كل دراسات منظمة السياحة العالمية ودراساتنا الخاصة في السوق السياحي العالمي تؤكد أن الاسعار أحد العناصر الاساسية في التنافس. حقيقي أنها ليست العنصر الوحيد ولكنها عنصر رئيسي.. ومصر اعتبارا من 2003 حينما صدر قرار تعويم الجنيه المصري أصبحت منافسا شرسا وأصبحت أكثر قدرة علي الجذب سياحيا وأكثر قدرة علي التصدير سلعيا مع الأخذ في الاعتبار أن عام 2003 هو عام الحرب علي العراق ومع هذا حققت مصر ذروة سياحية لم تشهدها طوال تاريخها كله حيث تجاوزنا رقم 6 ملايين سائح ب44 ألف سائح. إن العشوائية التي تحدث الآن في تسعير السياحة المصرية جد مقلقة خاصة أنها قد انعكست علي الفنادق الصغيرة التي تبيع الحجرة بملاليم وبالطبع انعدمت فيها الخدمة والنظافة وأصبحت خطرا يهدد السياحة المصرية وبنظر علي مسيرة السياحة المصرية نجد أن دخل السياحة المصرية ارتفع من 930 مليون دولار عام 1982 ليصل إلي 7 مليارات دولار عام 2006 ويجعل السياحة أحد مصادر الدخل القومي تنافس وتتفوق علي دخل الصادرات الصناعية والزراعية ودخل قناة السويس وتحويلات المصريين العاملين في الخارج. والسؤال المطروح لماذا؟ وما الفلسفة الاقتصادية التي تستوجب أن تهمل السياحة حتي تصل إلي هذا المستوي المتدني من التسعير إن اهتمام حكومة التكنوقراط الأول هو التصدير وزيادة الدخل القومي بأي شكل ولون بالبيع وبالتصدير وبالاستثمار العربي والأوروبي وهي تحاول جاهدة أن تكون مصر احدي الدول المصدرة وأن تخرج من تصنيف الدول المستهلكة إلي مصاف الدول المنتجة وهذا هدف نبيل قد تختلف فيه الآراء والاساليب ولكن في النهاية هذه هي فلسفة حكم التكنوقراط المصري اذن يجب معاملة السياحة المصرية بنفس المنطق وعندما تعترضها مشكلة عويصة مثل مشكلة التسعير أو مشكلة ضعف الوارد السياحي علي مدي ثلاث سنوات يجب أن تستنفر الحكومة وتسرع لايجاد حلول وخاصة أن السياحة هي الأهم بصفتها صناعة تصديرية وهي بالفعل كذلك. متي يجتمع المجلس الأعلي للسياحة؟ وإن لم يجتمع لحل هذه الأزمة وهو المختص بحكم بنود القرار الجمهوري رقم 83 لسنة 2000 فمتي يجتمع؟ ومتي يحتشد لمناقشة هذه المشكلات وتقديم الآراء والحلول والاقتراح والتشريعات والنظم اللازمة للنهوض بالأنشطة السياحية مع اقتراح السياسات المطلوب الالتزام بها لتنشيط حركة السياحة في مصر وايجاد الحلول المناسبة للمشكلات والصعوبات التي يعترض نمو الحركة السياحية وتقييم التجارب الناجحة في تنشيط حركة السياحة. إن الجودة هي معيار السبق في صناعة السياحة وفهم آليات السوق والمقررة والقدرة التنافسية في صناعة السياحة العالمية تحتم الاهتمام بالجودة ومصر تفتقد هذا العنصر حتي أن الخدمة في الفنادق المصرية وخاصة ،2 ،3 4 نجوم قد تفوقت عليها الخدمة في القهاوي البلدي في الأزقة الصغيرة. إن التهريج الذي يتم في بيع السياحة المصرية لابد له من وقفة ويجب أن ينشط اتحاد الغرف السياحية في الرقابة الجادة الموضوعية غير المنحازة لأحد علي حساب الصناعة المهمة والوحيدة القادرة علي المنافسة العالمية فنحن لا نملك غيرها؟!! إن السياحة المصرية لاتزال قاطرة التنمية فهي صناعة كثيفة العمالة وتنعش أكثر من 100 خدمة مغذية ومكملة وتساهم في حل المشكلات السكانية وتعمير الصحراء وتعزز ثقافة الحوار والسلام والانفتاح وتغذي الخزانة المصرية بأكثر من 40 مليار جنيه مصري وتسهم في تحديث المدن القديمة.. فماذا تنتظر حتي تسرع في اتخاذ قرار ونقف معا صحافة وحكومة واتحاد غرف لايقاف نزيف الانحدار في الاسعار وتدني الخدمات. إن مهارة الاتصال والتواصل الايجابي احدي أهم أدوات النجاح في أي مجال فلندع إلي انعقاد المجلس الأعلي للسياحة حتي نصل معا إلي بر ونحاول أن تعثر علي جانب ايجابي وافكار ابداعية وحتي بالنسبة إلي تلك الاقتراحات التي قد نراها خاطئة فإنه يلزم أن نعالجها. ومرة أخري فإن الحفاظ علي الروح الابداعية وفتح الابواب أمام الافكار الجديدة وبعث الثقة في الافراد والقدرة علي التصحيح هي السبل الوحيدة الكفيلة بتجاوز الازمة الراهنة ولا يمكن أن يشفع حسن النية في تبرير الاخطاء.