يرتبط السوق الفرنسي ارتباطا وثيقا بالسياحة النيلية وبنظرة إلي حصاد السياحة المصرية في عام 2006 نجد أن السوق الفرنسي جاء في ذيل القائمة بعدد "372 ألف سائح" وهو أقل معدل للسوق الفرنسي منذ أكثر من عشر سنوات.. وفي قراءة تحليلية لهذا السوق التي تخسره مصر عاما وراء عام سنجد أن السائح الفرنسي يهمه في المقام الأول السياحة الثقافية التي تتم في الغالب عن طريق السياحة النيلية التي تعاني معاناة شديدة منذ أكثر من ثلاث سنوات ولا تتعدي نسب الانشغال عليها أكثر من 20% في أحسن الأحوال. ورغم أن بها حجم استثمار عال ورغم أسطول الفنادق العائمة فإن الإقبال السياحي عليها ضعيف جدا والأسباب معروفة ومع هذا لم نهتم بعد حتي كدنا نفقد رافدا من أهم روافد السياحة المصرية وأكثرها عمقا وهو السياحة النيلية؟!. ونطالب منذ سنوات ببحث المشكلة وأن نبدأ علي الفور حل مشكلة المراسي النيلية وتطهير مجري نهر النيل والاهتمام بالأمن الصناعي بالإضافة إلي التلوث ورداءة الأطعمة وعدم وجود أماكن للترفيه وندرة المطاعم ولكي نكون منصفين فإن ضعف السوق الفرنسي له سببان: سبب داخلي وسبب خارجي. فكثير ما نقول إن المواطن الفرنسي لم يعد يحب المغادرة بعد أحداث 11 سبتمبر وما بعدها ويكتفي بالسفر داخل فرنسا خاصة وأن لديه ما يصبوا إليه من سياق شواطيء وغيرها وهذا الكلام غير صحيح ولا يمكن تصديقه، فالشعب الفرنسي يرغب في المعرفة وحبه للسياحة الثقافية أمر متوارث خاصة الرغبة الشديدة في معرفة الحضارة الفرعونية. والسبب الآخر هو احتكار السوق، فشركة أكور الفرنسية تحتكر السوق المصري وقد أصبح عدد فنادقها أكثر من 25 فندقا في أنحاء مصر وتدخل المناقصات وغيرها للحصول علي أي فندق يطرح للبيع أو الخصخصة، والمفارقة الغريبة أن عدد الفنادق يزيد ويقل عدد السواح، هذه الفزورة تحتاج إلي تحليل وبحث، كيف يكون لشركة هذا الكم من الفنادق ولا تسوق له أو تحاول الضغط علي صانعي القرار في حل المشكلات التي تقف عائقا أمام تقدم السوق؟ وكيف تغطي نفقاتها؟ ولماذا الاصرار علي تملك أكبر عدد من الفنادق في الوقت التي تعاني فيه من قلة الوارد السياحي الفرنسي؟!. وقد كان السوق الإنجليزي في الأعوام السابقة يعاني من قلة الوارد خاصة بعدأحداث 1997 الإرهابية، ويتشابه السوق الإنجليزي مع السوق الفرنسي في انهما ينتميان إلي السياحة الثقافية في المقام الأول، ومع أن السائح الإنجليزي يحتاج أكثر من الفرنسي إلي مستوي عال من الخدمة والأداء فقد قفز السوق الإنجليزي متعديا كل المشكلات ووصل لأول مرة في تاريخ السياحة المصرية لتصدر قائمة الدول العشر الكبري المصدرة للسياحة إلي مصر، وتعدي المليون سائح ب 33 ألفا، وهذا الإنجاز الخطير يجب أن ينبهنا إلي المكاتب السياحية في الخارج فما فعله رئيس المكتب السياحي في انجلترا ليس سحرا والرجل لا يحمل مصباح علاء الدين ولكن بالجهد المضني والبحث في السوق والاتصالات المستمرة مع وكلاء السفر والتعامل المباشر مع الشركات السياحية الكبري في انجلترا وتوجيه السائح إلي أماكن أخري ترضي تعطشه إلي الأماكن البكر مثل طابا ومرسي علم، والاتصال المباشر بالإعلام الإنجليزي وشرح مستمر للأوضاع في مصر وطرح المواقع السياحية الجديدة وحل مشكلات الطيران العارض.. أدي إلي وصول السياحة الإنجليزية إلي هذا المستوي المشرف؟! 9 ملايين و83 ألف سائح زاروا مصر في عام 2006 بزيادة علي عام 2005 قدرها 5.5% وهذا النمو الضعيف للوارد السياحي إلي مصر يضع القائمين علي صناعة السياحة في مصر في مأزق، فقد انتهي العام الأول لبرنامج السيد الرئيس والذي وعد فيه بزيادة السياحة الواردة إلي مصر إلي مليون سائح سنويا وها نحن للعام الثالث علي التوالي لم نحصل بعد علي مليون سائح فماذا أنتم فاعلون يا سادة السياحة المصرية وما هو برنامجكم لزيادة النمو في العام الحالي، فلاتزال السياحة النيلية في أشد الاحتياج إلي الاهتمام وفتح ملف الطيران في مصر ووجب أن تكون هناك وقفة تجاه محاولة تكسير عظام الشركات الخاصة فقد خلا السوق تقريبا من الشركات المصرية الخاصة في ظل نظام الاحتكار الخفي الذي يمارس من تحت الحزام؟!.