التحول الاقتصادي من مرحلة الاشتراكية "الديمقراطية" إلي اقتصاد السوق الذي تمر به مصر -ومازالت- زاد من أعداد المهمشين المصريين، وأدخل فئات جديدة في تلك الطبقة والتي وإن كانت موجودة في كل بلاد العالم بمسميات مختلفة -مثل المنبوذين في الهند والغجر في إيطاليا- إلا أنهم في مصر أصبحوا كيانا اجتماعيا كبيرا وإن كان هشا وهلاميا، إلا أن الخطورة في أن "يتماسك" هذا الكيان ويصبح قنبلة موقوتة ومصدر قلاقل، بل ووقود ثورة اجتماعية قد تقضي علي إنجازاتنا ومكاسبنا في لحظات. فالمهمشون في مصر أصبحوا يضمون بجانب الفقراء والخدم وصغار الموظفين والعمال والفلاحين.. العاطلين خاصة خريجي الجامعات والمدارس المتوسطة بالإضافة إلي الأميين وقد برزت طائفة خطيرة في المرحلة الأخيرة هم أطفال الشوارع، وكذلك زادت أعداد العمال ضحايا الخصخصة سواء من خرج منهم معاشا مبكرا أو من استغنت عنهم المصانع والشركات دون أن تقوم بتعيينهم أو التأمين اجتماعيا وصحيا عليهم، وهؤلاء بالفعل يعانون من مشكلات عديدة خاصة أن معظمهم تزوج وأصبح يعول أسرة وفجأة وجدوا أنفسهم في الشارع.. وهنا مكمن الخطورة. كما اتسعت دائرة المهمشين.. وشملت العاملين في الاقتصاد السري ومصانع بئر السلم وعمال التراحيل والعمالة الموسمية المؤقتة والباعة الجائلين -السريحة- والبلطجية و"البودجارد" وسكان بعض المناطق العشوائية والعشش والمقابر والتي أصبح بعضها مفرخا للمجرمين وبيئة صالحة للناقمين علي الحكومة. وقد ذكرت في الندوة التي استضافني فيها المنتدي الليبرالي التابع لجمعية حكماء مصر برئاسة الصديق طه الشريف: إن المهمشين الجدد هم أيضا الأغلبية الصامتة والقوي المحجوبة عن الشرعية، وإنه لابد من استيعابهم داخل كيان الدولة حتي يكونوا مشاركين ومنتمين لا منحرفون، وأن للحكومة دورا في ذلك بالإضافة إلي مؤسسات المجتمع المدني في ذلك، ولابد أيضا من فتح سبل المشاركة السياسية والمجتمعية لهؤلاء والاهتمام اقتصاديا بهم قبل أن يتحول أعضاء نادي المهمشين إلي وقود لثورة قد تقضي علي الاستقرار الذي ننعم به. دش لكل مواطن انقلاب عائلي حدث في أسرة زميلي وجاري الكاتب الصحفي هشام مبارك مؤخرا فقد استغلت أسرته وجوده في واشنطن ضمن بعثة طرق الأبواب مندوبا عن جريدة الأخبار وقامت بتركيب "دش" في المنزل، ومعلوماتي ان "مبارك" كان يعارض بشدة تركيب الدش لأنه رجل صعيدي ومحافظ ومتدين ويخاف علي بناته من خطورة ما تبثه قنواته المتعددة خاصة قنوات الأغاني "الخليعة". بنات هشام مبارك قالوا إن أباهم في أمريكا "مظبط نفسه" بل يسافر كل عام إلي أرض الأحلام.. و"حرام" ان يحرم عليهم مشاهدة قنوات الدش لأن في ذلك تناقضا. وبنات هشام مبارك جزء من المجتمع ولهن الحق في تركيب الدش، فقد نجحت الحكومة في تطبيق شعار "دش لكل بيت" بعد أن نفذت وعدها وأصبح المحمول في يد الجميع، ولكنها فشلت في مشروع كمبيوتر في كل منزل رغم أنها حكومة ذكية، وذلك لأن سعر تركيب الدش لا يتعدي 300 جنيه بينما أقل جهاز كمبيوتر يتكلف أكثر من ألف جنيه. المهم عادت بعثة طرق الأبواب وذهبت إلي "مبارك" كي أهنأه بسلامة العودة وأيضا علي دخوله نادي الستلايت وعالم السماوات المفتوحة، وفي نفس الوقت أواسيه علي "غدر" أسرته به وانقلابهم عليه أثناء غيابه.. ولكنني لم أجده.. ووجدت أسرته تبحث عنه.. وبعد طول بحث توافرت أنباء عن أنه طلب اللجوء السياسي إلي أمريكا بحجة الاضطهاد الأسري!!