ظاهرة صحية تحدث هذه الأيام في معظم الأجهزة الإعلامية المقروءة والمسموعة والمرئية وهي تناول السياحة في مصر. والإيجابية في هذا الموضوع أن معظم العاملين بالإعلام أدركوا أهمية السياحة لمصر وبدأوا يركزون علي السلبيات التي تواجه هذه الصناعة المهمة وطرحها للرأي العام وأمام صانعي القرار للالتفات إليها.. وبالطبع فإن اهتمام الإعلام يلفت نظر الناس مما يقوي ادراك الشعب لمدي أهمية السياحة بالنسبة له ودعمها لدخله. أيضا من إيجابيات تناول السياحة في معظم الجرائد والمجلات وتناول كبار الكتاب موضوعاتها ومشاكلها أن كل هذا يفيد في سرعة وصول المشكلات إلي من بيده تغيير الأحوال. والحق اننا نقترب قليلا من الهدف الذي نادينا به كثيرا وهو وضع السياحة كهدف قومي قادر علي تحقيق النمو، يمتص البطالة وذي عائد كبير يدعم ميزانية الدولة وله ضلع كبير في تحديث المدن وتوسيع الاحتكاك بالثقافات الأخري وله مردود مباشر علي الفرد. وتبدو هيئة التنمية السياحية وكأنها الهدف الأول للهجوم علي صانعي السياحة في مصر وبالطبع علي العاملين بها.. وقد كثر الهجوم في هذه الفترة علي هيئة التنمية السياحية ومفهوم أن هذا الهجوم يستهدف الحفاظ علي أرض مصر والتي هي في نظر الكثيرين وأنا منهم عرضة لكثير من التعديات، فهناك افراط يتم في توزيع هذه الثروة التي لا تقدر بمال، وتفرط هيئة التنمية في توزيع الأراضي المميزة وغير المميزة بمئات الكيلو مترات، والمردود ضعيف مع هزال ثمن الأرض والذي ارتفع من دولار لعشرة دولارات في المتر الواحد، ومع هذا الاعتراض والذي يشبه الاجماع علي تخصيص أراضي التنمية السياحية لا يجب ألا نخلط الحابل بالنابل، فكثير من رجال صناعة السياحة في مصر قد قابلوا هذا الكرم بكرم أفضل منه فكانت النتيجة إقامة سبع مدن سياحية كاملة المرافقة وهذه هي أحد الشروط المهمة لامتلاك الأرض وتحويل الصحراء الجرداء المملوءة بالألغام إلي واحات ساحرة يعمل بها من أهل المكان الكثيرون. ولم يقف نشاطهم عند هذا، بل هم يتوسعون ويقيمون المشاريع تلو المشاريع، وقد تكون الجونة ونبق من أهم الأمثلة. والسؤال المطروح هو لماذا تضع هيئة التنمية السياحية نفسها في هذا الموقف غير المفهوم، ولماذا لا ترد الهيئة أو من يمثلها علي الأسئلة التي يطرحها الإعلام في شكل ردود يكفلها القانون وبين المؤتمرات الصحفية، ولماذا نخلق بلبلة ونحن قادرون علي الرد والإيضاح؟ إن تجاهل الرد هو تجاهل للرأي العام الذي يترسخ في عقله ووجدانه وجهة نظر واحدة تظل أمامه ومستقرة داخله. ولا شك أن تضارب المصالح يأتي علي حساب السياحة في مصر، فمحافظ يري مصلحته في فتح باب الصيد ووزير ومحافظ آخر يري أن هذا ضد قوانين البيئة في العالم، وننشر ونحذر لكن أين الحقيقة؟ لا نعلم لأن أحداً ببساطة لم يكلف نفسه بالرد علي التساؤل.. لماذا سمح للمراكب بالدخول لمنطقة الهوة الزرقاء في رأس محمد ومخالفة القرارات الدولية والمحلية؟ لا نعلم ولم يكلف أحد نفسه بالرد والتوضيح.. وكثير من المطروح تنطبق عليه هذه القاعدة التي لا أعرف من وراءها وهي متفشية في حكومة التكنوقراط التي باتت أهم ملامحها أنها لا تجيد الدفاع عن نفسها لأنها ببساطة متعالية لا تريد أن تعترف أمام الرأي العام بأنها تتنازل وترد علي جموع الكتاب المتخصصين وغير المتخصصين في مشكلات السياحة، وهي المشكلات التي زادت وتفرعت والخوف كل الخوف هو أن توصم سمعة السياحة والسياحيين في مصر بالسلبية نتيجة أن الوسطاء بين صناع السياحة في مصر ورعاتها لا يمتلكون أدوات التعامل مع الصحافة والإعلام عموما وأصبح هناك ما يشبه التقيم الإعلامي الذي لا أعرف من وراءه. وتحتاج قضايا ومشكلات السياحة في مصر إلي مزيد من الاهتمام من المسئولين وصناع السياحة أنفسهم، فالإيضاح وإفهام الناس أحد أهم حقوق الرأي العام.