نعم لم يكن من المتوقع أن يقام هذا المعرض في هذا المكان كوت ديفوار.. وإذا أقيم فإنه لم يكن من المتوقع أن ينجح.. وإذا نجح فلم يكن من المتوقع أن يحدث تأثيرا كبيرا أو ملموسا. ولكن معرض للمنتجات المصرية أقيم في أبيدجان عاصمة كوت ديفوار والغريب أنه نجح والمستغرب أنه يمكن أن يحدث تأثيرا كبيرا في طريق المنتجات المصرية إلي افريقيا. ودعنا عزيزي نبدأ الحكاية من البداية.. تحمست السفارة المصرية في أبيدجان لكي يقام معرض للمنتجات المصرية هناك وكان وراء هذا الحماس رؤية تستند إلي الاعتبارات التالية بشكل خاص: أولا: أن البلد يمثل 40% من حجم اقتصاد منطقة الابواء أي دول الاتحاد النقدي الاقتصادي لغرب افريقيا. ثانيا: أن افريقيا هي المنفذ الطبيعي والسوق الذي ينطوي علي فرص كبيرة للمنتجات المصرية بحكم مجموعة من العوامل تتعلق بوضع مصر الافريقي ووضع المنتجات المصرية. ثالثا: أن ارتباط مصر بافريقيا بحكم الواقع والجغرافيا هو ارتباط مستقبل ومصير.. فالنيل يأتي من هناك والأهل يقيمون هناك والمصير الواحد يربطنا بتلك القارة السمراء التي أبدع جمال حمدان في تقديمها في كتابه "افريقيا الجديدة" مشيرا إلي أهميتها وخصائصها نعم ليس غريبا أن نهتم بافريقيا ولكن الغريب أن يحدث العكس ولا يحتاج الأمر هنا إلي مزيد من المبررات أو الأسباب لقد كان السفير المصري شريف عباس علي حق عندما أدرك أهمية هذا المعرض بالتعاون مع أبناء مصر من الدبلوماسيين العاملين معه في السفارة في أبيدجان. وتم تسهيل إقامة المعرض بجهدهم المتميز وبجهد الشركة التي تولت أمر المعرض وهي شركة أسمرت ايجيبت واستطاع السفير شريف عباس وفريقه الرائع أحمد فهمي شاهين وباقي زملائه في السفارة أن ييسروا كل الأمور لكي تنجح التجربة.. وأقيم المعرض لمدة عشرة أيام في الفترة من 27 ابريل حتي 6 مايو الجاري وخلال الثلاثة أيام الأولي تم بيع 75% من السلع والمنتجات التي عرضت وقبل نهاية المعرض كانت جميع المعروضات قد تم بيعها.. وكما روي لي من قاموا بعرض منتجاتهم من الشركات فإن النجاح قد فاق كل توقع بل إن إعجاب المستهلكين بالسلع المصرية التي تم عرضها من قبل ست عشرة شركة شاركت في المعرض قد نالت إعجاب واستحسان الجميع وتقديرهم لما حققته الصناعة المصرية من قفزة نوعية إلي مصاف العالمية إلي درجة أن بعض الشركات الفرنسية التي تطرح منتجاتها في هذا السوق أبدت تقديرها لجودة المنتجات المصرية التي تم عرضها وما اتسمت به من تصميمات وإمكانيات لا تقل - إن لم تزد - عن مثيلاتها من العالمية. إن حجم المبيعات التي تحققت خلال فترة المعرض يفوق ما تم تصديره من سلع مصرية إلي كوت ديفوار علي مدار أربع سنوات مجتمعة رغم أن من شارك في المعرض لم يزد علي ست عشرة شركة. ويهمني في هذا الشأن أن أتوجه بعدة رسائل إلي عدة أطراف فاعلة في هذا الصدد: الرسالة الأولي: إلي الوزير رشيد محمد رشيد وزير التجارة والصناعة والذي يقود منظومة جديدة وفاعلة في تحديث الصناعة المصرية وفتح الأسواق الخارجية بدراية واقتدار بدأت نتائجه تتحقق.. أتوجه إليه لكي يعطي مزيدا من الرعاية والعناية بهذا السوق الافريقي وبالتوسع في إقامة المعارض فيه علي ضوء تقييم تلك التجربة التي تمت في أبيدجان. والرسالة الثانية: أتوجه بها إلي وزارة الخارجية لكي تواصل سفاراتنا في الخارج هذا الجهد المتميز في دعم فتح الأسواق أمام المنتجات المصرية وبشكل خاص في افريقيا لاعتبارات عديدة أشرنا إليها واعتبارات أخري لم نتعرض لها. أما الرسالة الثالثة: فإنني أتوجه بها إلي صناع مصر ومنظمتهم واتحادهم لكي يستمروا في الاشتراك في المعارض والسعي إلي إقامة المزيد منها لا سيما في القارة السمراء التي ننتمي إليها وأتصور أن اتحاد الصناعات واتحاد المستثمرين في كل المدن الصناعية ومنظمات رجال الأعمال يمكن أن يقوموا بجهد خاص يكون له الفاعلية في هذا المجال. أما الرسالة الرابعة: فإنني أتوجه بها إلي الشركات الست عشرة التي شاركت في هذا المعرض لكي أعبر لها عن الإعجاب والتقدير فيما حققوه من نجاحات وفيما قدموه من جهد مخلص رفع من سمعة المنتجات المصرية عاليا مما سيكون له أثره الطيب في المستقبل القريب في تلك الأسواق وغيرها.. كما أتمني أن يواصلوا هذا الجهد المخلص الذي بذلوه وأن يستمروا في إقامة تلك المعارض وتكرارها والتوسع فيها وأن يلحق بهم نخب أخري من الشركات المصرية. الرسالة الخامسة: وأتوجه بها إلي الشركة التي تولت مسئولية إقامة هذا المعرض والذي فهمت من خلال الدبلوماسي المصري أحمد فهمي شاهين أنها قدمت وبكل الاحترام عملا بالغ التميز أسفر عن تلك النجاحات وأتوجه إلي تلك الشركة متمنيا أن تستمر في هذا السبيل واضعين افريقيا نصب عينيها.. كما أرجو من وزارة التجارة والصناعة أن تدعم تلك الشركات لأن أي دعم في هذا السبيل سيؤتي ثماره طيبة ونافعة. والرسالة الأخيرة: أتوجه بها إلي هذا الشعب وهذا الوطن الحبيب بأن تزداد ثقتنا في صناعنا وصناعاتنا وأن نواصل الجهد والمشوار لكي نعلي من تلك المنتجات التي صنعت في مصر. ونحن باليقين علي درب التقدم سائرون ومن أجل النمو والتنمية ساهرون وشكرا لكل جهد مخلص ولكل يد تبني وغدا أكثر إشراقا بعون الله.