميل الأشجار ولماذا لم يفكر أوائل خريجي المدارس الصناعية والزراعية في تبني مثل هذه المشاريع الصغيرة؟ أيضا ماكينات معالجة الزبالة لم يفكر فيها أحد وكثير وكثير وكثير من المشاريع الصغيرة والتي تدر دخلا وتفيد الوطن والمواطنين وتحل مشاكلهم ومشاكل البلد أيضا. ويقول المثل الشائع لا يوجد فقر ولكن يوجد عمي رأي وأنا أؤمن بهذا المثل فلقد أدمنا الشكوي والبكاء والاعتراض ولا نملك ملكة التفكير لنصل إلي مخارج من الأزمة، فنحن في انتظار الحكومة مع أنه من الواضح جدا أننا لن نقوم بعمل شيء للناس ولن نفكر لهم! إذا آن الأوان للتفكير في إصلاح حالنا وبدلا من التفكير في بيع كل ما تمتلك أسرة صغيرة فقيرة يصر أولادها علي الهجرة عن طريق البحر أو البر فيكون مصيرهم الموت أو السجن أو في أحسن الأحوال العمل بالسخرة وبأقل الأجور والنوم كل عشرة في حجرة! وهكذا يقضي عمره وهو يقوم بالأعمال الدنيا لماذا؟ لأنه بدلا من أن يفكر كيف يساعد ذاته يتخلي عن أقل القليل الذي يملكه من أجل السفر إلي المجهول! هكذا وصل بنا الحال ويقول الله جل شأنه "إن الله لا يغير ما بقوم حتي يغيروا ما بأنفسهم" والسؤال المطروح الآن لماذا. لا توجه البنوك والجمعيات الأهلية الناس إلي هذه المشاريع الصغيرة التي تحل لنا جزءا لا يستهان به من البطالة وتساعد المحافظات في حل مشاكلها التي اصبحت تهدد البيئة بل هددتها بالفعل والقذارة والاهمال وغياب العامل الفني الذي كانت مصر تفتخر به بل وقامت علي أكتافه دول كثيرة ليس أولها تركيا. نبحث عن العامل الآن فلا نجده والأسوأ أننا نجد أولاده وأحفاده لا يتمتعون بأي مهارة سوي مهارة التسول والنصب والاحتيال.