أعد الملف: محمود مقلد - محمد نصر الحويطي - مني البديوي التأمين الصحي في مصر، خلال ما يقرب من اربعة عقود يمثل ادق وحدة قياس تكافلية في المجتمع وذلك بفعل عدة عوامل، في مقدمتها كونه اهم استثمار مجتمعي موضوعة صحة المواطن وبما يرتبط بها من كفاءة الاداء والنهوض المجتمعي، وايضاً لتأثره طوال الاربعة عقود بالانعكاسات السياسية والاقتصادية التي تمر بها الدولة. ورغم الجدل الكبير ورغم ان التأمين الصحي نظام تكافلي يختص بصحة المنتفعين به فإنهم لم يكونوا في اي مرحلة من المراحل ضمن فريق وضع السياسات لهذا النظام واحتكرت الدولة بمختلف سياساتها الاقتصادية ادارته ووضع القوانين المنظمة له. ويحكم نظام التأمين الصحي في مصر منذ اعلانه عام 1964 سبعة قوانين معمول بستة منها حتي الان بعد استبدال القانون رقم 63 لسنة 1964 بالقانون رقم 79 لسنة ،1975 وهي المرة الوحيدة في تاريخ التأمين الصحي التي استبدل فيها قانون بآخر، اما المتبع هو صدور القوانين علي مر السنين لاسباب سياسية ولحظية دون نظرة شاملة للنظام واستمرار العمل بها جميعا مما ادي الي نوع من التضارب والتداخل، وبجانب القوانين السبعة، اثنا عشر قرارا منها اثنان لرئيس الوزراء وعشرة لوزير الصحة. ومن اهم القوانين التي تحكم نظام العمل بالتأمين الصحي القانون رقم 32 لسنة 1975 وقانون التأمين الاجتماعي الصادر بقانون رقم 79 لسنة 1975 متضمنا الباب الرابع في تأمين اصابات العمل والباب الخامس في تأمين المرض والباب السادس في شأن انشاء صندوق لعلاج الامراض واصابات العمل وتمويله وادارته واختصاصاته. والتسوية في الحقوق والالتزامات التأمينية للعاملين في قطاع واحد هي سمة من سمات التأمين الاجتماعي الا ان تداخل القوانين تعارض مع هذا المبدأ. ورغم ارتفاع عدد المنتفعين بنظام التأمين الصحي من 140 الفاً عام 1965 الي 37 مليون منتفع عام ،2005 فإن مظلته التي بدأت بتغطية فئة الموظفين والعمال عام 1964 لم تتسع بعد لتشمل جميع الفئات الممجتمعية وظل العديد من الفئات المجتمعية المختلفة خارج هذه المظلة يعاني من ويلات المرض ويتسول العلاج من الدولة تارة ومن اهل الخير تارة اخري. ولما كانت الدولة هي المحتكر الوحيد لوضع السياسات وادارة التأمين الصحي فكان من الطبيعي ان تنعكس المتغيرات الطارئة علي الدولة علي اسلوب هذا النظام التكافلي ووقف التأمين الصحي بين السياسات الاقتصادية القديمة والحديثة تتجاذبه المفاهيم التكافلية من جهة والمفاهيم الاستثمارية من جهة اخري وتعددت الرؤي لادارة هذا النظام وان اتفقت جميعها علي اهمية اتساع مظلة التأمين الصحي لتشمل جميع الفئات المجتمعية. والعالم اليوم تفتح ملف التأمين الصحي علي مدار حلقتين تناقش من خلالهما الاراء والرؤي المختلفة حول هذا النظام لما له من اهمية كبيرة علي المجتمع المصري اقتصاديا ومجتمعياً.