بدأت إسرائيل في احتلال مواقع اختارتها بعناية داخل الاراضي اللبنانية واعلنت انها لن تجتاح الجنوب وتحتله كما فعلت في مرات سابقة وتدرك اسرائيل ان احتلالها الدائم للجنوب سيكلفها خسائر باهظة ويضع قواتها تحت رحمة المقاتلين في صفوف المقاومة اللبنانية الذين ينجحون في شن حرب عصابات لا تستطيع القوات النظامية ان تتصدي لها باستمرار. وتستهدف اسرائيل احتلال نقاط استراتيجية في الجنوب اللبناني تشرف علي الاراضي اللبنانية والاسرائيلية في آن واحد في محاولة لوضع حد لاطلاق صواريخ حزب الله ضد اراضي شمال اسرائيل، ويقول الخبراء ان هذه الخطة مشكوك في قدرتها علي وقف الهجمات الصاروخية التي تطورت وسائل اطلاقها بحيث يمكن اطلاقها من منصات متحركة تضرب وتختفي بسرعة وسط الكتلة السكانية. وحتي الان تبدو اسرائيل عاجزة - رغم الهجوم الدموي - عن وقف الهجمات الصاروخية وهو ما يسبب نوعا من الجنون للقادة العسكريين الذين يتحكمون في ترسانة حربية ضخمة ووسائل الكترونية لم تستطيع بعد ان تحد من التعرض للصواريخ التي الحقت خسائر بالجانب الاسرائيلي. وحجم الخسائر في هذه الحالة ليس مهما كأن نقول ان صاروخا ادي الي مقتل واحد او تدمير سيارة او اضرار مادية بالممتلكات ولكن الصواريخ التي يطلقها حزب الله تسبب اهتزازا في الثقة بقدرة اسرائيل علي الردع وتخدش القوة العسكرية التي تتباهي بها اسرائيل وتهدد باستخدامها ضد سوريا او ايران او اي من جيرانها الاخرين. والقدرة علي الردع بواسطة القوة العسكرية الاسرائيلية باتت محل نظر بعد المواجهات الاخيرة مع حزب الله ليس بمعني قدرة حزب الله علي هزيمة الآلة العسكرية الاسرائيلية وانما باثبات عجز القدرة الاسرائيلية العسكرية عن توفير الامن للمجتمع الاسرائيلي. ومن هنا يتضح ان حسابات القوة لا تقتصر فقط علي قدرتها علي احداث الخسائر او حجم تلك الخسائر، ولا تتوقف عند امكانية الحاق هزيمة مباشرة بها وانما بامكانية تلك القوة علي تحقيق مكسب سياسي يظهر في تنازل الطرف الاخر او قبوله بشروط معينة. ولذلك نقول ان المكاسب التي ربما يحصل عليها حزب الله من خوض حرب دون اتفاق سياسي مع اطراف الازمة الاخرين وقيامه منفردا باتخاذ الحرب وفتح جبهة قتال دون استئذان او ما اشبه لا يؤدي الي مكاسب سياسية حقيقية.. وكذلك لجوء اسرائيل الي تدمير البنية التحتية للبنان لن يوقف - مطلقا - اي صاروخ مراوغ تطلقه جماعة المقاومة من هنا او هناك ليظل الامن مهددا بسبب عدم وجود صيغة سياسية تحميه، وفي النهاية وبعد جملة من الخسائر لن يجد الجميع مفرا من اللجوء الي لغة السياسة لانهاء ما بدأه القتال.