نظرا لأن قطاع الحرفيين وأصحاب الأعمال الصغيرة يمثل شريحة عريضة من مجتمعنا المصري ونظراً لأنه قطاع له عدة مميزات خاصة اهمها ان مفردات هذا القطاع لا تمتلك أية أوراق تمكنها من الاقتراض وبشكل طبيعي من الجهاز المصرفي فلا توجد أي نوع من التأمينات الاجتماعية او الملفات الضريبية أو أي أوراق ملكية لمكان ثابت لمزاولة المهنة أو الحرفة. وقد طرق البنك الوطني للتنمية وبشكل مؤثر باب هذا القطاع ومنذ عام 1989 بهدف رفع مستوي معيشة المتعاملين مع البنك من هذا القطاع وبالتبعية الاسهام وبشكل مباشر في نمو الطلب المحلي بالسوق المصري وكان للبنك نموذج خاص به يختلف وبشكل كلي عن نموذج جيرامين بنك وهو النموذج الأشهر في العالم. وبدأ البنك الوطني للتنمية بمنح هذا القطاع قروضا من 50 جنيها وحتي 2500 جنيه وبدون أي ضمانات أو تقديم أي أوراق ومستندات لمدد تتراوح ما بين اسبوع وحتي 10 شهور وكل ضمانات البنك تتمثل في الاستعلام الجيد عن العميل ووجود نشاط قائم بالفعل له ثم التواجد المستثمر والمتابعة الرؤوية للعميل بعد منحه القروض. وهذا النموذج الفريد للبنك جعله محط أنظار الباحثين من داخل مصر وخارجها وجعلت الهيئات الدولية المتخصصة تضعه في المرتبة الثالثة علي مستوي العالم في الجهات المتخصصة في منح الاقراض المتناهي الصغر، كما تحدثت تلك الجهات كثيرا عن تجربة جمعيات رجال الأعمال المصرية والتي دخلت التجربة بعد البنك الوطني للتنمية وبدأت في تنفيذ مشروع لاقراض اصحاب المشروعات الصغيرة يماثل نموذج البنك الوطني بمدينتي القاهرة والاسكندرية ثم توسعت في مدن أخري. ثم بدأ بنك القاهرة خوض التجربة منذ 4 أعوام وبلغ ما تم ضخه 750 مليون جم تمثلت في منح 240 ألف قرض ل 120 ألف مقترض لفترة زمنية تصل إلي 3 شهور فقط وحسب ما أدلي به مسئولو البنك مؤخرا فقد تم تصنيف البنك بأنه الأول في منطقة الشرق وقد استطاعت الجهات المانحة لهذا النوع من الاقراض أن تحقق المميزات التالية: ارتفاع مستوي معيشة أغلب المتعاملين مع نظام الاقراض المتناهي الصغر وبشكل ملحوظ. - الحد من البطالة في قطاع يمثل قاعدة الهرم الاجتماعي بمصر. - إحياء صناعات تراثية كادت أن تندثر مثل صناعات الحصير من السماد الطبيعي والسجاد اليدوي. - الحد من الهجرة الداخلية (من الريف للحضر) وما تمثله من ضغط علي المرافق والبني التحتية لهذه المدن وانتشار العشوائيات وما يترتب عليه من زيادة في معدلات الجريمة. - تغيير سلوكيات بعض مفردات المجتمع وتحويلها لمفردات ذات سلوك قويم ايجابي تضيف قيمة للمجتمع وللاقتصاد. - تنظيم 25% من المتعاملين بانتظام مع البنوك والجمعيات من قطاع الحرفيين واصحاب الأعمال الصغيرة وبدأ امساكهم لدفاتر محاسبية بسيطة واشتراكهم في نظام التأمينات الاجتماعية تمهيدا لتعاملهم مع فروع البنوك التجارية كعميل يتم منحه قروضا وتسهيلات ائتمانية خارج نظام القروض متناهية الصغر. - حدوث نوع من أنواع الشتل أو الاستزراع لبعض الصناعات في أماكن التمويل (الأماكن التي بها فروع للبنوك والجمعيات المانحة لهذا النوع من الاقراض) مثل نزوح بعض منتجي الدواجن من بلدة برما الشهيرة والمتخصصة في تلك الصناعة إلي بلدة قرية ابن العاص بمحافظة الشرقية وكذا بعض صناع الموبيليا من دمياط لمركز فاقوس بمحافظة الشرقية واقامتهم لصناعات متخصصة ونقل خبراتهم لمن يريد إلا أن هناك صعوبات جمة تعوق تحقيق المميزات السابق سردها بشكل واسع يتماشي مع طموحات المسئولين. وأهم تلك الصعوبات علي الاطلاق ارتفاع تكلفة هذا النوع من الإقراض والذي يتطلب متابعة مستمرة من قبل مانحي القروض للعملاء وارتفاع التكلفة يعني وبالتبعية ارتفاع فائدة هذا النوع من الإقراض وهو ما يمثل عنصر طرد لشريحة كبيرة من قطاع الحرفيين واصحاب الأعمال الصغيرة فتنخفض الاستفادة من خصائص التوسع في الاقراض. كما ان اغلب رجال البنوك ينظر بحذر لهذا النوع من الإقراض مما قد يضع العراقيل أمام التوسع فيه. ولكي يتم تفعيل هذه القروض فنوصي بدراسة فكرة خروج هذه ا لقروض من تحت عباءة البنوك بتحويلها (تحويل الإدارات القائمة بمنحها) إلي شركات مساهمة وكيان مستقل عن البنك وضعا في الاعتبار أن جمعيات رجل الأعمال بدأت نتائجها تتخطي نتائج البنوك. وفي رأي كثير من المحللين فإن استحواذ التجاري الدولي علي الوطني للتنمية بفروعه المتخصصة في منح الاقراض المتناهي الصغر سيمثل عنصر قوة للبنك التجاري الدولي ولكنه لن يضيف لقائمة الدخل ايرادات بشكل مؤثر واستحواذ بنك مصر علي بنك القاهرة لابد وان يسبقه دراسة تفعيل دور الادارة المسئولة عن منح هذه القروض ببنك القاهرة في الهيكل الاداري لبنك مصر حتي لا تشكل تلك القروض عبئا علي دولاب العمل ببنك مصر مستقبلا.