تدور حاليا مناقشات واسعة حول العديد من القضايا الاقتصادية الساخنة التي تشغل الرأي العام المصري .. وحديث الدكتور سلطان أبو علي وزير الاقتصاد الأسبق إلي " العالم اليوم " جاء بهدف مناقشة هذه القضايا ، وتقييم أداء الاقتصاد المصري خلال عام 2006 وتوقعاته له في العام الحالي 2007 في ضوء المؤشرات المعلنة .. تناول أيضا قضية الانتاجية والربط بين الأجور والأسعار والتضخم .. وتناول مدي فعالية الجهود المبذولة لتوفير فرص العمل والتشغيل .. إلي جانب النقاش الدائر حول التعديلات الدستورية في المجال الاقتصادي والنظام الاقتصادي المطلوب في المرحلة القادمة .. وقضايا اقتصادية عديدة.. وكان هذا الحوار .. * كيف تري أداء الاقتصاد المصري خلال عام ،2006 وما توقعاتك عن الأداء الاقتصادي عام 2007 الحالي في ضوء المؤشرات المعلنة ..؟ ** أهم ما يميز أداء الاقتصاد المصري خلال عام 2006 أمرن ، الأول أن معدل النمو إرتفع ويقدر بحوالي 7%، وهذا تحسن لا بأس به إلا أنه غير كاف ، لأنه بنفس الامكانيات نحتاج إلي معدل نمو أكبر من ذلك ، وأن يكون مستداما لفترة طويلة تتراوح بين عقدين إلي ربع قرن ، حتي تبرز آثاره بطريقة جذرية .. ومعدل النمو الذي نطمح إليه بمتوسط 10% سنويا لفترة عشرين سنة ، وهذا هو الذي يحدث تغييرا جذريا في الأحوال الاقتصادية لمصر .. خاصة ونحن لدينا الامكانيات لتحقيق ذلك وقد حققت مصر ما يقرب من ذلك خلال 1974-،1983 حيث بلغ متوسط النمو في الناتج المحلي الاجمالي في هذه الفترة، ما يزيد علي 9% سنويا. وبالطبع لابد من توفير الأرضية والمناخ اللازمين لتحقيق هذا الارتفاع في معدل النمو ، وعلي وجه الخصوص ، ما يتعلق بالعمل علي زيادة الاستثمارات بصورة جذرية ، وحسن استغلال الطاقات الانتاجية المتاحة، وزيادة المدخرات حتي نمول هذه التنمية من المصادر الداخلية دون اللجوء المفرط إلي الاقتراض من الخارج . هذا إلي جانب أن تكون هناك مساءلة عامة في المجالات المختلفة ، بحيث نشجع علي الجودة والتحسين ، ونحتاج إلي سلوكيات منضبطة أيضا نحتاج إلي محاربة الفساد والعدالة في توزيع الدخل وتقليل الفقر، وهذا شرط ضروري حتي تكون لغالبية الشعب مصلحة في مستقبل عملية التنمية، إلي غير ذلك من المتطلبات اللازمة للارتفاع بمعدل النمو إلي المستوي المطلوب. الجانب الآخر الذي شهده الأداء الاقتصادي عام ،2006 هو اتجاه معدل التضخم إلي الارتفاع بعد أن كان قد أخذ في الانخفاض منذ الارتفاع الأخير له في آخر يناير2003 والذي جاء أساسا نتيجة لتخفيض قيمة الجنيه المصري في ذلك الوقت وفي ذلك العام، ارتفع معدل التضخم إلي نحو 15%-18%، بأسعار المستهلكين وأسعار الجملة، وهذا أيضا نتيجة لأننا نستورد نسبة كبيرة من إحتياجاتنا الاستهلاكية والرأسمالية، فارتفع معدل التضخم، ثم أخذ في الانخفاض بعد ذلك إلي أن حدث رفع أسعار البنزين في آواخر ،2006 فارتفع معدل التضخم إلي نحو 11% في شهر أكتوبر و12% في شهر نوفمبر ،2006 وذلك أمر طبيعي، لأن أسعار الوقود تؤثر علي المنتجات الأخري، وهذا جانب سلبي أن يرتفع معدل التضخم بهذا الشكل خاصة وأن البنك المركزي يعلن أن هدف السياسة النقدية هو استهداف أو محاربة التضخم ، وارتفاعه يضر بأصحاب الدخول المحدودة. والموضوعية تقتضي أن نشير إلي أن ارتفاع أسعار البترول عالميا انعكس بطريقة إيجابية علي إيرادات مصر، وهذا أدي إلي تحسين إيرادات الدولة، لكن أيضا قرار رفع أسعار البنزين أدي إلي تشو ه أسعار المحروقات الأخري فجعل سعر السولار والبنزين منخفضا نسبيا، وهذا يتطلب تصحيحا في أسعار المازوت والسولار.. فاذا ارتفعت أسعار هذه المواد، فمن المحتمل أن يؤدي إلي ارتفاع معدل التضخم في ،2007 وربما من أجل ذلك لم تتخذ الحكومة قرار تصحيح أسعارهما.. لكن لامفر من ارتفاعهما وعلينا أن نتخذ إجراءات أخري. أيضا من المؤشرات السلبية للأداء الاقتصادي عام ،2006 ارتفاع العجز في الموازنة العامة للدولة نسبة إلي الناتج المحلي الاجمالي وهذا العجز أخذ في الارتفاع، وهو أحد أسباب التضخم ، ويضر بمستقبل التنمية، وبالتالي لابد أن تكون هناك جهود تتجه نحو تخفيض العجز في الموازنة العامة للدولة، خاصة وأنه متوقع - حسب التقديرات الأولية - أن يكون هذا العجز في حدود 8% أو 9% نسبة إلي الناتج المحلي الاجمالي.. وإن كان قد انخفض في آواخر التسعينات إلي نحو 9% ولابد أن نعيد النظر في هذا الأمر..